دعم "أحزاب الموالاة" للدستور الجديد يطعن خطاب التغيير في الجزائر

حزب التجمع الوطني الديمقراطي يستبق القوى السياسية، في إعلان دعمه للتعديل الدستوري قبل الكشف عن الوثيقة النهائية.
الاثنين 2020/08/31
هاجس الشرعية ينغص أجندة السلطة

الجزائر – سرّعت الأحزاب الموالية للسلطة في الجزائر من وتيرة التعبئة والتنظيم تحسبا لتمرير مشروع الوثيقة الدستورية الجديدة، المزمع طرحها للاستفتاء الشعبي في الفاتح من نوفمبر القادم، الأمر الذي يرجح كفة المرور إلى حيز التنفيذ، رغم المعارضة الشعبية التي تخيم على البلاد.

واستبق حزب التجمع الوطني الديمقراطي الموالي للسلطة، القوى السياسية، في إعلان دعمه للتعديل الدستوري المنتظر، حتى قبل الكشف عن الوثيقة النهائية التي ستعرض على البرلمان للتصديق عليها ثم الاستفتاء.

وبالموازاة مع ذلك تستعد القوى الحزبية والأهلية، لتعبئة قواعدها من أجل الغرض المذكور، وسط أجواء تعيد سيناريو نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، إلى الأذهان، لما كانت القوى الداعمة له تتسابق لإرضاء أجنداته، رغم رفضها من الشارع، حيث تتسابق نفس القوى الآن لأداء نفس المهمة وفي نفس المناخ المحتقن.

ويبدو أن الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يراهن على المجتمع المدني ليكون الشريك المستقبلي للسلطة، ويحاول تجاوز تجربة التحالف السياسي السابق، سيجد نفسه تحت ضغط نسيج متجدد من الأحزاب والتنظيمات والنقابات التي تريد العودة إلى عباءة السلطة وتقوم الآن بعرض خدماتها لإنجاح مرور الدستور الجديد.

وصرح الأمين العام الجديد لحزب التجمع الوطني الديمقراطي طيب زيتوني، بأن “حزبه يعلن دعمه المبكر للدستور الجديد، وأنه بصدد حشد قواعده النضالية والشعبية من أجل المشاركة الإيجابية في الاستفتاء الشعبي، أملا في إرساء قواعد مشروع الجزائر الجديدة”.

طيب زيتوني: حزب التجمع الوطني الديمقراطي بصدد حشد قواعده من أجل المشاركة في الاستفتاء الشعبي
طيب زيتوني: حزب التجمع الوطني الديمقراطي بصدد حشد قواعده من أجل المشاركة في الاستفتاء الشعبي

ولا يختلف موقف الحزب المذكور عن مواقف الأحزاب الأخرى، التي شاركته التحالف الرئاسي المؤيد لبوتفليقة منذ العام 2005 إلى غاية العام 2014، الأمر الذي سيلعب في غير أجندة السلطة الجديدة، لكونه يكرس “تهم تجديد النظام وليس تغييره”، التي ترفعها المعارضة الراديكالية والحراك الشعبي، ويمنح ذريعة إضافية لهؤلاء، على أن النظام بصدد ضخ دماء جديدة في أوصاله وليس تحقيق مطالب التغيير التي رفعت منذ 2019، لكونه احتفظ بنفس الأدوات السابقة في إدارة شؤون البلاد.

ويكون احتفاظ حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، بوجوه من العهد البوتفليقي ومن رموز المرحلة السابقة، في تشكيلة المكتب السياسي الجديد المعلن عنها في بحر هذا الأسبوع، على غرار محمود خوذري، محمد عليوي، مسعود شيهوب.. وغيرهم، أحد مؤشرات احتفاظ النظام بأدواته القديمة.

ورغم رجحان كفة مرور الوثيقة الدستورية في الاستفتاء القادم، إلا أن هاجس الشرعية بقي ينغص أجندة السلطة، كونها فشلت في استحداث آليات جديدة بعيدا عن التركة الحزبية الموروثة عن العهد البوتفليقي.

وكانت اللجنة المكلفة بالوثيقة الجديدة قد استقبلت مئات الاقتراحات والأفكار من الأحزاب والجمعيات والتنظيمات والشخصيات المستقلة، إلا أن المعالم النهائية للوثيقة ما زالت مجهولة، خاصة بعد الجدل الذي أثير حول عدد من القضايا التي طرحت في المسودة والمتعلقة بمسألة الهوية ونائب الرئيس المعين ودور الجيش والمحكمة الدستورية.

وجاء الإعلان عن تنظيم الاستفتاء الشعبي في مفتتح نوفمبر القادم، ليضيف لغطا جديدا، بين المرحبين بالاستلهام من قيم عيد الثورة والمزج بينها وبين الدستور، وبين المنتقدين الذين عابوا على السلطة توظيف كل الأوراق لصالح أجندتها ولم يسلم منها حتى عيد ثورة التحرير (الفاتح من نوفمبر)، الذي يشكل إرثا مشتركا لجميع الجزائريين مهما اختلفت توجهاتهم وأيديولوجياتهم. 

وتعول السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، كثيرا على الاستفتاء الشعبي على الدستور، من أجل تحقيق شعبية جديدة، ترمم بها أزمة الشرعية التي لفت بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما سيمكنها من طي صفحة الحراك الشعبي والاحتجاجات السياسية والذهاب الى تنفيذ أجندة جديدة تصبح فيها هي الماسكة بكل الخيوط المتحركة في البلاد.

4