خوان غويتيسيلو والجوائز
يواصل الكاتب الأسباني خوان غويتيسيلو الاستقرار بمدينته المفضلة، مراكش المغربية، وهو قد أقفل منذ مدة الرابعة والثمانين من عمره. لقد جعل الرجل من مدينته تلك، التي اختار أن يقطنها منذ سبعينات القرن الماضي، مأواه الأبدي، ومعبره إلى التعرف إلى الآخر والاحتفاء بثقافته.
يفضل غويتيسيلو الكتابة والحياة بعيدا عن حسابات الجوائز التي قد تغري الكثيرين. غويتيسيلو يقول عن ذلك “أنا بالفعل لا أفكر في الجوائز، وأحيانا أعتقد أنهم يمنحونها لي لكبر سني، إنه نوع من الخشية من فقدان الآخر والسعي إلى تكريمه قبل هذا الفقدان”. لذلك كان عاديا أن يرفض غويتيسيلو الجائزة الدولية للأدب التي كان يمنحها القذافي.
في سنة 2013، كانت ليبيا، الخارجة للتوّ من ثورتها، ضيفَ شرف المعرض الدولي للنشر بالدار البيضاء، الذي أديره. وأثناء الإعداد، توصلنا باقتراح من وزارة الثقافية الليبية يهم برمجة حفل تسليم درع من الدولة الجديدة لغويتيسيلو امتنانا من الثورة للرجل الذي كان قد رفض جائزة القذافي في عز جبروته. واحتاج الأمر منا مفاوضات مع غويتيسيلو الذي لم يحبذ الأمر، لأنه يعتبر موقفه من الجائزة واجبا. وبعد اتصالات عديدة، قبل غويتيسيلو الأمر، لكنه اشترط تحديدَ سيناريو اللقاء. أن يكون اللقاء حول كأس شاي، مع وزير الثقافة الليبي، بعيدا عن الجمهور وعن وسائل الإعلام. وتم الأمر كما شاء.
في مقابل ذلك، كان خوان غويتيسيلو سعيدا بحصوله على جائزتين لم يبحث عنهما. الأولى هي جائزة محمود درويش، التي عادت إليه سنة 2011، اعتبارا للتراكم الذي حققه على مستوى النصوص الروائية والمقالات الصحفية ونصوص الرحلات، والتي عبر غويتيسيلو، من خلالها، عن مقت لكل أنساق القهر وعن التزام رائع بالقضية الفلسطينية وجميع القضايا الإنسانية العادلة، كما أكدت ذلك كلمة الجائزة. أما آخر الجوائز التي حصل عليها غويتيسيلو فهي جائزة سيرفانتيس للآداب، وهي الأرفع من نوعها التي تمنح للكتاب الذين يكتبون بالإسبانية. غويتيسيلو قبل الجائزة لأنها، كما يرى، بلا بروتوكولات وبلا لجنة تحكيم، مما يعني أنها غير خاضعة لمعايير السوق.