خزانة الإسكوريال

السبت 2015/04/04

في سنة 1614، اضطر السلطان المغربي مولاي زيدان إلى نقل مكتبته الخاصة، في خضم صراعه مع أبي محلي، عبر سفينة إلى مدينة أكادير. غير أن السفينة ستتعرض للاستيلاء من طرف القراصنة بعد أن توجه بها ربانها إلى مرسيليا بسبب خلاف مادي مع السلطان، وسينتهي المآل بالمكتبة إلى دير الإسكوريال، على بعد كيلومترات من مدريد، بأمر من الملك فيليب الثالث.

مخطوطات الإسكوريال ستغري المستشرقين والمفهرسين، خصوصا لتوفرها على ذخائر قد لا توجد في أيّ مكتبة أخرى، ومنها مخطوطة “لباب المحصل في أصول الدين” لابن خلدون، وهي نسخة فريدة بخط مؤلفها، و”القانون في الطب” لابن سينا.

اللبناني ميخائيل الغزيري كان أول المفهرسين الذين أمضوا سنوات في تحليل الرصيد العربي للمكتبة، وقد نشر في ما بين سنتي 1760 و1770 فهرسه في جزأين، بمدريد. وهو العمل الذي سيتم تعريبه سنة 1811، باقتراح من محمد بن عبدالسلام السلوي وزير السلطان سليمان العلوي. وتوجد الترجمة في نسخة خطية بالخزانة الملكية بالرباط. في سنة 1884، سيصدر المستشرق الفرنسي هارتج ديرنبورغ “الفهرس العربي للإسكوريال” بباريس، ليعود المستشرق ليفي بروفنصال، سنوات بعد ذلك، إلى إصدار فهرس ثالث.

المغرب حاول أكثر من مرة استعادة مكتبة مولاي زيدان؛ كان هذا المطلب حاضرا في عدد من الرحلات التي قام بها سفراء عدد من السلاطين إلى إسبانيا، الإسبان تعاملوا مع الأمر بدهاء، عاد محمد المدعو حمو بن عبدالوهاب الوزير الغساني، خاوي الوفاض من رحلته التي قام بها بتكليف من السلطان إسماعيل بن الشريف سنة 1660.

أما أحمد الغزال، سفير محمد الثالث، فقد استطاع مبادلة ثلاثمئة من أسرى الإسبان لدى المغرب بما يقابل عددهم من الكتب، في حين حصل محمد ابن عثمان المكناسي، سفير نفس السلطان، على مخطوطات عربية كهدية من كارلوس الثالث.

وفي كلا الحالتين، كانت المخطوطات المحصل عليها من خارج مكتبة الإسكوريال، التي يتم اعتبارها من طرف الإسبان محبسة. السفير ابن عثمان اكتفى بتدوين خيبة أمله في نص رحلته “الإكسير في افتكاك الأسير” قائلا “فخرجت من الخزانة بعد أن أوقدت نار الأحزان بفؤادي نارها، وناديت يا للثارات فلم يأخذ أحد ثأرها، يا ليتني لم أرها”. أما المكتبة الوطنية بالرباط فقد حصلت، قبل مدة فقط، على نسخة ميكروفيلمية للتراث العربي المخطوط بالإسكوريال، وذلك بعد أربع عشرة سنة على إهداء إسبانيا لنسخة مماثلة إلى مكتبة الإسكندرية.

وبذلك ظلت إسبانيا وفية للأمر الذي كان قد وضع على باب الخزانة، كما وصف ذلك محمد بن عثمان المكناسي في رحلته التي قام بها سنة 1779، والذي كان نصه “أمر البابا أن لا يخرج من هذه الخزانة شيء”.

كاتب من المغرب

17