حكومة وحدة وطنية في ليبيا تطوي صفحة الانقسام

الاقتصاد وتحسين الخدمات أبرز أولويات عبدالحميد الدبيبة.
الخميس 2021/03/11
الدبيبة: لن نسمح باندلاع الحرب من جديد في ليبيا

سرت (ليبيا) – تطوي مصادقة البرلمان الليبي بالأغلبية على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة رجل الأعمال المصراتي عبدالحميد الدبيبة، صفحة الانقسام التي استمرت لنحو سبع سنوات تخللتها حروب وفوضى في مختلف مناطق ليبيا وأقاليمها.

وتمثل موافقة البرلمان على حكومة الدبيبة، بتأييد 132 صوتا ومعارضة صوتين في جلسة عقدت في سرت، أكبر فرصة تسنح منذ سنوات لإيجاد حل للصراع الليبي.

وتشمل الحكومة 26 وزارة، وست وزراء دولة، مع نائبين لرئيس الحكومة.

ولم يقم رئيس الحكومة بتسمية وزير الدفاع، وقال “إنه سيحتفظ بها لنفسه مرحلياً لحين الوصول إلى اتفاق بشأن هذه الحقيبة الوزارية”.

وبدأ الانقسام الليبي في يونيو 2014 بعد انقلاب ميليشيات مدعومة من تيار الإسلام السياسي على نتائج الانتخابات التشريعية في ما عرف حينذاك بعملية فجر ليبيا التي انتهت بطرد الحكومة والبرلمان الشرعيين إلى شرق البلاد.

ولم تفلح الجهود الأممية منذ ذلك الوقت في إيقاف الصراع المسلح الذي تأجج بعد محاولة الجيش الفاشلة في السيطرة على العاصمة في أبريل 2019.

وبدد منح البرلمان الثقة للحكومة مخاوف كانت تساير الكثير من الليبيين من أن يرتفع عدد الحكومات في البلاد إلى ثلاث وهو نفس السيناريو الذي عاشته ليبيا عقب رفض البرلمان في 2016 منح الثقة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، قبل أن تقوم القوات الموالية لها آنذاك بطرد ما يسمى بحكومة الإنقاذ، لكن الحكومة المؤقتة بقيت تمارس مهامها من شرق ليبيا.

سليمان البيوضي: أهم إنجاز لحكومة الدبيبة سيكون توحيد المؤسسات

وتعهد كل من السراج ورئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثني بتسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة.

ولقي منح البرلمان الثقة لحكومة الدبيبة ترحيبا من قبل عدد من الدول في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا ومصر والإمارات. وتواجه هذه الحكومة تحديات سياسية وأمنية واقتصادية.

وتعهد الدبيبة في كلمة عقب نيل حكومته الثقة بعدم السماح باندلاع الحرب من جديد. كما تعهد باستئناف عمليات البناء التي توقفت منذ أحداث إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011.

وقال الدبيبة عقب مصادقة البرلمان على حكومته “كان لدينا ما يزيد عن 18 ألف رافعة بناء تعمل في ليبيا واليوم جميعها متوقفة”.

ويعد الملف الأمني واحدا من أهم الملفات المعقدة التي سيواجهها الدبيبة لاسيما مسألة إخراج المرتزقة وحل الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة.

وقال الدبيبة في كلمة أمام البرلمان، الثلاثاء، “المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولا بد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم، وهو أمر يتطلب الحكمة والاتفاق مع الدول التي أرسلتهم”. وأضاف “سنتصل مع بعثة الأمم المتحدة لبحث إخراج هذه القوات”.

وبحسب الناشط والمحلل السياسي سليمان البيوضي “سيكون أهم إنجازات هذه الحكومة هو توحيد المؤسسات الليبية، لكن أعظمها قطعا هو فتح الطريق العام (الساحلي) وربط أواصر الوطن، وأن يتحرك الليبيون في أمن بين قراهم ومدنهم يتواصلون ويتزاورون”.

وأضاف البيوضي “لن أطمح في أن تتوقف الحرابة على الطرقات فجأة لكن يكفي أن تكون آمنة في أوقات النهار، إن استطاعت هذه الحكومة إنهاء أزمة الكهرباء ولم نتعرض في الصيف إلى الظلام التام ولم تتجاوز ساعات طرح الأحمال 5 ساعات فهذا يعني أننا أمام حكومة نموذجية بمقاييس سابقاتها”.

وتعاني ليبيا منذ سنوات من الانقطاع المستمر للكهرباء الذي تتزايد وتيرته أثناء فصل الصيف.

وكان الدبيبة التقى قبل نحو أسبوعين وئام العبدلي رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء. وقال المكتب الإعلامي للدبيبة إن اللقاء يأتي في إطار الاستعداد لعمل الحكومة بالشكل الذي يسهم في تحسين جودة الخدمات واستدامة إمدادات الطاقة بشكل عاجل.

ونقل المكتب الإعلامي عن الدبيبة قوله “تقع علينا مسؤولية مشتركة لاستقبال الصيف بالحد الأدنى من الانقطاعات في الكهرباء”.

وتابع البيوضي “إذا انتهت أزمة الطوابير فهذا يعني أننا خطونا أولى خطوات الأمل، وسيكون الفيصل هو وصولنا إلى انتخابات بشكل آمن ومستقر”.

ويعاني الليبيون منذ سنوات من تأخر صرف رواتبهم وشح السيولة في البنوك إضافة إلى ارتفاع الأسعار المرتبط أساسا بارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار الليبي في السوق السوداء. ويرى مراقبون أن استقرار سعر الصرف هو أول اختبار سريع للدبيبة وحكومته.

وقال رجل الأعمال خالد العجيلي (42 عاما) في أحد مقاهي طرابلس “من الجيد أن تكون لنا حكومة واحدة بعد قرابة ثماني سنوات.. ولكن الأهم أن الحكومة تلتزم بالاتفاق وتصل بالبلاد إلى الانتخابات”.

ويشكك مراقبون في إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها استنادا إلى تلميحات سابقة لرئيس مفوضية الانتخابات عماد السايح.

وقال السايح في تصريحات صحافية في فبراير الماضي إن المفوضية تحتاج إلى ثلاثة أشهر عل الأقل لتحضير الإجراءات اللازمة للانتخابات بينها تجهيز البطاقة الانتخابية، إضافة إلى أربعة أشهر أخرى لإنجاز عملية الاستفتاء على الدستور ما يعني أن ذلك يتطلب في المجمل سبعة أشهر إذا تمت الموافقة على الدستور وإذا تم رفضه فإن العملية ستتطلب أكثر من سبعة أشهر.

1