حكومة سياسية أفضل خيار متاح أمام الأردن

بشر الخصاونة مستشار الملك والأقرب إلى استيعاب رؤيته في مواجهة الأزمات.
الجمعة 2020/10/09
قريب من الملك وخبير في العلاقات الدولية

عمان - كلف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مستشاره السياسي بشر الخصاونة بتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة عمر الرزاز، في خطوة قال متابعون للشأن الأردني إنها تظهر أن العودة لرئيس حكومة سياسي أفضل خيار متاح إلى أن يتم العثور على مخرج من أزمة تراجع التحويلات وتوقف المساعدات من الخليج وأزمة كورونا.

وعزت مصادر أردنية مطّلعة تعيين الخصاونة إلى كونه مقربا من الملك وعارفا برؤيته لمواجهة الأزمات التي تعيشها المملكة، منذ تعيينه مستشارا في أبريل من العام الماضي.

كما أن الخصاونة صاحب جاه قبلي في شرق الأردن وخبير في العلاقات الدولية ودبلوماسي سابق، ما قد يساعد الأردن على تغيير أدائه وخططه في التعاطي مع قضية السلام، خاصة بعد أن نجحت دول أخرى في طرْق ملف السلام من بوابة بناء علاقة مع إسرائيل تقوم على المصالح وتبادل المنافع، في حين بقيت هذه القضية بالنسبة إلى الأردن بمثابة عقدة يصعب حلها أو تركها.

وشغل الخصاونة حقيبة وزير دولة للشؤون الخارجية بين عامَيْ 2016 و2017، وسبق له أن كان سفيرا للمملكة لدى فرنسا (2018 – 2019) وقبلها في مصر (2012 – 2016). كما عُيّن مندوبا دائما للأردن لدى الجامعة العربية وسفيرا في كينيا وإثيوبيا.

وشغل موضوع السلام والقضية الفلسطينية حيزا هاما في خطاب التكليف، حيث أكد الملك عبدالله الثاني أن “موقفنا من القضية الفلسطينية واضح وثابت، فهي في صدارة أولوياتنا، وسنستمر في بذل كل الجهود لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على خطوط الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، وفقا لحل الدولتين”.

وتابع “سنواصل القيام بشرف مسؤوليتنا التاريخية في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات، وسنستمر في التصدي لكل المحاولات الساعية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المدينة، ونؤكد ضرورة تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطينيين”.

لكن الأولوية ستكون للملف الصحي ومواجهة وباء كورونا، حيث حث العاهل الأردني “الحكومة الجديدة على الاستمرار في اتخاذ كل الإجراءات والتدابير المدروسة في التعامل مع جائحة كورونا بشكل يوازن بين الاعتبارات الصحية، وتشغيل القطاعات الاقتصادية، والحفاظ على أرزاق المواطنين”.

وطالب الملك بأن تضم الحكومة قيادات ذات كفاءة ومتميزة، وقادرة على تحمّل المسؤولية الموكولة إليها بموجب الدستور.

ويعتقد متابعون للشأن الأردني أن الحكومة الجديدة ستسعى إلى توظيف الإمكانيات الذاتية التي تتوفر للمملكة حاليا في مسعاها لمواجهة الموجة الثانية من وباء كورونا كمهمة أساسية وعاجلة بانتظار مرحلة أخرى تسعى فيها الحكومة لإعادة بناء العلاقات مع الدول التي دأبت على تقديم مساعدات للمملكة، وخاصة السعودية والإمارات، بعد أن ثبت بالواضح لعمّان أن البحث عن بدائل أخرى ومحاولة اللعب بين الدول والأحلاف لا يحققان المكاسب التي يبحث عنها الأردنيون.

ويحتاج الأردن إلى دعم عاجل لمواجهة مخلفات أزمة كورونا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وهي مخلفات ستزيد من تعقيد الوضع بعد أن فشلت الحكومة السابقة في إيجاد حلول لمطالب الحركة الاحتجاجية منذ سنتين، ما يجعل الرهان معقودا على الدعم السعودي بالدرجة الأولى.

الخصاونة يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة من مجلس الأعيان
الخصاونة يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة من مجلس الأعيان

وتعيش البلاد على وقع الاستعداد لانتخابات نيابية مقررة في العاشر من الشهر القادم، وهو ما يجعل نتائجها تقع تحت تأثير المقاربة المحدودة للحكومة السابقة في إدارة أزمة كورونا، فضلا عن العجز في إدارة الأزمة الاجتماعية، ما قد يساعد على صعود برلمان مناوئ للحكومة.

وكان العاهل الأردني قد وجه، في خطاب التكليف، “الحكومة وجميع مؤسسات الدولة لدعم عمل الهيئة المستقلة للانتخاب، وتزويدها بكل السبل الكفيلة بضمان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة تليق بسمعة الأردن ومسيرته الديمقراطية”.

وبدأ رئيس الوزراء الأردني المكلف، الخميس، مشاوراته لتشكيل الحكومة الجديدة. وذكرت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن الخصاونة في إطار المشاورات التي يجريها استقبل رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز.

وأكد الخصاونة التزامه بما ورد في كتاب التكليف، والتشاور مع السلطة التشريعية بشقيها الأعيان والنواب بما يخدم مصالح الأردن وفي إطار الدستور.

والخصاونة (51 عاما) هو رئيس الوزراء الثالث عشر في عهد الملك عبدالله الثاني الذي تولى سلطاته الدستورية في 7 فبراير 1999.

وقال العاهل الأردني موجها كلامه لرئيس الحكومة المكلف “لقد عرفتك رجلا وطنيا، نزيها وكفؤا، وصاحب رؤية وإنجاز في جميع مواقع المسؤولية التي تبوأتها في مختلف مؤسسات الدولة، وما نتج عنها من خبرات كبيرة خلال خدمتك الممتدة في الدولة منذ عقود، وستكون، بإذن الله وتوفيقه، على قدر الأمانة والمسؤولية الوطنية الكبيرة الملقاة على عاتقك”.

وشغل الخصاونة منصب مستشار الملك لشؤون الاتصال والتنسيق منذ أبريل 2019 حتى السابع عشر من أغسطس الماضي، ثم بعد ذلك منصب مستشار الملك للسياسات في الديوان الملكي الهاشمي.

ويحمل الخصاونة درجة الدكتوراه في القانون من “لندن سكول أوف ايكونومكس”، ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية والاقتصاد من جامعة “سواس” في لندن.

1