حركة الشعب تتراجع عن دعمها للرئيس التونسي

قيادات الحزب تطالب بتنفيذ قانون متعلق بالتشغيل يرفضه قيس سعيد.
الاثنين 2021/11/22
الحسابات السياسية تفرض مراجعة المواقف

تونس - غيّر حزب حركة الشعب (ناصري) في تونس موقفه من مساندة القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، حيث طالب بضرورة تنفيذ قانون يتعلق بتشغيل أصحاب شهادات جامعية طالت فترة بطالتهم، في خطوة تعكس حسب المراقبين فشل قيادات الحزب في التقرب من قيس سعيّد الذي يرفض التعامل مع منظومة الأحزاب السياسية في البلاد.

واعتبرت حركة الشعب السبت أن “القانون عدد 38 قانون من قوانين الدولة وجب أن يُنفذ”.

ودعت في بيان صادر عنها نشرته بصفحتها على فيسبوك الحكومة إلى “مباشرة إصدار الأمر الترتيبي المتعلق بالقانون المذكور بعيدا عن استحضار كل الخلفيات والحسابات السياسية التي رافقت صياغته والمصادقة عليه”، مذكّرة بأنها كحركة صاحبة المبادرة التشريعية التي أفرزت القانون.

وطالبت الحركة الحكومة بـ”مباشرة العمل على حلحلة كل الملفات ذات العلاقة بالتشغيل الهش وملف المفروزين أمنيا على خلفية نشاطهم النقابي والسياسي في الجامعة والدكاترة المعطلين عن العمل” محمّلة الدولة “مسؤولية إدماج قوة البلاد الشبابية في المساهمة في بناء تونس الجديدة وإيقاف نزيف تحويلها إلى فريسة سهلة لعصابات الهجرة السرية والإرهاب والانحراف”.

نبيل الرابحي: قيادات الحزب كانت تعتبر نفسها قريبة من أفكار الرئيس سعيد
نبيل الرابحي: قيادات الحزب كانت تعتبر نفسها قريبة من أفكار الرئيس سعيد 

وذكّرت بأن “حركة الخامس والعشرين من يوليو التصحيحية كانت بالأساس استجابة لمطالب الشعب المنادية بدور الدولة الاجتماعي الذي تم تغييبه لفائدة دوائر الفساد ومجاميع الريع والرأسمال الطفيلي” وبأن “استعادة الدولة لدورها في التنمية هي مقياس نجاح أو فشل كل فعل سياسي مستقبلي”.

وترى أوساط سياسية أنه يوجد ارتباك سياسي داخل الحزب، يتجسد خصوصا في كيفية أخذ القرارات والمواقف، حيث يعبر كل طرف عن آراء مناقضة لآراء غيره، كما أن الحركة بعد أن كانت تمني النفس بالتقرب من الرئيس سعيد وتدعمه تراجعت عن ذلك بعد رفض الرئيس التعامل مع الأحزاب.

وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي بأنّ “الحركات القومية في الأصل غير ملتزمة بالفكر الناصري أو القومي، وتعتبر مارقة عن هذا الخط”، وقال “حركة الشعب لديها عدة مواقف يعبر عنها قادتها، على غرار زهير المغزاوي وسالم الأبيض وهيكل المكي، وغيرهم”.

وأضاف، لـ”العرب”، “الحركة في مخاض سياسي عسير وموضوع الانضباط مطروح داخل الحزب، وهناك تناقض في المواقف، وإلى حد الآن مازالت هذه الحركة لم تنضج”.

وتابع الرابحي “قياديو الحركة يطالبون بتنفيذ قانون 38، لأنهم هم من دافعوا عنه في البرلمان ورئيس البرلمان راشد الغنوشي قام بمناورة سياسية حينها، لذلك تعتقد حركة الشعب أن القانون نتاج لمجهودها السياسي”.

وقال “كانوا يعتبرون أنفسهم قريبين من الرئيس سعيد وأفكاره، لكن اليوم تغيرت المواقف، لأن قيس سعيد يرفض منظومة الأحزاب برمّتها، وما سيحدث لحركة الشعب هو ما حصل للوزير السابق والقيادي في التيار الديمقراطي محمد عبو الذي تدخل سابقا لتفعيل الفصل 80 من الدستور”.

واستطرد “هؤلاء لم يجدوا نصيبهم من الكعكة التونسية، والرئيس سعيد ينشط خارج فلك الأحزاب السياسية”.

بدرالدين قمودي: الحياة السياسية لا تستقيم إلا بإشراك الأحزاب في القرارات
بدرالدين قمودي: الحياة السياسية لا تستقيم إلا بإشراك الأحزاب في القرارات

ويبدو أن الحزب وجد نفسه معزولا في زاوية سياسية، حيث لم تجد مساندته للرئيس سوى الصدّ والرفض، لأن قيس سعيد يدعو إلى القطع مع منظومة الأحزاب التي فشلت في إدارة الشأن العام وأفرزت مشهدا منقسما تحكمه الولاءات والمصالح السياسية.

ولئن أكدت قيادات الحزب مواصلتها دعم مسار قرارات الخامس والعشرين من يوليو الماضي فإنها عبرت عن اختلافها مع الرئيس سعيد في بعض القرارات، مع الاستمرار في مساندة القرارات الصائبة.

وجدد القيادي بالحركة هيكل المكي في تدوينة على صفحته الرسمية في فيسبوك تأكيده على أن قيس سعيد مازال قائد هذه اللحظة والمنعطف الكبير في تاريخ تونس”، مستدركا “الخامس والعشرون من يوليو فرصة سنحميها ولو من قيس سعيد”.

وأكّد المكي أن “صوت حركة الشعب سيكون عاليا في وجه أي انحراف بالخامس والعشرين من يوليو”، معبرا عن “رفضه لما سمي مشروع البناء القاعدي لرئيس الجمهورية” قائلا “نحن متخوفون كبقية الشعب التونسي”.

وبدأ موقف حركة الشعب المساند والداعم بصفة كلية لإجراءات قيس سعيد يتطور في اتجاه التحذير من جمع السلطات والانفراد بالحكم واعتبر أن ذلك هو الخطر الداهم الذي يهدد البلاد، وهو ما عبر عنه القيادي في حركة الشعب سالم الأبيض.

وقال القيادي في الحركة بدرالدين قمودي “نحن ندعم مسار الخامس والعشرين من يوليو بكل ما يعنيه من أبعاد اجتماعية للدولة ومحاربة الفساد ومراقبة المنظومة القانونية”.

وأضاف، في تصريح لـ”العرب”، “نحن نقدّر أن قانون 38 جاء تلبية لمطالب شريحة اجتماعية معينة من المعطلين عن العمل، وتم إمضاؤه من الرئيس سعيّد، والتحفّظ على بعض قرارات الرئيس لا يعني بالضرورة رفض قرارات الخامس والعشرين من يوليو، ونحن مازلنا ندعم قيس سعيّد في القرارات الصائبة”.

وأردف قمودي “سندعم موقفنا بأن الحياة السياسية لا تستقيم إلا بإشراك الأحزاب”.

ورفض الرئيس قيس سعيد تفعيل القانون رقم 38 الصادر العام الماضي، والذي يقضي بتشغيل من تجاوزت بطالتهم عشر سنوات.

ووجه الرئيس سعيّد مساء الجمعة اتهامات مبطنة للحكومات السابقة بارتكاب فساد إداري وممارسة المحسوبية في التشغيل على نطاق واسع، ما دفع بالآلاف إلى الانتفاع بوظائف في مؤسسات الدولة بشهائد مزورة.

4