"تقارب عن بُعد".. معرض فني جماعي يستكشف طرقا جديدة للتواصل

المعرض يقدم سرديات جديدة للترابط الاجتماعي في وقت تتلاشى فيه الحدود بين العالمين الواقعي والافتراضي.
الأربعاء 2021/08/18
سرد لهواجس الإنسان في عالم بلا حواجز

يُساعد المعرض الجماعي “تقارب عن بُعد” الذي ينظمه المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة بالتعاون مع عدد من الجهات الدولية، على استكشاف طرق جديدة للتواصل عن بُعد من خلال عرض أعمال فنية تتناول مفاهيم التقارب المادي والعاطفي، أنجزها أكثر من عشرين فنانا يمثلون إحدى عشرة دولة.

 عمان - يتضمن معرض “تقارب عن بُعد” المقام في المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة أعمالا تنتمي للفن المعاصر وتستخدم تقنياته الحديثة، على غرار فن الفيديو، والتركيب/ الإنشاء، والفن الرقمي والمفاهيمي، وفن الملصقات، إلى جانب أعمال في النحت والرسم.

ويقدّم المعرض الجماعي أشكالا وسرديات جديدة ومتنوّعة للترابط الاجتماعي في وقت تتلاشى فيه الحدود بين العالمين الواقعي والافتراضي.

وتتوالف الأعمال المعروضة ضمن سردية بصرية ترابطية، تبنى على ما هو مستقر لتتجاوزه، وتقترح أشكالا تعبيرية عصرية تعبّر عن هواجس الإنسان وآماله وطموحاته في ظل عالم مفتوح بلا حواجز أو حدود، وفي ظل جائحة غيّرت العديد من الأفكار وخلخلت الكثير من القناعات منذ انتشارها قبل عام ونصف العام.

خالد خريس: المعرض يدفع إلى الترابط بين الفن والمجتمع

ويشتمل المعرض على أعمال لفنانين عرب وأجانب من بينهم: منى غزالة، ونجلاء عبداللطيف، وتالا أيوب، ودلال متولي، وضحى أبوالعز، وإنجي محسن، وفاطمة بت، وأمجد المستريحي، وأريان كونيغشوف، وكارينا الربيحات، وعلا عباس، وكاترينا بورتسوفا، وليلى الزعبي، ورانيا عاطف، وفيشال كوماراسوامي وياسين شيخ الصاغة.

ويبرز في المعرض فيديو تركيبي للفنانة السورية علا عباس، يحاكي آلة مجهرية فضائية، تستكشف أماكن متخيلة في الفضاء الخارجي، ويحل هذا المجهر محل التلسكوب لكسر الحاجز بين الإنسان وفكرة ارتياد فضاءات جديدة في الكون.

والتصوير عند الفنانة السورية لا ينفصل عن البناء والترميم الهندسي الجمالي الذي انبثق وتماهى تشكيليا مع دراستها الأكاديمية لفن هندسة العمارة، التي تعتبرها كتخصّص شكّلت منفذا قادها لتكوين نظرتها الحداثية المنبثقة من القيم الكلاسيكية لفكرة الوجود والخلود والجمال.

وتعرض الفنانة الأردنية دلال متولي عملا متعدد الوسائط، ينقل من خلال المقابلات والأنشطة والجدارات تجربة السكان المهاجرين في أحياء المدن، ويسلط الضوء على مفاهيم البعد والعزلة والوطن والتواصل عن بعد.

Thumbnail

وتعرض الفنانة المصرية ضحى أبوالعز عملا يتكوّن من فيديو فني يستكشف أوجه التشابه بين مرور الوقت وغياب الحيّز، حيث يستمر صوت أزيز مروحة في السقف ليندغم مع أصوات شوارع القاهرة المزدحمة، في محاولة لدمج مفاهيم الحركة والسكون والعزلة والقرب.

ويعرض كلّ من الأردني أمجد المستريحي والألماني أريان كونيغشوف مقطوعة موسيقية تجريبية بعنوان “ممرات”، وُضعت بمساهمات من أشخاص من جميع أنحاء العالم أثناء فترة الإغلاق التام التي فرضتها جائحة كورونا، إذ تم تأليف المقطوعة الموسيقية من أصوات صادرة عن مواد مستخدمة في الحياة اليومية داخل عدد كبير من المنازل.

ملامح افتراضية تتجاوز الشكل نحو الفكرة (عمل تجهيزي لعلا عباس)

ويأتي هذا الحدث الفني كجزء من “برنامج فن الأماكن العامة – منصة مصنع”، الذي أطلقه المتحف الوطني الأردني، وقام فريق بحثي ثقافي بالتنسيق والإعداد لهذا المعرض الجماعي وهم: آية العبيدي وباولا فران وربى حجازي وسما الشحروري وسامر بيطار.

وقال مدير المتحف خالد خريس إن “المعرض يندرج ضمن برنامج يحمل عنوان ‘فن الأماكن العامة – منصة مصنع’، بدأ بإطلاق دعوة للفنانين والفنانات في الأردن للمشاركة فيه، ثم اختيرت الأعمال التي تعبّر عن كيفية تفاعل الفن مع جائحة كورونا والبدائل المطروحة في هذا السياق، ثم وقع الاختيار على خمسة من الفنانين

والفنانات الذين قاموا بإطلاق دعوة عامة موجهة للفنانين في أنحاء العالم واختاروا الأعمال التي يحتضنها المعرض من بينها”.

ويهدف البرنامج إلى اقتراح أشكال وسرديات جديدة ضمن فن ما بعد الحداثة، تحاكي العصر الرقمي الجديد والظروف الصحية التي يعيشها العالم بسبب فايروس كورونا المستجد، ويدفع إلى الترابط الاجتماعي والتواصل بين الفن بأشكاله المتعدّدة وبين المجتمع، واكتشاف أفضل الطرق التي يمكن أن تحقّق هذا التواصل الذي يتمّ عن بعد.

ولتحقيق هذه الغاية، اختير عدد من الفنانين والفنانات للمشاركة بالمعرض، بعضهم قام بتنفيذ أعماله في الأردن، وبعضهم الآخر قام ببعث فكرته الفنية وتم تنفيذها تحت مظلة “مصنع المتحف”.

ويضيف خريس “تُظهر الأعمال كيفية تفاعل الفن في عصر كورونا، وأنه رغم التباعد، يمكن أن نكون قريبين من بعضنا البعض، ولأجل ذلك اشتمل البرنامج على عروض إلكترونية، وبرنامج عام يتضمن حوارات وحلقات عمل، بالإضافة إلى عدد من المسارات الفنية في شوارع مدن وأحياء تاريخية في المدن الأردنية منها عمّان وإربد وأم قيس والبترا والزرقاء والعقبة،  مع توفّر ملصقات تحتوي على رموز الاستجابة السريعة، حيث يتمكّن الجمهور من خلالها من التواصل مع الأعمال الفنية”.      

16