ترهيب الصحافيين الأتراك المعارضين ينتقل إلى الشوارع

سجلّ أنقرة حافل بالفشل في التحقيق في العنف المسلط على الصحافيين.
الخميس 2021/03/11
ليفينت غولتكين معروف بانتقاداته للحكومة

تتوالى حالات ترهيب الصحافيين المعارضين في تركيا، وتضاف إليها الاعتداءات الجماعية في الشارع والمحاكمات القضائية التي تنتهي بإصدار أحكام بالسجن على خلفية انتقاد إعلاميين للحكومة، الأمر الذي اعتبره زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو تهديدا للديمقراطية.

إسطنبول - روى الصحافي التركي ليفينت غولتكين المعروف بانتقاده للحكومة، تعرضه لهجوم جماعي في الشارع ، في حادثة تشير إلى مدى المخاطر التي يتعرض لها الصحافيون المعارضون في تركيا.

وقال غولتكين، كاتب عمود في صحيفة “ديكن” الإلكترونية ومعلق في قناة “هالك تي.في”، وكلاهما تنتقدان الحكومة التركية، إنه بعد أن نزل من سيارة أجرة، تبعته مجموعة عدد أفرادها بين 15 و20 شخصا، ثم حاصروه وبدأوا في ضربه بالقرب من استوديوهات “هالك تي.في” في إسطنبول.

وأظهرت لقطات كاميرا أمنية نُشرت في تقارير إخبارية على الإنترنت، جولتكين وهو يتعرض للركل بينما كان ملقى على الأرض في الشارع. وكتب غولتكين إثر ذلك على تويتر أن أصابعه كُسرت في الهجوم.

وفي ظهوره على قناة “هالك تي.في” بعد الهجوم، قال الصحافي إنه تلقى قبل الحادث تهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي من أعضاء حزب سياسي متحالف مع الحكومة؛ ولم يذكر اسم الحزب، لكن متابعين ذكروا أنه قبل أيام قليلة من الهجوم، انتقد غولتكين المؤسس الراحل لحزب الحركة القومية، ألب أرسلان تُركيش.

وطالبت لجنة حماية الصحافيين في نيويورك، السلطات التركية بالتحقيق في الحادثة ومعاقبة المعتدين، وقالت غولنوزا سعيد، منسقة برنامج أوروبا وآسيا الوسطى باللجنة “يتعين على السلطات التركية إجراء تحقيق شامل في الهجوم على غولتكين ومحاسبة الجناة”.

غولنوزا سعيد: يتعين على السلطات التركية إجراء تحقيق شامل في الهجوم

وأضافت “سجل تركيا الحافل بالفشل في التحقيق الكامل في العنف ضد الصحافيين يترك الإعلاميين عرضة للهجمات”.

من جهته، أدلى نظمي جونلو، حاكم منطقة باكيركوي في إسطنبول، بتصريحات لقناة “هالك تي.في” قال فيها إن المدعين بدأوا تحقيقا في الهجوم وأن الشرطة تجمع لقطات من الكاميرات الأمنية في المتاجر القريبة لتحديد هوية المهاجمين.

ووفقا لتقرير القناة الاثنين الماضي إنه لم يتمّ القبض على أي مشتبه به على الفور بعد الهجوم.

وردا على الهجوم، قال وزير العدل عبدالحميد غول في مقابلة تلفزيونية على محطة “هابرتورك” التلفزيونية إن الحكومة تخطط لاتخاذ خطوات لتحسين الأمن للصحافيين، دون أن يقدم تفاصيل حول هذه الخطوات. واكتفى بالقول إن “أمن الصحافيين أمر مهم”.

ونادرا ما تتم مقاضاة الاعتداءات الجسدية على الصحافيين في تركيا، كما وثقت لجنة حماية الصحافيين التي قامت بإرسال بريد إلكتروني إلى شرطة إسطنبول للتعليق لكنها لم تتلق ردا.

بدوره، أشار كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، إلى حادثة الاعتداء على غولتكين. وأوضح أن “الاعتداء على صحافي هو ضربة لديمقراطيتنا، فهذا غير مقبول، إذا كان من الممكن حدوث هذه الأنواع من الهجمات، وتمكن الجناة من تفادي المحاسبة ومواصلة حياتهم بكل حرية بعد أيام فقط من الإعلان عن خطة عمل حقوق الإنسان، فهذا يدل على أن هذه الخطة ليس لها أي معنى على الإطلاق”.

وأضاف كليتشدار أوغلو “غولتكين يعبر عن أفكاره بحرية على شاشات التلفزيون ومواقع الإنترنت وأحيانا في الصحف. من غير المقبول أبدا تهديد أو مهاجمة أو ضرب صحافي بسبب تعبيره عن أفكاره، ومن الضروري تقييم وتفسير الحدث بهذه الطريقة”.

وشدد زعيم المعارضة على أن بلاده بحاجة إلى إعلام حر، منددا بحالات الاعتداء على صحافيين والأحكام بالسجن في حق آخرين.

ودعا الثلاثاء ، إلى وجود إعلام حر في تركيا، لافتا إلى أنه “طالما أنك لا تبيع قلمك، بغض النظر عمن تنتقده، سنكون معك دائما. نحن بحاجة إلى إعلام حر، الإعلام الحر هو الذي يظهر لنا ما ينقصنا، سنحترم دائما العاملين في تلك المؤسسات الإعلامية”.

كما ندد كليتشدار أوغلو بأحكام السجن التي صدرت الاثنين ضد الصحافية ميسر يلدز والصحافي إسماعيل دوكيل بالسجن بتهمة “إفشاء أسرار الدولة”، وذلك على خلفية نشرهما أخبارا حول التدخل العسكري التركي في ليبيا.

وقال إن “ميسر يلدز بقيت في السجن لفترة طويلة. تمت محاكمتها هي وإسماعيل دوكيل وإدانتهما بسبب إفشاء أسرار الدولة. إنه لأمر مؤلم حقا بظهور مثل هذه الصورة فور إعلان خطة حقوق الإنسان”.

وسجلت في شهر فبراير الماضي عشرات الانتهاكات في حق صحافيين أتراك، وفق ما أكده حزب الشعب الجمهوري، حيث خضع صحافيون للمحاكمة، وحكم على بعضهم بالسجن، فضلا عن غرامات مالية في حق بعض المؤسسات الإعلامية المعارضة، وهو ما يندرج ضمن إطار تضييق الحكومة على الإعلام المعارض.

لقطات كاميرا أمنية نُشرت في تقارير إخبارية على الإنترنت أظهرت جولتكين وهو يتعرض للركل بينما كان ملقى على الأرض في الشارع

ونشر الحزب تقريره الشهري عن حرية الصحافة في تركيا، ورصد فيه أبرز الانتهاكات في شهر فبراير الماضي، مؤكدا أن 30 صحافيا على الأقل مَثلوا أمام القضاء، وحكم على خمسة منهم بالسجن لمدة 25 سنة و10 أشهر، وحُكم على إدريس سايلغان بالسجن 4 سنوات، وعلى أليكان أولوداغ بالسجن 10 أشهر بسبب منشورات على مواقع التواصل.

كما ذكر التقرير أن هناك صحافيين حُكم عليهم بالإقامة الجبرية بسبب تغطية مظاهرة جامعة البوسفور “بوغازيتشي”، وتم استهداف 20 صحافيا بالرصاص المطاطي أثناء تغطية الاحتجاجات في الأسبوع الأول من يناير الماضي.

وفرض المجلس الأعلى للراديو والتلفزيون غرامات مالية على خمس قنوات لأسباب مختلفة، من بينها قناة “فوكس” المعارضة، بذريعة نقل أخبار لا تعكس الحقيقة.

وجاء في التقرير أيضا، أنه تم منع الوصول إلى 23 منشورا إخباريا على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب أخبار تخص الرئيس أردوغان، وصهره بيرات ألبيراق، والدائرة المحيطة بهم.

ولفت التقرير إلى العقوبات المتتالية على صحيفة “إيفرنسال” المعارضة، حيث مثل العديد من الصحافيين العاملين في الصحيفة أمام القضاء، وفي ذات الوقت تم تقديم شكاوي على صحافيين آخرين من الصحيفة.

ونوه التقرير إلى أنه ما يقارب 180 عامل في المجال الصحافي فقدوا عملهم بعد إغلاق قناة “أولاي تي.في” بسبب ضغوطات الحكومة على القناة.

وبلغ عدد الصحافيين المعتقلين في تركيا، وفقا لإحصاءات نقابة الصحافيين الأتراك، 142 صحافيا، فيما ذكر مركز ستوكهولم للحرية رقما أكبر من ذلك، إذ بلغ 168، متصدرة بهذا الرقم دول العالم.

18