تركيا ترجئ تشغيل منظومة أس-400 حتى تسوية خلافاتها مع الولايات المتحدة

بالرغم من أنه فتك بآلاف الأرواح في البلدين إلا أن فايروس كورونا لم ينجح في محو الخلافات بين الولايات المتحدة وتركيا حول منظومة الدفاع الروسية أس400- التي اشترتها أنقرة، حيث حذّرت الخارجية الأميركية من أن واشنطن لا تزال قلقة من هذه المنظومة التي قد تعرّض تركيا لعقوبات في وقت أرجأت فيه الأخيرة تشغيل المنظومة.
إسطنبول- تواصل الولايات المتحدة توجيه تحذيراتها لتركيا بأن موقفها لم يتغيّر بشأن الصفقة التي أبرمتها أنقرة مع موسكو لشراء منظومة الصواريخ أس400-، في وقت يؤكد فيه مسؤولون أتراك أن بلادهم أرجأت تشغيل هذه المنظومة بسبب اجتياح وباء كورونا لتركيا.
وقال مسؤول تركي رفيع المستوى إن خطط تركيا لتشغيل أنظمتها الدفاعية الصاروخية الجديدة، روسية الصنع، تأجلت بسبب تفشّي فايروس كورونا لكن أنقرة لا تعتزم التراجع عن قرارها بهذا الصدد والذي كان سببا في تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات عليها.
وبالرغم من الأسباب المصرّح بها تعزو عدم تشغيل المنظومة إلى تفشي كوفيد – 19 إلا أن أنقرة تبحث عن تسويات مع الجانب الأميركي للالتفاف على العقوبات التي ينصّ عليها ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي ترفض دوله بدورها حصول حليف لها على هذه المنظومة.
وبدا أن التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، العضوين في حلف شمال الأطلسي، سيصل إلى حد الأزمة بسبب أنظمة الدفاع الجوي أس400- في أبريل عندما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته اعتزام تفعيل هذه الأنظمة بالرغم من تبعات ذلك، حيث تهدّد الولايات المتحدة بفرض عقوبات على أنقرة.
وكان الأتراك يترقّبون تشغيل هذه المنظومة خلال شهر أبريل لكن مصادر تركية صرحت بأن تفشي فايروس كورونا جعل الجهود التركية تتركز على مكافحة الوباء وتحصين الاقتصاد الذي خرج لتوّه من ركود العام الماضي، وعلى مدى الأسابيع الماضية لم يتطرّق الرئيس التركي وحكومته إلى ملفّ أس400- في العلن وفي الاجتماعات الوزارية.
وقال المسؤول التركي الذي طلب عدم نشر اسمه “لا عودة عن قرار تشغيل أس400- لكن بسبب كوفيد – 19، سيتم تأجيل خطة التجهيز التي كانت مقرّرة في أبريل”.
وأضاف أن الأمر قد يستغرق عدة أشهر قبل تفعيل المنظومة الروسية، مشيرا إلى أنه لا يزال يتعيّن التغلّب على بعض المشكلات الفنية.
والثلاثاء أحجمت وزارة الدفاع التركية عن التعليق على هذه المستجدات. وتعزز التصريحات الأميركية التخمينات التي تشير إلى أن الرئيس أردوغان ينتظر حسم خلافاته مع نظيره ترامب لتشغيل المنظومة الصاروخية.
وقالت مورجان أورتاجوس المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن “واشنطن لم تغيّر موقفها بشأن شراء تركيا المنظومة الروسية”.
وأضافت المسؤولة الأميركية في بيان “نواصل الاعتراض بشدة على شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي أس400- ونشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن تركيا تواصل جهودها لتشغيل هذه المنظومة”.
وتقول الولايات المتحدة إن أنظمة أس400- لا تتماشى مع دفاعات حلف شمال الأطلسي وستعرّض مقاتلات أف35- الأميركية التي تعتزم أنقرة شراءها للخطر.
وقالت أورتاجوس “نواصل على أعلى المستويات التأكيد على أن صفقة أس400- تخضع لمناقشات في ضوء قانون مواجهة خصوم أميركا من خلال العقوبات (كاتسا) وتظل عقبة كبيرة أمام العلاقات الثنائية وفي حلف شمال الأطلسي. نحن واثقون من أن الرئيس أردوغان ومسؤوليه الكبار يتفهمون موقفنا”.
ولم تتطرق الرئاسة التركية إلى أنظمة أس400- في بيان أصدرته عقب اتصال هاتفي بين أردوغان وترامب الأحد. وجاء في البيان أن الاتصال ركّز على التعاون لحماية الصحة والاقتصاد من تداعيات تفشي فايروس كورونا.
وقال ريتشارد آوتزن المستشار الكبير بوزارة الخارجية الأميركية في ندوة عبر الإنترنت قبل أيام إن نشر أنظمة أس400- في نفس المجال الجوي للطائرات الأميركية سيكون “مشكلة كبيرة” قد تثير أزمة جديدة بين البلدين.
أنقرة تبحث عن تسويات مع الجانب الأميركي للالتفاف على العقوبات التي ينصّ عليها ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو)
ويوجد بسلاح الجو التركي طائرات أف16- أميركية وكان من المقرر أن يتسلم طائرات أف35- الجديدة قبل أن تستبعد واشنطن تركيا من برنامج هذه المقاتلات بسبب تعاقدها على منظومة أس400-.
وقال آوتزن إن القضية “ليست محل حديث الآن بسبب كوفيد، لكن قبل أن يهيمن المرض على النقاش كان التفكير في واشنطن هو أن الأتراك سيُشغّلون هذه المنظومة على الأرجح في أبريل، وأن الكونغرس سيتحرك لفرض عقوبات، لا أعتقد أن أيا من ذلك قد تلاشى”.
ويقول محللون إن التأخير في نشر أنظمة أس400- يمنح أنقرة مزيدا من الوقت للنظر في خطوتها التالية لحسم الخلاف مع واشنطن ثم التوجه نحو تشغيلها.
ويشير مراقبون إلى أنه ربما يكون للتوافق الذي حدث في الآونة الأخيرة بين المصالح الأميركية والتركية في سوريا والتأثير الاقتصادي لأزمة الفايروس أثره على طريقة إنهاء هذا الخلاف.