تبون يخطط لتشكيل حزام سياسي جديد

الجزائر- أوحت المشاورات السياسية التي فتحها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مع أحزاب ناشطة في المشهد المحلي إلى أن السلطة الجديدة تتجه إلى تشكيل حزام سياسي جديد ينهي حقبة التحالف الرئاسي التقليدي، الذي دعم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة طيلة عهداته الرئاسية الأربع.
وتتناوب تباعا على قصر المرادية وجوه سياسية من الموالاة وحتى من المعارضة، في إطار جولة من المشاورات السياسية التي باشرها الرئيس تبون فور عودته من ألمانيا، لتبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا والملفات المطروحة كالانتخابات المبكرة وقانون الانتخابات الجديد والوضع السياسي والاجتماعي السائد في البلاد.
واللافت إلى حد الآن هو غياب الأحزاب السياسية التي ظلت طيلة العقدين الماضيين تشكل العمود الفقري للسلطة، حيث لم تتلق إلى حد خط هذه الكلمات لا جبهة التحرير الوطني ولا التجمع الوطني الديمقراطي ولا الحركة الشعبية الجزائرية وحزب تجمع أمل الجزائر أي دعوة من رئاسة الجمهورية لحضور المشاورات المذكورة، مما يوحي إلى تحول في مسار تشكيل المشهد السياسي في البلاد.
ويبدو أن السلطة الجديدة في الجزائر بصدد صناعة حزام سياسي جديد يتشكل من شركاء سياسيين جدد من أجل إضفاء لمسة مستجدة، حتى ولو ساد الإجماع على أن النظام تمكن من تجديد نفسه ويسوق لمرحلة جديدة بأدوات قديمة.
وعكست تصريحات كل من رئيس جبهة المستقبل بلعيد عبدالعزيز ورئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة استنساخ هذه الأحزاب للخطاب الذي كانت تنتهجه أحزاب الموالاة مع الرئيس السابق بوتفليقة، حيث شدد الرجلان على “دراية الرئيس تبون بالمشاكل الحقيقية للبلاد والتحليل العميق الذي سمعاه منه”.
ووفقا لمراقبين، لولا الجرأة التي ميزت بيان حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض في أعقاب لقاء قيادته مع تبون، والذي تضمن مطالب وخطابا صريحا تمثل في “إطلاق سراح معتقلي الرأي واتخاذ إجراءات ميدانية للتهدئة ورفع ممارسات القمع والغلق تجاه الحريات السياسية والإعلامية، والذهاب إلى اتفاق وطني مسبق يكفل كسر حاجز العزوف الشعبي عن الاستحقاقات الانتخابية”، لكانت المشاورات المفتوحة مجرد إجراءات شكلية لا غير.
ومازالت الرئاسة الجزائرية تتجاهل لحد الآن الأحزاب المهيمنة على المجالس المنتخبة وعلى البرلمان، في خطوة توحي إلى بداية قطيعة بين الطرفين، رغم انحدار الرئيس من حزب الأغلبية (جبهة التحرير الوطني) والذهاب إلى تأسيس حلف جديد حتى ولو كان أصحابه لا يشكلون إلا مجرد أقلية في المجالس المنتخبة، أو غائبين عنها تماما، كما هو الشأن بالنسبة إلى حزب جيل جديد.
وبناء على الخط الجديد، تتوجه الأنظار إلى مستقبل الأحزاب التقليدية للموالاة، بداية من الاستحقاق الانتخابي المقبل وإمكانية خروجها من حسابات السلطة الجديدة، رغم حفاظها على سياسة الولاء ودعم الرئيس تبون، الأمر الذي يفتح المجال أمام بروز قوى جديدة بعناوين مختلفة مع الحفاظ على نفس المحتوى.
وأكد مصدر قيادي في حزب جبهة التحرير الوطني أن “جبهة التحرير الوطني لم تتلق دعوة من مصالح رئاسة الجمهورية إلى غاية الاثنين في إطار المشاورات المفتوحة، وأن المسألة ستتضح من هنا لغاية نهاية الأسبوع” دون أن يعلق على الأمر بكلام آخر.
وأكد المكلف بالإعلام في حزب التجمع الوطني الديمقراطي الصافي لعرابي أن “الحزب يرحب بأي دعوة للتشاور والحوار لإيجاد سبل ومساحات خدمة للبلد، وأن التجمع الوطني الديمقراطي لم يتلق أي دعوة من رئاسة الجمهورية، ويتفهم ذلك في ظل التحولات التي عرفتها الجزائر بعد حراك 22 فبراير”.
وكان الحزبان القويان في المشهد السائد والمستحوذان على أغلبية المجالس التي سيعلن عن حلها قريبا قد أعلنا عن دخولهما في استعدادات تنظيمية لإحياء الذكرى الثانية للحراك الشعبي التي ستصادف الـ22 من شهر فبراير الجاري، رغم أنهما كانا محل غضب جموع المحتجين آنذاك. وصرح رئيس حزب التجمع طيب زيتوني بأن “مناضلي الحزب كانوا في الصفوف الأولى للحراك”، وهو ما اعتبر مناورة استفزازية من الحزبين، بالموازاة مع حملة تعبئة على شبكات التواصل الاجتماعي لعودة الاحتجاجات السياسية بداية من الثلاثاء.