تبسيط مفاهيم الجندر يكسر حاجز تعاطي الشباب المغربي مع قضايا الأسرة

يعد تشجيع الشاب المغربي على الانخراط في فهم القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي وقضايا النساء وحقوقهن، وتعزيز المعارف والقدرات لدى النساء والشابات في مجالات النوع الاجتماعي والريادة النسائية، وتطور حقوق النساء، وإلغاء أشكال العنف ضدهن من أهداف دليل “النوع الاجتماعي والقضايا النسوية في المغرب”. وتتضرر المرأة كثيرا من زواج القاصرات وكذلك من إباحة تعدد الزوجات، ما جعل المنظمات الشبابية تتحرك لحماية الأسر من مثل هذه السلوكيات.
الرباط – أصدرت شبكة الرواد الشباب (منظمة شبابية تأسست سنة 2015) دليل “النوع الاجتماعي والقضايا النسوية في المغرب”، بالعامية المغربية وذلك بهدف “تبسيط المفاهيم المرتبطة بالنوع الاجتماعي”، في إطار استكمال أهداف مشروع أكاديمية النوع (النسخة الأولى) بالشراكة مع منظمة أوكسفام ـ المغرب.
وقال عز العرب حلمي منسق مشروع أكاديمية النوع ومستشار متخصص، إن الدليل يندرج في إطار المبادرات المدنية التي تهدف إلى كسر حواجز تعاطي الشباب مع قضايا المرأة وتشجيعهم للانخراط في فهم القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي وقضايا النساء وحقوقهن.
ويندرج إعداد دليل ”النوع الاجتماعي والقضايا النسوية في المغرب” في إطار استكمال أهداف مشروع الأكاديمية التي تسعى لتعزيز المعارف والقدرات لدى النساء والشابات في مجالات النوع الاجتماعي وريادة المرأة، وتطور حقوق النساء في المغرب، وأشكال العنف ضدهن وآليات الحماية، وتقنيات التواصل والترافع وآليات التمكين الاقتصادي للنساء عبر المقاولة الاجتماعية.
ويهدف إعداد هذا الدليل إلى تبسيط المفاهيم المرتبطة بالنوع الاجتماعي وتمكين النساء والفتيات من المعارف التاريخية والقانونية لتطور القضية النسائية في المغرب وشرح أهم المكتسبات التي جاءت بها مدونة الأسرة وكذلك أهم النواقص والتعرف على أوضاع النساء في المغرب من خلال عرض أرقام ومعطيات تهم مختلف المجالات والقطاعات والتعريف بمختلف أشكال العنف ضد النساء وآليات الحماية وسبل مكافحة هذه الظاهرة.
وحسب الدليل، فإن أدوار النوع الاجتماعي متعددة ومتنوعة يمكن للرجال والنساء تبادلها أو الاشتراك فيها، فمثلا تربية الأطفال والأعمال المنزلية أو القيام بمهنة التدريس أو العمل السياسي، كل هذه الأدوار والمسؤوليات من الممكن أن يشترك فيها كل من الرجل والمرأة أو يقوم بها طرف دون الآخر بحسب ما يملك من مهارات دون اعتبار للنوع والجنس.
وأكد حلمي، أن النوع يعني المساواة بين الجنسين في الأدوار الاجتماعية والتوقعات التي يصنعها المجتمع للمرأة والرجل، ويعني تمتع النساء والرجال بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية أمام القانون، دون تمييز جنسي أو اجتماعي، أي ضمان استفادة النساء والرجال من نفس الحقوق وتكافؤ الفرص بينهم. وأشار إلى أنه من بين الأهداف الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة، هدف تحقيق التكافؤ الكامل بين الرجال والنساء على مستوى حقوق الإنسان وحقوق المواطنة.

عز العرب حلمي: مدونة الأسرة مازالت تتضمن مجموعة من النواقص
وقال حلمي، في تصريح لـ”العرب” “من خلال الدليل حاولنا تقديم وتبسيط المفاهيم، وأهم المكتسبات التي جاءت بها مدونة الأسرة، والوقوف على أهم النواقص التي تحول دون تحقيق المساواة بين الجنسين إلى أبعد حد، وأيضا جرد كل أشكال العنف ضد النساء وآليات مجابهة حالات العنف الاجتماعي الذي تتعرض له الفتاة والمرأة انطلاقا مما يقدمه قانون محاربة العنف ضد النساء، والمرجعية الحقوقية”.
وحسب الدليل فإنه رغم المقتضيات الإيجابية التي جاءت بها مدونة الأسرة في مجال الحقوق الإنسانية للنساء، إلا أنها مازالت تتضمن مجموعة من النواقص، سواء المتعلقة بالمقتضيات القانونية التمييزية ضد المرأة أو المتعلقة بالتطبيق، منها الإذن بزواج القاصرات الأقل من 18 سنة (المادتين 20 و21)، حيث تشير أرقام وزارة العدل المغربية إلى ارتفاع تزويج القاصرات والقاصرين، فقد تم تسجيل 10432 طلبا لتزويج القاصرات والقاصرين سنة 2018، مقابل 31230 طلبا سنة 2016.
وخلال الفترة ما بين 2011 و2018، حصلت 85 في المئة من الزيجات على طلبات ترخيص، 99 في المئة منها متعلقة بالفتيات.
وتتضرر الفتيات كثيرا من زواج القاصرات وكذلك من إباحة تعدد الزوجات.
كما يعد عدم توفير الرعاية الدينية للطفل سببا من أسباب سقوط الحضانة، إذ لا يمكن للمرأة ممارسة الولاية على أبنائها إلا في حالة وفاة الأب أو عدم أهليته ولم يكن قد حدد وليا آخر لأبنائه. كما أنه في حالة الطلاق فإن الأم يكون لديها حق الحضانة وليس الولاية وبالتالي أي إجراء إداري أو مالي مرتبط بالأبناء هو رهين بموافقة الأب.
وبخصوص الأسباب التي تحول دون اهتمام الشباب المغربي بالقضايا المجتمعية وخصوصا المتعلقة بالمرأة والأسرة، أكد حلمي أن العيش في مجتمع تهيمن فيه الذكورية أو النظام الأبوي، يؤثر على اهتمام الشباب بقضايا النوع الاجتماعي أو بالمرأة أو بالقضايا النسوية وتصبح ثانوية في دائرة اهتمامه.
وشدد حلمي على أن هناك بعض الانتهاكات المعترف بها دوليا ضد حقوق المرأة يعتبرها البعض أمرا عاديا ولا تدخل في خانة العنف ضد النساء مثل الاغتصاب الزوجي، “لكننا نرى هذا عنفا انطلاقا من المرجعية العالمية لحقوق الإنسان”.

وذكر منسق مشروع أكاديمية النوع، أن هذا الأمر ليس جديدا بل نتيجة مجموعة من الأسباب أهمها التعليم. إذ من خلال تصفح المقررات المدرسية خصوصا للناشئة نجدها تمرر مجموعة من الأفكار التي تركز على الذكورية التي تقول إن الأدوار الاجتماعية تم تقسيمها فطريا وجينيا وهذا غير صحيح، فقد تم شحن عقل الطفل بأن مكان الرجل الشارع وموقع المرأة داخل البيت وفي المطبخ، مشيرا إلى دور الإعلام الذي ينشر بشكل غير مباشر مجموعة من الأفكار والأطروحات التي تكرس واقع اللامساواة بين الجنسين، وعبر الفهم الخاطئ للدين.
ولتجاوز معضلة عدم اهتمام الشباب بقضايا النوع، وتحفيزهم للانخراط في التعاطي مع تلك القضايا، قال حلمي، “إننا بدأنا مؤخرا نلمس بعض التغيير في نظرة الشباب لقضايا المرأة حيث أثمرت مجهودات بعض جمعيات المجتمع المدني ونضالات الحركات النسوية بالمغرب، والتي ساهمت في تحفيز الشباب للانخراط في هذا المجهود للتعريف بالقضايا النسوية”.
وتم إحراز تقدم كبير في المجال القانوني، بما في ذلك مدونة الأسرة سنة 2004، ورفع التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في عام 2008، وكذلك اعتماد دستور 2011، الذي يكرس بشكل واضح المساواة بين المرأة والرجل في جميع المجالات، واعتماد القانون رقم 103.13 بشأن العنف ضد المرأة، الذي يجرم جميع أشكال العنف ويضع آلية حقيقية تتكفل برعاية الناجيات من العنف.
وحسب مسؤولين مغاربة تتحدد ريادة المملكة المغربية في مجال ميزانية النوع الاجتماعي التي تضمن الانتقال من المساواة القانونية إلى المساواة الفعلية، كما أن مراجعة قانون المالية يدمج قضية النوع الاجتماعي في كل مرحلة من مراحل وضع الميزانية، التي تدخل في استراتيجات حكومية منها الخطة الحكومية للمساواة، التي تشكل إطارا لتلاقي المبادرات الهادفة إلى تعزيز حقوق المرأة وإدماجها في السياسات العامة.