تاريخ القلب

القلوب تمرض كأعضاء الجسد الأخرى لكن مرض الحزن والأسى والفقدان والخذلان أكبر بكثير من تاريخ الطب برمته.
الاثنين 2021/07/05
قلوب البشر مهددة اليوم لأنهم يعيشون خوفا مستمرا

لازالت بعض الأخبار تصل، وإن كانت قليلة ومتباعدة، عن أشخاص لم يتحملوا رحيل شريك العمر، فسرعان ما تتوقف قلوبهم للحاق بالحبيب إلى العالم الآخر.

ليس بمقدور الأطباء معالجة القلوب المتأسية، فالحال أكبر من المفاهيم الطبية التي درسوها، وكل داء لا يجد له الأطباء علاجا لا يسمونه مرضا.

القلوب تمرض كأعضاء الجسد الأخرى، لكن مرض الحزن والأسى والفقدان والخذلان أكبر بكثير من تاريخ الطب برمته.

العلاقات غير السعيدة، ضغوط العمل، الحزن على فقدان الأحبة، الديون المالية، الخذلان من أقرب الناس، التوتر، اليأس… أمراض تودي بحياة الإنسان ولا يجد لها الطب من علاج سوى النصائح الافتراضية وأقراص المهدئات التي سرعان ما نكتشف ضررها على الجسد.

لذلك لا يتوقف الدكتور سانديب جوهر مؤلف أشهر الكتب عن علاقتنا بقلوبنا، عن حث زملائه الأطباء إلى اعتبار العلاقات غير السعيدة وضغوط العمل من بين أشد أعداء القلب.

ويرى أن الأطباء بحاجة إلى تكريس المزيد من الاهتمام لكيفية تأثير عوامل ما يسمى بمتلازمة القلب المنكسر على زيادة النوبة القلبية.

ويقرب لنا الدكتور سانديب مؤلف كتاب “القلب: تاريخ”، صورة القلب المنكسر من الأزمات العاطفية والمالية، مشبها شكله بعد الإصابة بجرة الماء الفخارية والزير ومرطبان الزيت والعسل الذي له رقبة ضيقة وقاع عريض.

قلوب البشر مهددة اليوم لأنهم يعيشون خوفا مستمرا، ليس من أفاع أو نمور مفترسة تقترب منهم، بل من قلق متفاقم ومستمر جراء صعوبات الحياة وتعقيداتها التكنولوجية.

في النهاية القلب آلة بيولوجية بسيطة تؤدي وظيفة دقيقة ومعقدة بتوزيع الدم، عضو حيوي تبجله الثقافات عبر التاريخ باعتباره المصدر العاطفي للروح. إنه رمز للرومانسية والحزن والإخلاص والخوف والشجاعة.

هذا العضو المذهل، هو الوحيد في جسد الإنسان الذي يمكنه تحريك نفسه، حيث يدق ثلاثة مليارات مرة في متوسط ​​عمر الإنسان.

وذلك يفسر لنا مخاوف الأطباء من إجراء الجراحات عليه حتى نهاية القرن التاسع عشر، مع أن أغلب أعضاء الجسد الأخرى أجريت عليها جراحات قبل عقود من ذلك. فلم يكن بمقدور الجراحين قبل أن يتطور الطب خياطة عضو متحرك، لأن مجرد قطعه سيؤدي إلى نزيف المريض حتى الموت.

ومع التطور الطبي في علاج القلب، انخفض معدل الوفيات بعد النوبات القلبية عشرة أضعاف منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي. إلا أن تركيز الأطباء على الأزمات النفسية والاجتماعية كمصدر لاعتلال القلب مازال أقل من تأثير المشاكل التي يعاني منها الإنسان اليوم.

يا لقلوبنا المسكينة لمجرد أن نعرف أن الصدمة العاطفية تصل أحيانا في تأثيرها على صحة القلب إلى أشد من ثلاثين عاما من التدخين الشره.

 
24