تأخر إقرار الميزانية يعيق زيادة إنتاج النفط في ليبيا

طرابلس – حذر وزير النفط الليبي محمد عون من أنَ بلده سيعاني للحفاظ على مستويات إنتاج الخام إذا لم يتمكَن البرلمان من التغلُّب على الخلافات وتمرير أول ميزانية منذ حوالي 7 سنوات للدولة العضو في منظمة أوبك.
وانهار إنتاج النفط في العام الماضي عندما منع الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر صادرات الخام للضغط على حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج في طرابلس في ذلك الوقت، غير أنه انتعش لاحقا ليصل إلى حوالي 1.3 مليون برميل يوميا بعد توقف القتال.
وقال عون، وهو أول وزير نفط منذ 2014 وجاء تعيينه في إطار حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت في أبريل الماضي لتحل محل إدارتين متصارعتين قبلها في طرابلس والشرق، في مقابلة مع وكالة بلومبرغ إنَّ “ليبيا تنتج حوالي 1.3 مليون برميل يومياً، لكنَّها تستهدف إنتاج 1.5 مليون برميل بحلول نهاية عام 2021”.
لكنَّه أشار إلى أنَّ ذلك الهدف يعتمد على موافقة البرلمان الليبي الذي تمَّ توحيده قبل أشهر على تعديلات لخطَّة الإنفاق في ميزانية عام 2021 بصفة نهائية، بعد أنْ شهدت خلافاً بين المشرِّعين عليها لمدَّة 4 أشهر على الأقل.
وأضاف عون “إذا لم تتم الموافقة على الميزانية فسيكون هناك تأثير، وربما صعوبات كبيرة في الحفاظ على معدلات إنتاج النفط”.
وكان مصطفى صنع الله رئيس مجلس المؤسسة الوطنية للنفط الحكومية قد قال في أبريل الماضي إن تراكم الديون على الشركات العاملة في القطاع يعرقل زيادة الإنتاج.
وتأتي هذه الوضعية بينما تعمل ليبيا على إطلاق ورشة واسعة لإعادة الإعمار مع تحسن في الوضع السياسي، تتمثل في مشروعات تبلغ كلفتها عشرات المليارات من الدولارات في هذا البلد الغني بالنفط، ما يشكل مصدرا مهما لإمكان كسب المال.
وتعدُّ المواجهة المتعلِّقة بالميزانية أكبر تحد يقف في وجه صناعة النفط في ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطيات من الخام في أفريقيا لكنَّها عانت في السنوات العشر الماضية لضخِّ مستويات قريبة من تلك التي كان يتمُّ إنتاجها قبل الإطاحة بالزعيم معمر القذافي.
ويقول خبراء إن التأخير في الموافقة على الميزانية النهائية يشير إلى صعوبة التوصل إلى توافق سياسي في ليبيا، بعد سنوات من الانقسام.
وركَّزت اعتراضات بعض المشرِّعين في البرلمان الذي أعيد توحيده في عام 2021 على الأموال المخصَّصة للتنمية، التي سيذهب بعضها إلى صناعة النفط.
وأوضح عون لبلومبرغ أنَّ وزارته طلبت 7 مليارات دينار (ما يعادل 1.5 مليار دولار) لمشروعات استثمارية تهدف إلى تطوير القطاع، لكن تمَّ تخصيص 3 مليارات دينار فقط في مشروع الميزانية.
وكثيرا ما اشتكت المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة من أنَّها تحتاج إلى المزيد من الأموال لإصلاح البنية التحتية المتهالكة في ليبيا.
وعلقت وحدة تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط الصادرات في مارس الماضي، متعللة بنقص التمويل منذ سبتمبر 2020، لكنها استأنفت الإنتاج لاحقا، قائلة إن مصرف ليبيا المركزي وافق على صرف الأموال. وتعليقا على ذلك قال عون في وقت سابق إن “الإغلاق كان يمكن تفاديه لو تمت مناقشة الموضوع وتخصيص المبالغ اللازمة”.
وسبق أن هدد أيضا أعضاء بحرس المنشآت النفطية، التابع رسميا لوزارة الدفاع، بوقف الإنتاج.
وقبل انتفاضة 2011 كان حرس المنشآت يتبع مؤسسة النفط التي كانت تُعيّن أعضاءه وتصرف رواتبهم. ويقول منتقدون إنه تحول في ما بعد إلى تحالف فضفاض لمجموعات محلية تتدخل في العمليات النفطية لحمل الدولة على دفع الأموال.
وعلى الرغم من تلك الوضعية الضبابية التي تلف القطاع، خاصة مع امتثال ليبيا لاتفاق أوبك+، كشف الوزير أنَّ ليبيا تدرس عروضا قدمتها شركات أجنبية للاستثمار في مشروعات متعلِّقة بالتكرير، دون تسمية تلك الشركات.
وذكرت مؤسسة النفط الليبية الحكومية الأسبوع الماضي أن إنتاج مصافي التكرير وصل إلى حدود 100 ألف برميل يوميا، والوحدات لا تزال مستمرة في الإنتاج لإنجاز المستهدفات المطلوبة للسنة الحالية.
ومن بين الشركات العاملة في البلاد توتال الفرنسية وإيني الإيطالية، التي تعمل في ليبيا منذ 1959 وتستعد حاليا لبناء محطة للطاقة الكهرضوئية في جنوب ليبيا، وكذلك ريبسول أس.أي الإسبانية.