بعد خسارة تأمين المطار: تركيا تبحث عن منفذ آخر لأفغانستان

أنقرة تُغازل طالبان أملا في التحالف معها لتحقيق مصالحها.
الأربعاء 2021/08/18
تركيا قد تلجأ إلى شبكة علاقاتها لتحقيق مصالحها في أفغانستان

بعد أن خسرت مهمة تأمين مطار حامد كرزاي في كابول إثر سيطرة حركة طالبان الأحد على العاصمة الأفغانية، بدأت تركيا تبحث عن منفذ آخر لترسيخ موطئ قدم لها في أفغانستان، حيث غازلت المتمردين الذين قالت إنهم بعثوا برسائل إيجابية سواء إلى الشعب الأفغاني أو إلى الخارج.

أنقرة - تسعى تركيا لإيجاد منفذ آخر لأفغانستان بعد أن خسرت مهمة تأمين مطار كابول الدولي، حيث غازلت الثلاثاء حركة طالبان المتطرفة التي قالت إنها بعثت برسائل إيجابية للداخل والخارج بعد سيطرتها على العاصمة كابول.

وكانت تركيا قد كشفت في وقت سابق عن طموحات للتمدد في آسيا الوسطى التي تعد منطقة نفوذ روسية من بوابة أفغانستان عندما جهزت خططا لحماية مطار كابول، حيث تريد أنقرة وفقا لمراقبين توسيع نفوذها هناك من خلال الوجود العسكري والاقتصادي والثقافي الذي يعمل على إحياء التاريخ المشترك مع شعوب المنطقة.

لكن هذه الآلية وهي أمنية بالأساس سرعان ما أجهظتها حركة طالبان بعد سيطرتها على العاصمة الأفغانية والفوضى التي شهدها مطار حامد كرزاي الاثنين تزامنا مع إجلاء الغرب لبعثاته الدبلوماسية.

وقالت مصادر أمنية تركية إن أنقرة تخلت عن خطط تأمين وتشغيل المطار بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) من أفغانستان بسبب الفوضى التي صاحبت انتصار طالبان الخاطف.

ولفتت المصادر إلى أن تركيا مستعدة بدلا من ذلك لتقديم المساعدة الفنية والأمنية إذا طلبت طالبان ذلك.

وفي مواجهة الوضع الجديد في أفغانستان الذي عجل بسقوط خطط تركيا لتأمين مطار حامد كرزاي بدأت أنقرة تُغازل طالبان أملا في إحداث تقارب يضمن لها موطئ قدم في البلاد.

وأشادت تركيا بالرسائل التي بعث بها المتمردون إلى الداخل والخارج بعد سيطرتهم على كابول الأحد.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في عمان “نرحب بالرسائل الإيجابية التي وجهتها حركة طالبان حتى الآن إن إلى الأجانب والبعثات الدبلوماسية أو إلى شعبها أيضا. نأمل أن تُترجم ذلك في أفعالها”.

مولود جاويش أوغلو: نرحب بالرسائل الإيجابية التي وجهتها حركة طالبان
مولود جاويش أوغلو: نرحب بالرسائل الإيجابية التي وجهتها حركة طالبان

وأضاف “نستمر في التحاور مع كل الأطراف في أفغانستان ومن بينهم حركة طالبان”. ويرى مراقبون أن تركيا، التي تحركت على أكثر من صعيد في وقت سابق لفرض تأمينها مطار حامد كرزاي وهو أمر مهم لعمل البعثات الدبلوماسية في أفغانستان، تريد الولوج إلى البلاد عبر منفذ آخر غير المنفذ الأمني لتحصيل مكاسب اقتصادية وتوسيع نفوذها في منطقة آسيا الوسطى لتدخل بذلك على خط المنافسة مع روسيا.

ويقول هؤلاء المراقبون إن تركيا لديها بدائل عن تأمين المطار لتثبيت حضورها في أفغانستان وذلك من خلال علاقاتها داخل البلاد أو مع الدول المتداخلة في الملف الأفغاني مثل باكستان أو قطر لربط قنوات حوار متينة مع طالبان وجرّها إلى مربع التحالف الذي يجري إنشاؤه بين البلدان الثلاثة في المنطقة.

وتضع تركيا منطقة وسط آسيا ضمن دائرة اهتمامها، ونوعت أنشطتها ولقاءاتها في المنطقة، وكانت آخر أبرز خطواتها “إعلان إسلام آباد” الذي وقعه وزراء خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، وباكستان شاه محمود قريشي، وأذربيجان جيهون بيرموف في يناير الماضي بإسلام آباد.

لكن محاولة تركيا التمدد في آسيا الوسطى قد تصطدم برفض روسي، حيث تعتبر موسكو المنطقة منطقة نفوذ بالنسبة إليها.

وقال الخبير التركي العضو في نادي فالداي والباحث في مركز بحوث تركيا التطبيقية بالمعهد الألماني للعلاقات الدولية في برلين جوني يلدز إن “روسيا تعرقل جهود تركيا للعب منفردة في عدد من الساحات في آسيا الوسطى”.

ويواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات داخلية لاذعة بسبب خططه إزاء أفغانستان خاصة أنه لا يمكن لتركيا أن تحقق ما عجزت عنه الولايات المتحدة هناك وفقا لمراقبين.

وطالب كل من كمال كيليتشدار أوغلو زعيم المعارضة في تركيا ورئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية، وميرال أكشنار زعيمة حزب الخير المعارض، وفائق أوزتراق المتحدث الرسمي باسم حزب الشعب الجمهوري، بسحب الجنود الأتراك فورا من أفغانستان.

وعلّق كيليتشدار أوغلو في تغريدة عبر حسابه بموقع تويتر على سيطرة طالبان على كابول في وقت يوجد فيه الجنود الأتراك في مطار حامد كرزاي قائلا “لن نضحي بالجنود الأتراك في المكان الذي يهرب منه الجميع”.

وتشارك تركيا، التي لديها المئات من العسكريين في أفغانستان، في ضمان أمن مطار كابول مع الولايات المتحدة.

والشهر الماضي اقترحت أنقرة على واشنطن تولي أمن المطار بعد انسحاب الجنود الأميركيين، إلا أن هذه الخطة سرعان ما سقطت مع عودة الحكم إلى طالبان التي حذرت علنا تركيا من مغبة الإبقاء على جنود لها في البلاد، قائلة “إنه سيتم التعامل مع أي وجود أجنبي على أنه احتلال”.

وأضاف كيليتشدار أوغلو “الوعود الشخصية التي يتم تقديمها على الطاولات غير الرسمية لا قيمة لها. أنا أدعو السلطة على الفور إلى سحب جنودنا من أفغانستان. الجنود الأتراك يخدمون مصالح شعبنا فقط”.

وبدورها استنكرت زعيمة حزب الخير المعارض استمرار دفاع الحكومة التركية عن ضرورة بقاء الجنود الأتراك في أفغانستان.

وقالت أكشنار في تغريدة عبر تويتر إن الحكومة لا تزال تقول “يجب أن يبقى الجنود الأتراك في أفغانستان”، متسائلة “هل بقيت هناك دولة باسم أفغانستان حتى يظل جنودنا هناك؟”.

وأشارت إلى أن الحكومة التركية تحاول الحصول على رضا الولايات المتحدة من خلال وجودها في أفغانستان، مطالبة حكومة بلادها بـ”الكف عن هذا والتوقف عن ذلك الهراء”.

وسادت مطار كابول الاثنين حالة من الفوضى تسببت في مقتل 5 أشخاص على الأقل بحسب شهود، بعد تجمهر الآلاف من الأفغان في مسعى للخروج من البلاد إثر دخول مسلحي حركة طالبان العاصمة.

5