بداية متعثرة لهشام المشيشي قبل عرض حكومته على البرلمان

حملت الساعات الماضية أنباء غير سارة لرئيس الحكومة التونسية المكلف هشام المشيشي الذي وجد نفسه أمام ضغوط من كتلة الحزب الدستوري الحر (16 نائبا) التي طالبته بإدخال تعديلات عاجلة لتزكية حكومته الثلاثاء المُقبل. كما أربكت حادثة استبعاد وزير من الفريق الحكومي المشيشي وأثارت أسئلة قانونية حول الطرق التي عليه (رئيس الحكومة المكلف) سلكها لتعويض وزير الشؤون الثقافية المقترح.
تونس – قبل التوجه إلى البرلمان المنقسم على نفسه ليُمتحن مع فريقه الحكومي، تتكثف الضغوط على رئيس الحكومة التونسية المكلف هشام المشيشي بعد تلميح الدستوري الحر لرفض تركيبة الحكومة والضجة التي أثيرت حول وزير الشؤون الثقافية الذي تم التخلي عنه.
وطالبت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، المشيشي بالقيام بتغييرات عاجلة على أسماء وزارات حساسة في تركيبة الحكومة على غرار وزارتي الداخلية والعدل.
ومن شأن هذا الموقف أن يزيد في إرباك مسار منح الثقة من عدمه للحكومة المقترحة، خاصة وأنه تزامن مع جدل كبير أحدثه قرار رئيس الحكومة المكلف استبعاد وزير الشؤون الثقافية المقترح.
وعبرت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، الخميس، عن اعتراضها على تشكيلة حكومة رئيس الوزراء التونسي المكلف هشام المشيشي، مؤكدة أنها تحتوي مقربين من الإخوان.
وقالت موسي في ندوة صحافية عُقدت الخميس إن “حكومة المشيشي تحتوي على مقربين من الإخوان رغم استقلاليتها الظاهرية”، معتبرة أن “استمرار التمثيل الإخواني في الدولة لن يخدم حل القضايا الكبرى للبلاد”.
وكشفت موسي عن “وجود علاقة قرابة ومصاهرة بين وزير الداخلية المقترح توفيق شرف الدين، وأحد الشخصيات المتهمة في قضايا إرهابية وتسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في محافظة سوسة الساحلية”.
ورأت أنه “ليس من حق المشيشي تعيين شخصية على رأس أبرز وزارة في الهيكلة الحكومية (الداخلية) تحوم حولها علاقات قد تكون خطرا على الأمن القومي التونسي”.
كما انتقدت تعيين 4 قضاة في الحكومة، معتبرة أن “تكثيف تواجد القضاة في السلطة التنفيذية سيضرب استقلالية القضاء”.
وعلى الرغم من إعلان المشيشي توجهه نحو تكوين حكومة كفاءات مستقلة بعيدة عن المحاصصة وتستثني مشاركة الأحزاب، إلا أن الشكوك تحوم حول طبيعة التعيينات وانتماءاتها.
وأفاد المحلل السياسي عبداللطيف الحناشي “أنه لا يمكن لأي حكومة أن تنال رضاء الأحزاب التام، ويجب التعامل مع هذه الحكومة كما هي ومحاسبتها من خلال هذه الاختيارات في ما بعد”.
وأضاف الحناشي في تصريح لـ”العرب”، “الأحزاب تتحمل مسؤولية تشكيل حكومة المشيشي لأنها جاءت نتيجة صراعات ومناكفات سياسية، والفسيفساء الموجودة اليوم سمحت بهذا الأمر”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “الحكومة في الظاهر بنسبة تفوق الـ90 في المئة هي حكومة تكنوقراط، وتعيينات وزارة الداخلية والعدل هي من مشمولات رئيس الجمهورية قيس سعيّد والعدل أيضا محسوب على الرئيس”. وانتقدت بعض الأطراف السياسية منهج حكومة المشيشي، واعتبرت أنه لا يستند على برامج وخطط عمل واضحة.
واعتبر زهير حمدي الأمين العام للتيار الشعبي التونسي، أن “تونس تعيد نفس الأساليب في التعامل مع أزماتها، والوضع غير طبيعي إذا لم يكن هناك برنامج عمل واضح، ومن لا يملك انتماء حزبيا، يملك انتماء فكريا”.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أنه “لا تعني التونسيين مسألة الأشخاص والتعيينات بقدر ما يعنيهم العمل”، مضيفا “هناك مشكلة حقيقية للمصادقة على الأشخاص وليس على برامج، وحكومة المشيشي إذا لم تسقط في البرلمان، ستسقط نتيجة الأوضاع الصعبة.. عليه أن يضع سقف عمل وينعش الاقتصاد”.
وأضاف في معرض حديثه “على الرئيس سعيّد أن يعدّل النظام السياسي والانتخابي بقطع الطريق أمام من يريد تعكير الأجواء، فضلا عن إرساء محكمة دستورية.. هذه حكومة حرب لأن البلاد مهددة.. وإلا سنذهب إلى المجهول”. من جهة أخرى، واجه المشيشي الخميس ضغوطا أخرى بعد اعتذار وزير الشؤون الثقافية عن القبول بمنصبه ما جعل رئيس الحكومة المكلف يتردد قبل أن يحسم موقفه باستبعاده من الفريق الحكومي.
محللون سياسيون يرون أن تكثيف تواجد القضاة في السلطة التنفيذية سيضرب استقلالية القضاء
وقرر رئيس الحكومة التونسية المكلف سحب ترشيح وليد الزيدي، الملقب بـ”طه حسين تونس” نظرا لأنه كفيف، لحقيبة الشؤون الثقافية.
وقال المكتب الإعلامي للمشيشي في بيان له، إن “سحب اسم وليد الزيدي من تشكيلة الحكومة جاء على إثر تصريحاته المتضاربة وسيتم تعويضه بشخصية أخرى”.
وأعلن وليد الزيدي، المكلف بوزارة الشؤون الثقافية في حكومة هشام المشيشي المقترحة بتونس، الأربعاء، انسحابه بعد موافقته في وقت سابق، مؤكدا أنه “لا يصلح إلا في الجامعة”.
وقال الزيدي، في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك “لن أقبل الخطة، وأستعفي منها وأقنع بكلّيّتي، فهي جنّتي، وبدرسي للطلبة فهو بَصَري، وببيْتي فهو سَعْدي ومستقَرّي”.
والإثنين الماضي، أعلن المشيشي التركيبة الكاملة للحكومة الجديدة، والتي تتكون من 28 وزيرًا، في تشكيلة عارضتها 4 أحزاب بينها حركة النهضة. والثلاثاء، حدد البرلمان التونسي غرة سبتمبر تاريخ التصويت على منح الثقة لحكومة المكلّف هشام المشيشي.