انتعاش اللقاءات الافتراضية وتغير خارطة الترويج للاستثمارات

بدأت خارطة الترويج للاستثمارات تتغير في ظل تحديات السفر والإجراءات الاحترازية، وظهر واقع جديد فَرض على منظمات الأعمال والمستثمرين ضرورة التأقلم معه للتوصل إلى اتفاقات وصفقات تعزّز حركة تدفق رؤوس الأموال بين المقاصد الاستثمارية التي قوض الوباء مفاصلها.
القاهرة - التفت منظمات الأعمال على قيود السفر التي فرضها وباء كورونا واتجهت إلى زيادة الجولات الترويجية الافتراضية للفرص الاستثمارية عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة لتنشيط مناخ الاستثمار وجذب مشروعات جديدة لمقاصدها الاستثمارية.
ولجأت منظمات الأعمال والمؤسسات المالية إلى تلك الخطوة كمحاولة منها لإنقاذ الاقتصاد عبر منحه جرعة تنشيطية تعزز قدرته على الخروج من حالة الركود والوهن بسبب تداعيات الوباء.
ومكّنت جهود الترويج الافتراضي للفرص الاستثمارية من مواصلة الحوار بين أصحاب رؤوس الأموال خلال فترة الإغلاق الكبير الذي طبقته الدول في بداية الجائحة، ودخلوا في مناقشات جادة بعد استئناف جزء كبير من النشاط الاقتصادي.
وانطلقت الجولة الافتراضية الاستثمارية الثالثة للمجموعة المالية “هيرميس” في 4 مارس وتستمر حتى الـ9 من الشهر نفسه، تحت شعار “انطلاقة جديدة للأسواق الناشئة والمبتدئة”.
وتشارك في المؤتمر الترويجي الذي تديره هيرميس عبر منصة تفاعلية 197 شركة من 28 دولة، فضلا عن مشاركة أكثر من 700 مستثمر يمثلون 253 من المؤسسات المالية، لتبادل الرؤى التحليلية حول الأوضاع الراهنة التي تشهدها الأسواق الناشئة والمبتدئة ومناقشة خطط التعافي.
وغيرت جائحة كورونا طبيعة المؤتمر الترويجي لهيرميس الذي يعقد سنويا بين لندن ودبي لفتح آفاق استثمارية جديدة للمؤسسات المالية، وبدلا من اللقاءات المباشرة التي كانت تعقد وجها لوجه أصبحت افتراضية عن بُعد، لكنها الطريقة المثلى لمد جسور التواصل بين المستثمرين خلال الظروف الراهنة.
ورغم تحديات الجائحة إلا أنها كشفت عن مكامن جديدة للتواصل ما يجعلها تفرض نفسها بقوة في غياب الجائحة؛ حيث رصدت مؤشرات هيرميس، وهي أكبر بنك استثمار في مصر وتحظى بتواجد مباشر في 13 دولة عبر أربع قارات، عن تطور في معدلات الإقبال على جولات الترويج الافتراضية.

كريم عوض: 253 مؤسسة مالية تهتم بالأسواق الناشئة وتضعها ضمن أولوياتها
ورصدت زيادة كبيرة للعام الحالي في عدد المشاركين مقارنة بالنسخة الثانية التي شاركت في فعالياتها 157 شركة من 25 دولة، ونحو 650 مستثمرا.
وقال كريم عوض الرئيس التنفيذي للمجموعة المالية هيرميس القابضة إن “توقعات خبراء الاستثمار حول العالم تشير إلى جني الأسواق الناشئة النصيب الأكبر من ثمار استئناف الأنشطة الاقتصادية، فيما تستفيد أصول الأسواق المبتدئة من اهتمام منح المستثمرين لها حصة أكبر من مخصصات محافظهم الاستثمارية خلال الفترة القادمة”.
وأضاف أن “فعاليات المؤتمر الاستثماري الافتراضي الثالث تشهد مشاركة واسعة هي الأكبر من جانب مجموعة متنوعة من كبرى الشركات والمستثمرين الدوليين”.
وتخطط شركة تعليم لخدمات الإدارة (تعليم) للقيام بحملة ترويجية افتراضية عبر منصات مختلفة من أجل جمع تمويل لتوسيع استثماراتها في مصر عبر طرح حصة تصل إلى نحو 49 في المئة من أسهمه بالبورصة.
وتستهدف الحملة جذب استثمارات من عدة دول، في مقدمتها كوريا الجنوبية وبريطانيا والولايات المتحدة إلى جانب مستثمرين من دول الخليج، ومن المتوقع أن تنطلق الحملة الترويجية الافتراضية فور حصول “تعليم” على موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة قبل نهاية مارس الحالي.
وأكد محمد يوسف المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين، وهي أول جمعية أهلية تأسست عام 1979 لخدمة رجال أعمال في مصر، أن العام الماضي شهد لأول مرة قيام الجمعية بجولات ترويجية افتراضية بعد أن كانت جميع اللقاءات تتم من خلال مقابلات مباشرة بالسفر إلى المقاصد المصدرة للاستثمارات.
وبدأت أولى جولات الترويج الافتراضية في الخليج باجتماع عبر منصة “زووم” بجميع مكاتب التمثيل التجاري في منطقة الخليج.
وتولد الدبلوماسية الاقتصادية لعمل جهاز التمثيل التجاري فرصا جيدة للاستثمار المرتقب، حيث يقوم الجهاز بالترويج للاستثمارات المتاحة بمصر على المؤسسات المالية والشركات الكبرى في منطقة الخليج، وعبرها يتم وضع أولى لبنات تدشين الاستثمارات في القطاعات المختلفة.
وأوضح لـ”العرب” “كان علينا التعايش مع الجائحة وهذا يتطلب إعادة رسم خارطة التعاون المصري – العربي لاكتشاف الفرص ومجالات التعاون الاقتصادي مع مختلف دول مجلس التعاون الخليجي”.
وأشار إلى أن منطقة الخليج تتصدر قائمة الشركاء التجاريين مع القاهرة، ومن أهم المستثمرين في السوق المصرية.

محمد يوسف: لأول مرة ننظم جولات ترويجية.. وبدأنا بمنطقة الخليج
وحققت مصر أول فائض في الميزان التجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي بقيمة 700 مليون دولار العام الماضي، بما يمثل مرحلة فارقة في نمط العلاقات التجارية.
وتضاعفت الصادرات إلى الإمارات لتصل إلى 750 مليون دولار خلال الربع الأول من عام 2020، فيما بلغت الصادرات الزراعية إلى السعودية 117 مليون دولار، مقارنة بنحو 100 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من العام السابق.
ولفت عمرو الفقي مدير عام الاستثمار بشركة القاهرة لإدارة الاستثمارات إلى أن الترويج للاستثمارات باللقاءات الافتراضية وسيلة فرضها كورونا، وباتت الحل العملي أمام الشركات عالميا، خاصة مع الثورة التكنولوجية.
وأضاف لـ”العرب” أن واقع كورونا فرض على الجميع ضرورة التأقلم معه، كل وفق أدوات تواصله مع مختلف المقاصد الاستثمارية.
ونظمت مصر أول ملتقى افتراضي مصري – بحريني لترويج الفرص الاستثمارية في قطاع العقارات، شاركت فيه من القاهرة لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال ومن المنامة جمعية رجال الأعمال البحرينية.
وجذب قطاع العقارات بمصر في العقد الأخير استثمارات محلية وأجنبية بنحو 192 مليار دولار في مشروعات تدشين المدن الذكية الجديدة والمشروعات التي تستهدف الفئات محدودة ومتوسطة الدخل.
وذكر ولاء حازم، خبير الاستثمار، أن جائحة كورونا أثرت سلبا على تدفق حركة الاستثمارات بشكل عام، فضلا عن أن مناخ الاستثمار أصبح هشا ودفع المستثمرين إلى التحوط على مستوى العالم.
وقال لـ “العرب” إن هذه المشكلة عمقت جراح الاقتصاد، ومن ثم فإن اللجوء إلى اللقاءات الافتراضية محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، لكن لا يمكن تقييمها بالنجاح أو الفشل في جذب الاستثمارات، لأنها آلية جديدة تستخدم في ظروف صعبة.