المواقف من الحرب بين الإسرائيليين والفلسطينيين تتداخل مع معاداة السامية والإسلاموفوبيا

منذ اندلاع المواجهات بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة انخرطت الجاليات اليهودية والمسلمة في أوروبا في هذا الصراع عبر الخروج في مسيرات مناهضة للحرب وأخرى مؤيدة لها. وانعكست هذه المظاهرات على الأمن العام في البلدان الأوروبية التي تتوجس من انفلات أمني يقوض السلم الاجتماعي.
برلين - أثار التداخل بين الموقف الرافض للحرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومواقف معاداة السامية والإسلاموفوبيا التباسا سياسيا داخل المجتمعات الغربية وفي وسائل إعلامية غربية.
وتصاعدت الاتهامات الجاهزة للقوى والتجمعات والتنظيمات التي ترفض القتال المتصاعد في الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من أسبوع، إلى كونها جهات تعادي السامية، بينما اتهمت بالمقابل الجهات الداعمة لإسرائيل بأنها تحضّ على تفاقم الإسلاموفوبيا.
وعزز ذلك مواقف سياسية وحزبية في دول مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والنمسا وكندا.
والاثنين بحثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصاعد التوتر في الشرق الأوسط.
وأدانت ميركل خلال الاتصال “الهجمات الصاروخية المتواصلة من قطاع غزة نحو إسرائيل”، وأكدت لنتنياهو تضامن الحكومة الألمانية مع تل أبيب.
وقالت “لإسرائيل الحق في مقاومة الهجمات في إطار الدفاع عن النفس”، معربة عن أملها في “أن ينتهي الصراع في أقرب وقت ممكن بسبب قتل عدد كبير من المدنيين من الجانبين”.
وشددت على أن الحكومة الفيدرالية ستتصرف بحزم ضد الاحتجاجات التي تنشر الكراهية ومعاداة السامية في ألمانيا.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأحد إنه لا مكان في المجتمع لمعاداة السامية ولا يجب أن يواجه اليهود البريطانيون “عنصرية مخزية”، وذلك بعدما أظهر مقطع مصور على الإنترنت أناسا يهتفون بعبارات معادية للسامية.
وكان جونسون يرد على المقطع الذي بث في وقت سابق الأحد وأظهر مجموعة سيارات ترفع العلم الفلسطيني وهي تمر وسط منطقة يقطنها يهود في شمال لندن وتبث رسائل معادية للسامية من مكبر صوت.
وقال جونسون على تويتر “لا مكان لمعاداة السامية في مجتمعنا… قبل عيد الأسابيع (شفوعوت)، أساند يهود بريطانيا الذين لا يجب أن يواجهوا عنصرية مخزية مثل التي شهدناها اليوم”.
وفي فرنسا حظرت الحكومة تظاهرة دعم للشعب الفلسطيني كانت مقررة السبت في باريس خوفا من “اضطرابات خطيرة في النظام العام” و”ممارسات ضد كنس ومصالح إسرائيلية”.
وفي النمسا فُتح تحقيق بعد تصريحات معادية للسامية خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين الأربعاء في فيينا.
وفي كندا ندّد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الاثنين بأعمال العنف والألفاظ المعادية للسامية وتلك المعادية للإسلام التي أُطلقت خلال تظاهرات جرت في نهاية الأسبوع في عدد من مدن البلاد، ولاسيّما في تورونتو حيث اندلعت صدامات بين متظاهرين مناصرين للفلسطينيين وآخرين متضامنين مع إسرائيل.
وأكّد ترودو على “الحقّ في التجمّع السلمي وحرية التعبير في كندا”، مشددا في تغريدة على تويتر على أنّه ليس بتاتاً في وارد التسامح مع “معاداة السامية أو معاداة الإسلام أو الكراهية”.
وأدان رئيس الوزراء “بشدّة الأقوال المهينة والعنف الذي شهدناه خلال تظاهرات” جرت في عدد من مدن البلاد في نهاية الأسبوع.
وأتت تغريدة ترودو بعد أن استخدمت الشرطة في تورونتو الأحد الغاز المسيل للدموع إثر صدامات دارت خلال تجمّع داعم لإسرائيل بين متظاهرين مؤيّدين للفلسطينيين وآخرين مناصرين للدولة العبرية.
وكان مئات المتظاهرين تجمعوا في ساحة بوسط مونتريال رافعين الأعلام الإسرائيلية للتعبير عن تضامنهم مع إسرائيل.
لكنّ التظاهرة التي بدأت بهدوء تعكّرت أجواؤها بوصول متظاهرين مؤيّدين للفلسطينيين، ما أجّج التوتّر بين المجموعتين ودفع شرطة مدينة مونتريال إلى إعلان أنّ التظاهرة “غير قانونية”.
ويرى محللون أن الاحتجاجات في الغرب ضد الحرب لا يعني أنه يمكن إدراجها في خانة معاداة السامية لأن الموضوعين مختلفان كليا.
ويشير هؤلاء إلى أن رفض الحرب وقتل المدنيين من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء لا يعني أنك معاد للسامية.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة في بداية اجتماع لمجلس الأمن الدولي الأحد من أزمة إقليمية “لا يمكن احتواؤها” في إطار النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال أنطونيو غوتيريش “يجب أن يتوقف القتال. يجب أن يتوقف فورا”، واصفا العنف بأنه “مروع”. وأضاف أن التصعيد “يمكن أن يؤدي الى أزمة أمنية وإنسانية لا يمكن احتواؤها والى تعزيز التطرف، ليس في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل فحسب، بل في المنطقة برمتها”.
وعقب مظاهرة مناهضة لإسرائيل وموالية للفلسطينيين شهدت أعمال عنف السبت في العاصمة الألمانية برلين، تتولى الشرطة الألمانية حاليا تقييم الوضع الجنائي لبعض الشعارات التي رددها مشاركون في المظاهرة.
وأعلنت رئيسة شرطة العاصمة، باربارا زولفيك، الاثنين في لجنة الشؤون الداخلية بالبرلمان الألماني أن الشرطة سجلت مقاطع صوتية لـ”بعض الشعارات المعادية لإسرائيل والسامية” وتقيم حاليا مدى جنائيتها.
وأشارت زولفيك إلى أن هناك اشتباها مبدئيا في انتهاك هذه الشعارات للقانون، لأنها تتأرجح على خط رفيع بين المسؤولية الجنائية وحرية التعبير عن الرأي.
وأدان ساسة ومسؤولون من جاليات دينية، من بينها جاليات مسلمة أيضا، الهجمات والشعارات المعادية لليهودية بشدة.
وأدان رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا أيمن مازيك أعمال العنف الأخيرة ضد معابد يهودية، وقال لصحيفة “فرانكفورتر ألجيماينه زونتاجس تسايتونغ” الألمانية الأسبوعية الأحد “من اعتدى على معابد يهودية ويهود بذريعة الانتقاد لإسرائيل، فإنه فقد أي حق في التضامن”، وأكد إدانته بشدة لـ”الهجمات البشعة على مواطنينا اليهود” خلال الأيام الماضية.
ويخطط مسلمون ويهود في ولاية سكسونيا السفلى الألمانية لإصدار بيان مشترك في ضوء تصاعد العنف في نزاع الشرق الأوسط.
وقال ميشائيل فورست، رئيس الاتحاد الإقليمي للجاليات اليهودية في ولاية سكسونيا السفلى، الإثنين إن التعاون بين الاتحادات في الولاية نموذجي، مضيفا أنه على علاقة ودية مع رئيس الجالية الفلسطينية في هانوفر، يزيد شموط.
ومن المقرر أن يتم التوقيع على بيان أربعة اتحادات في سكسونيا السفلى بحضور عمدة هانوفر بيليت أوناي.
وقال شموط في تصريحات لصحيفة “هانوفرشه ألجيماينه تسايتونغ” الاثنين “لقد تمكنا على مدار عقود من التعامل مع بعضنا البعض باحترام على الرغم من اختلاف الآراء”.
وقال فورست “لا نريد قبول هتافات معادية لليهود في ألمانيا وإحراق أعلام إسرائيلية ومهاجمة معابد يهودية وتهديد اليهود… نحن معا ضد كل أشكال العنف”، معربا عن خشيته من أن يؤدي الصراع في إسرائيل، حال اتساعه، إلى زيادة معاداة السامية في ألمانيا، مضيفا أنه من الممكن في الوقت نفسه أن تزداد معاداة الإسلام.