القراءة تحت الشمس

السبت 2017/07/22

خلال هذا الصيف، وكما هو الأمر بالنسبة للسنوات الأربع الأخيرة، سيكون شاطئ مدينة الجديدة المغربية على موعد مع ضيف استثنائي، مكتبة على شكل باخرة، شاء لها أصحابها أن ترسو بين المصطافين.

هذه الفكرة البسيطة والمختلفة، والتي كان وراءها شابان، عبدالله سليماني، وهو محافظ الخزانة الوسائطية التاشفيني، وحسن حصاري، رئيس جمعية أصدقاء المكتبة المذكورة، استطاعت أن تخلق الحدث وأن تجلب جمهورا واسعا من بين المصطافين، الذين لا يلبثون، من باب الفضول أو الدهشة، أن يتحولوا إلى قراء فعليين مواظبين على افتتاح يومهم أو اختتامه بقراءة كتاب يختارونه من بين رفوف الباخرة. أما في مساء كل يوم، فتتحول جنبات المكتبة الشاطئية إلى فضاء لتوقيع الأعمال الجديدة، سواء لكُتاب المدينة أو غيرهم.

ولا تشكل هذه المبادرة الوحيدة من نوعها، حيث صار صيف المغرب يشهد سنويا اجتياح جمعيات المجتمع المدني لأماكن الاصطياف محملين بكتبهم وبأنشطتهم في مجال القراءة. ويعكس ذلك الوعي بكون الذهاب إلى الجمهور هو الطريقة الأفضل لكسب قراء جدد.

وبخلاف هذه النقط المضيئة، تنحو حركية النشر نحو الصمت، فناشرو الكِتاب الثقافي يضطرون إلى الدخول في عطلة طويلة. وحدها دور النشر المنشغلة بإنتاج الكتاب المدرسي تحجز لنفسها مطابع البلد، ومعها مكتبات البيع، موجهة بذلك حلقات صناعة الكتاب نحو مجال مربح، يستحق أن يتم معه الاستغناء عن فترة نقاهة على شاطئ ما.

وإذا كان ذلك هو حال المغرب أو بقية دول العالم العربي، فإن صناعة النشر بالضفة الأخرى لا تتوقف أبدا. إنها تخلق من كل فصل ومن كل حدث فرصة لمراكمة إصداراتها، وذلك بفضل قوة ووتيرة اشتغال كل مكونات حلقات الكتاب، سواء تعلق الأمر بالكاتب الذي يستطيع أن يلتقط انتظارات القارئ، أو المكتبي الذي يحرص على العرض الجيد والمغري للإصدارات الجديدة، أو الناشر الذي يشكل مايسترو هذه الحلقات.

ولذلك، لا يبدو غريبا أن تصدر، على سبيل المثال ببلد كفرنسا، مئات الروايات عشية الصيف، مع الحرص الكبير على طابعها الخفيف الذي يناسب قراءتها على شاطئ ما أو أثناء لحظات الانتظار بالمطار أو على متن قطار. ولا يتوقف ذلك على الأعمال الموقعة من طرف كتاب غير معروفين دائما، إذ أن الأمر صار يُغري أيضا الكتاب المكرسين، وذلك حال الكاتب جورج-أولفيي شاتيرنود، أحد كبار كتاب القصة الفانتاستيكية بفرنسا، والذي التحق بكُتاب الصيف، مع صدور روايته الجديدة “ليس هناك صيف أبدي”، الصادرة قبل أيام.

في آخر دراسة همت انشغالات الأوروبيين خلال عطلة الصيف، اقتربتْ نسبة القراءة من الرياضة، بينما سبقت الانشغال بالاحتفالات. أما النوم فقد كان في آخر الترتيب. كم منا ينتظر الصيف لينام.

كاتب مغربي

17