الشاعران وكرزاي

السبت 2015/03/21

لطيف بدرام وكَمْران مير هَزار، شاعران أفغانيان ارتبط مسارهما بالعمل السياسي. كل واحد منهما بطريقته. لطيف بدرام، شاعر في نهاية الأربعينات من عمره.

التحق بشكل مبكر بالعمل السياسي ضدّ الوجود السوفيتي، ضمن صفوف القائد مسعود. ثم انتقل، في مرحلة ثانية، إلى النضال ضدّ وجود الطالبان.
وخلال هذه المرحلة، تحمّل مهمة نقل ما تبقى من مخطوطات مكتبة ناصر خسرو -الحكيم الذي عاش خلال القرن السادس- إلى الجبل، وذلك بعد أن أقدم الطالبان على إحراقها وعلى قتل موظفي المكتبة ورمي جثثهم في النهر. بدرام، الذي كان يشرف على إدارة المكتبة، يشبه ذلك بما فعله، قبل قرون، المغول بقيادة جنكيس خان بمكتبة مسجد بخارى.
في سنة 1996، كان اسم لطيف بدرام ضمن لائحة الطالبان السوداء، لذلك اضطر إلى مغادرة أفغانستان نحو فرنسا، حيث عاش كلاجئ سياسي، ومن هناك أشرف على تأسيس المؤتمر الوطني لأفغانستان ببروكسيل.

عرفتُ لطيف بدرام، بعيد أحداث شتنبر، خلال المهرجان العالمي للشعر بمدينة تروا رفيير الكندية. منحته إدارة المهرجان فرصة توجيه كلمة إلى الشعراء، تحدّث فيها عمّا يقع بأفغانستان.

كان يبدو بهندامه الأنيق وبربطة عنقه وبلغته الفرنسية الصافية كمواطن أوروبي بامتياز. بعد مدّة، قرّر بدرام العودة إلى كابول للتقدّم إلى الانتخابات الرئاسية، مصدّقا حكاية التغيير التي لوّح بها العهد العالمي الجديد.

فاز حميد كرزاي واحتل بدرام الصف الثالث، لأن الأميركان أرادوا ذلك، كما جاء في بيان لحزب بدرام المعارض. الآن يعيش لطيف بدرام دائما بكابول مختبئا من ميلشيات الطالبان، التي لم تغفر له صداقته السابقة بالقائد مسعود ومن ميلشيات النظام القائم، التي لم تغفر له مواقفه المعارضة. لم يحقق بدرام التغيير الذي كان يأمل فيه وأضاع صوتَ الشاعر الذي كان يحمله داخله.

كَمْران مِير هزار. شاعرٌ في الثلاثينات من عمره. عاش طفولته بإيران، ليعود إلى أفغانستان سنة 2004، حيث أطلق مجلة أدبية تعرضت للمنع، شهورا فقط بعد صدورها. انتقل للعمل صحفيا براديو كابول، لتتبعه المضايقات، خصوصا مع مواقفه المعارضة للنظام القائم الذي كان يعتبره طبعة منقحة لنظام الطالبان السابق.

لم يُضع مِير هزار كثيرا من الوقت لكي يفهم جيدا طبيعة الوضع الجديد. فقرر ترك أفغانستان للطالبان ولكرزاي وللأميركان، متجها نحو الهند، ثم نحو النرويج، حيث يقيم حاليا، متفرغا للكتابة ولعمله الصحفي. لكل مسارُه.

اختار لطيف بدرام البحث عن السلطة والتغيير، فلم يربح السلطة ولم يغيّر أفغانستان ولم يحم صوته الشعري، آيلا إلى لاجئ سياسي داخل بلده. مير هزار انتبه إلى أنه لن يغيّر شيئا فترك البلد لأصحابه مفضلا ضمان حياة أفضل لابنته ذات الثلاث سنوات. مَن منهما على صواب؟ اسألوا كرزاي!

كاتب من المغرب

17