الدبيبة يشارك في الانتخابات الرئاسية بدعم أممي ودولي

تونس - قالت أوساط سياسية ليبية إن الخطة التي كانت تدار في الخفاء بهدف تمكين رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة من الترشح للاستحقاق الرئاسي قد ظهرت أخيرا إلى العلن بعد إعلان مفوضية الانتخابات عن شروط الترشح التي جاءت على مقاس الدبيبة، وهو ما يعني أن الانتخابات ستجرى في موعدها.
وأضافت المصادر أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة وضعا جميع البيض في سلة مصراتة لتكون حاكمة ليبيا القادمة، وقطعا الطريق أمام بقية الأطراف المتنازعة، بفسح المجال أمام رئيس الحكومة لخوض غمار المنافسات مستندا إلى الإمكانيات المادية والمعنوية للدولة.
والأسبوع الماضي قال تقرير منسوب إلى جهاز المخابرات الليبية تحت بند "سري وعاجل" إن الدبيبة كشف في اجتماع عقده مؤخراً في مدينة مصراتة وحضره عدد من الأعيان وقادة التشكيلات المسلحة نيته الترشح إلى الانتخابات، لافتا إلى أن "لديه ترتيبات بالخصوص مع عماد السايح رئيس مفوضية الانتخابات".
النظام الرئاسي هو النظام السياسي الأكثر ترجيحا اعتماده في ليبيا مما سيتيح للدبيبة إذا فاز التحكم في البلاد
ووفق التقرير فإن "الدبيبة يسعى لإعلان ترشحه خلال الأيام القليلة المقبلة"، وقد خصص مبلغ 70 مليون دولار أميركي لتنفيذ حملته الدعائية، وهو حاليا "بصدد تكليف نائبه صوريا بتسيير أعماله بالتنسيق معه"، كما ادعى التقرير تشكيل غرفة عمل برئاسة مقربين من الدبيبة تكون مهمتها العمل على مدار الساعة مع وزير الداخلية خالد مازن لدعم حظوظ فوز الدبيبة بالانتخابات.
ويوم الاثنين ظهر رمضان أبوجناح نائب رئيس مجلس الوزراء عن إقليم فزان في ديوان رئاسة الحكومة بطرابلس لينوب الدبيبة الذي كان موجودا في مؤتمر قمة المناخ بغلاسكو الأسكتلندية، وهو ما قد يجعل منه مكلفا بتصريف الأعمال ولو بشكل صوري خلال المرحلة القادمة في حكومة تعتبر بدورها حكومة لتصريف أعمال حتى الرابع العشرين من ديسمبر وذلك وفق قرار مجلس النواب بسحب الثقة منها في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي.
وكان النائب الأول لرئيس الحكومة عن إقليم برقة حسين القطراني قطع جسور التواصل مع الدبيبة في ظل الخلافات الحادة بين رئاسة الحكومة في طرابلس والمنطقة الشرقية، والتي بدا واضحا أن من أسبابها الحقيقية تسرب معطيات عن اتجاه الدبيبة للترشح للرئاسيات بما يقطع الطريق أمام قائد الجيش المشير خليفة حفتر المعروف بأنه رجل برقة القوي، ويدفع نحو جمع السلطات بين أيدي إقليم طرابلس.
وحسمت المفوّضية العليا المستقلة للانتخابات موقفها من المادة 12 المتعلقة بشروط الترشح للرئاسيات والتي كانت البعثة الأممية طالبت مجلس النواب بتسريع النظر في التعديلات المقترحة بخصوصها ودعت "إلى إزالة القيود المفروضة على المشاركة في الانتخابات للسماح لليبيين الذين يشغلون مناصب عامة بفرصة تجميد مهامهم من وقت تقدمهم بطلبات الترشح للانتخابات الرئاسية، على النحو الذي اقترحته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات".
ولم يحدد بعد شكل النظام السياسي الذي ستعتمده ليبيا بعد الانتخابات لكن مسودة الدستور التي من المتوقع أن يجرى استفتاء بشأنها بعد الاستحقاقات تحدد النظام الرئاسي كنظام سياسي للبلاد وهو ما سيتيح للدبيبة إذا فاز التحكم في البلاد.
وتنص المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية الذي أصدره مجلس النواب في التاسع من سبتمبر الماضي على أنه "يُعدّ كل مواطن، سواء أكان مدنيًّا أم عسكريًّا، متوقفًا عن العمل وممارسة مهامّه (قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر)، وإذا لم يُنتخب فإنه يعود إلى سابق عمله وتُصرف له مستحقاته كافة”، بينما ينص التعديل المقترح من المفوضية وتدعمه البعثة الأممية على أنه "يُعدّ كل مواطن، سواء أكان مدنيًّا أم عسكريًّا، متوقفًا عن العمل وعن ممارسة مهامّه (عند إعلان المفوضية عن بدء العملية الانتخابية ولمدة ثلاثة أشهر)".

وبينما لم يعلن مجلس النواب عن قبوله بالتعديلات، أعلنت المفوضية الثلاثاء عن الشروط الخاصة بالترشح لمنصب رئيس الدولة وقد تضمنت التعديل المقترح من قبلها والمدعوم من الأمم المتحدة للمادة 12، وجاء فيه "في حال كان المترشح يشغل وظيفة قيادية عامة، ينبغي عليه التوقف رسمياً عن ممارسة عمله قبل الرابع والعشرين من ديسمبر وتقديم ما يثبت ذلك من وثائق".
وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية الأحد دعمها لبيان البعثة الأممية إلى ليبيا الذي أكد ضرورة اعتماد التعديلات اللازمة على الإطار القانوني للانتخابات في ليبيا.
وقال مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية الألمانية كريستيان بوك “ندعم هذا البيان الذي يؤكد على الإطار القانوني الشامل ووحده هو من سيمهد الطريق لعملية انتخابية ذات مصداقية وشاملة في ليبيا مع احترام مبدأ إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل”.
وشدد محللون أن الموقف الألماني كان مؤشرا على وجود توافقات في مستوى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على تمكين الدبيبة من الترشح للانتخابات القادمة وفسح المجال أمامه ليكون رئيسا لليبيا في المرحلة المقبلة.
واعتبرت أوساط ليبية أن تدخل الأمم المتحدة مباشرة في تحديد مواقف مجلس النواب من التعديلات التي طالبت بها مفوضية الانتخابات يؤكد على وجود تنسيق سابق بين البعثة والمفوضية وبعض القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لفسح المجال أمام الدبيبة للترشح للانتخابات.
وأعلن 44 عضوا في البرلمان الليبي رفضهم "لتدخل بعثة الأمم المتحدة والسفراء الأجانب في قوانين الانتخابات"، وبينوا أن محاولة فرض تعديلات سياسية عليها "تستهدف عرقلة الانتخابات"، ناعتين بعثة الأمم المتحدة بالعجز المستمر عن التنفيذ والالتزام بخارطة الطريق.
ويرى محللون ليبيون أن ما ورد من تعديلات مقترحة من قبل مفوضية الانتخابات ومن دعم مباشر لها من بعثة الأمم المتحدة يعني أن هناك توافقات حصلت منذ فترة حول فسح المجال للدبيبة بالترشح للانتخابات الرئاسية ليفوز بها وبالتالي ليقطع الطريق أمام الشخصية الجدلية، ولاسيما أنه نفذ حملة دعائية واسعة خلال الأشهر الماضية ما جعله يحظى بأعلى نسبة من نوايا التصويت في البلاد.