الأمم المتحدة تعد بخارطة طريق جديدة للحل السياسي في ليبيا

وعدت الممثلة الخاصة للأمين العام رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هانا تيتيه، بأن تقدم خلال الجلسة القادمة “خارطة طريق ليبيا” بمدة زمنية محددة، وذلك لإعادة إطلاق العملية السياسية المتعثرة. وقالت خلال إحاطتها الدورية لمجلس الأمن الدولي التي قدمتها الثلاثاء عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة من مقر البعثة في طرابلس، إن البعثة الأممية تسعى إلى إيجاد حل جذري للأزمة الليبية من خلال عمليات تشاورية واسعة.
وعلمت “العرب” أنه سيتم الإعلان رسميا عن خارطة الطريق الجديدة في منتصف أغسطس القادم، وأن المجتمع الدولي سيتولى الإشراف على تنفيذها من خلال البعثة الأممية انطلاقا من النقطة الرابعة في توصيات لجنة العشرين.
وأكدت تيتيه، أن اجتماع لجنة المتابعة الدولية لعملية برلين الذي عقد الجمعة الماضي، يعد نقلة مهمة لتنشيط الدعم الدولي بهدف دفع الجهود التي تقودها الأمم المتحدة إلى الأمام تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جامعة في ليبيا، وأضافت إن المشاركين في اجتماع “برلين 3” حثوا جميع الأطراف على بذل جهود لتعزيز الهدنة في طرابلس واعترفوا بجهود اللجنة الاستشارية التي شكلتها البعثة، كما وافقوا على الاجتماع بشكل منتظم لتنسيق وتقديم الدعم الدولي للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة.
وشددت تيتيه على أن الدعم الدولي لا يمكن الاستغناء عنه، وأشارت إلى أن “ليبيا تقف عند منعطف طرق لتحقيق هدفها الأسمى نحو الديمقراطية وانتخاب حكومة توحد مؤسسات الدولة وتكون خاضعة للمساءلة أمام مواطنيها،” مشيدة بعمل اللجنة الاستشارية التي شكلتها البعثة الأممية لتقديم مقترحات لمعالجة القضايا الخلافية العالقة في العملية السياسية والإطار الانتخابي. وكانت لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، اجتمعت الجمعة الماضي برئاسة مشتركة من تيتيه، والسفير كريستيان باك، لدعم تنفيذ عملية سياسية يقودها الليبيون ويملكون زمامها بتيسير من الأمم المتحدة بما يفضي إلى حل سياسي للأزمة الليبية.
وأقرّ المشاركون بأهمية العمل الذي قامت به اللجنة الاستشارية التي تيسّرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في وضع مسارات قابلة للتنفيذ لمعالجة القضايا الخلافية الحرجة التي تعيق التقدّم في العملية السياسية. وقد قدّمت البعثة إحاطة للمشاركين حول انخراطها مع الجمهور الأوسع إلى جانب الفاعلين السياسيين والأمنيين من أجل بناء توافق ودعم واسع النطاق لخارطة طريق واضحة ومتفق عليها نحو الانتخابات وتوحيد المؤسسات، تستند إلى إطار قانوني متفق عليه ضمن جدول زمني واضح ومعالم ملموسة.
◙ اجتماع لجنة المتابعة الدولية لعملية برلين يعد نقلة مهمة لتنشيط الدعم الدولي بهدف دفع جهود الأمم المتحدة إلى الأمام تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جامعة في ليبيا
ولاحظ المشاركون، أنه بينما لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020 صامدًا، إلا أنه لم يُنفذ بالكامل بعد. وقد توقف التقدم الأولي نحو حل سياسي للأزمة الليبية. وهذا يمثل مخاطر متزايدة على استقرار ليبيا ووحدتها، وذلك بسبب أزمة شرعية المؤسسات الليبية، وهياكل الحوكمة المجزأة، والتدهور السريع للوضع الاقتصادي والمالي. كما أعربوا عن بالغ قلقهم إزاء الاشتباكات المسلحة الأخيرة في المناطق المأهولة بالسكان، ولا سيما في طرابلس، والتي أدت إلى خسائر في الأرواح وأضرار بالبنية التحتية المدنية. وأشاروا إلى الإخفاق في الالتزام بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد.
وبحسب البعثة فإن اللجنة الاستشارية “درست تصورات متعددة لمعالجة معضلة السلطة التنفيذية، سواءً تلك المقدمة في شكل مقترحات رسمية والتصريحات العامة، وقيَّمت مدى استيفاء كل فكرة لمتطلبات الحياد المؤسسي، والكفاءة الوظيفية، والإجماع الوطني اللازم لإنجاح الانتخابات.”
وشملت تفاصيل المقترحات التي درستها اللجنة الاستشارية لمعالجة معضلة السلطة التنفيذية واستنتاجاتها، إجراء الانتخابات في ظل حكومتين، أو دمجهما عبر اتفاق سياسي، أو توزيع السلطة التنفيذية بين ثلاث حكومات إقليمية مع تشكيل حكومة مركزية، أو تشكيل سلطة تنفيذية أو حكومة جديدة واحدة ذات صلاحيات محددة. وأوضحت البعثة الأممية أن اللجنة الاستشارية خلصت في هذا الشأن إلى أن هذا الخيار “لا يحل مشكلة الانقسام القائم؛ بل يُحدث ارتباكًا بسبب تعدد القادة. كما يُعرّض العملية الانتخابية للخطر بسبب ضعف التنسيق، ويفتقر إلى دعم تنفيذي موحد.”
وشكلت البعثة الأممية اللجنة الاستشارية في فبراير الماضي لمعالجة القضايا الخلافية العالقة في العملية السياسية والإطار الانتخابي، وشملت تلك المقترحات التي نشرت في شهر مايو الماضي إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بالتزامن، مع تعديلات على القضايا الخلافية في قوانين الانتخابات الحالية، وإجراء انتخابات برلمانية أولاً، يليها اعتماد دستور دائم، ثم إجراء انتخابات رئاسية، واعتماد دستور دائم قبل الانتخابات الوطنية، بالإضافة الى إنشاء لجنة حوار سياسي، وفقًا للمادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي، لتحل محل جميع المؤسسات موقتًا، واستكمال القوانين الانتخابية، واختيار حكومة موقتة.
ونبهت تيتيه في احاطتها الثلاثاء إلى هشاشة الوضع الأمني في العاصمة طرابلس رغم الهدنة التي جرى التوصل إليه بين الأطراف المتنازعة عقب الاشتباكات التي جرت منتصف الشهر الماضي، مؤكدة أن الوضع الأمني العام “لا يمكن التنبؤ به،” وهنأت “القوات الأمنية التابعة للدولة على تسييرها المظاهرات السلمية في طرابلس” التي تلت الاشتباكات العنيفة بالعاصمة الليبية منتصف الشهر، واعتبرت أن أطراف النزاع في طرابلس لم تفتح أي ممرات آمنة خلال الاشتباكات التي اندلعت في 13 و14 مايو الماضي رغم المناشدات المتعددة، مشيرة إلى أن الأدلة التي جرى الكشف عنها بعد الأحداث الأمنية في منطقة أبوسليم أظهرت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يدعى أنها ارتكبت من قبل جهات دعم الاستقرار.
وفي سياق متصل، حذرت تيتيه من مصادقة مجلس النواب على الميزانية الخاصة لصندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا برئاسة بلقاسم حفتر كونها ستقوض قدرة مصرف ليبيا المركزي في السيطرة على التضخم والحفاظ على قيمة الدينار، ورأت إن قدرة الدينار الليبي تدهورت المدة الماضية ولم يجر التوصل إلى ميزانية موحدة ما يفرض ضغوطا هائلة على مصرف ليبيا المركزي، لافتة إلى أنه “إذا صادق مجلس النواب على ميزانية صندوق التنمية البالغة 69 مليار دينار سيقوض ذلك قدرة مصرف ليبيا المركزي على تثبيت سعر الصرف واحتواء التضخم وسيضغط على الاحتياطي الليبي.”