الجيش التونسي في مواجهة كورونا: فرصة الرئيس لاستعادة شعبيته

الرئيس التونسي قيس سعيّد يطلب من القوات المسلحة المشاركة في عمليات التطعيم في ظل تصاعد كبير في أعداد حالات الوفاة والإصابات بالوباء.
الاثنين 2021/07/12
قيس سعيّد يفعّل دور الجيش في الأزمات مجدّدا

تونس - مثّل إنزال الجيش التونسي للتطعيم ضدّ فايروس كورونا في ظلّ الوضع الصحيّ المأزوم بمختلف جهات البلاد، خطوة رمزية حسب مراقبين لتخفيف الغضب الشعبي المتصاعد من سوء إدارة الحكومة للأزمة، فضلا عن كونها فرصة لاستعادة ثقة الشعب في الرئيس التونسي قيس سعيّد.

وبدأ الجيش التونسي المساعدة في عمليات تطعيم المواطنين ضد الفايروس في ظل تصاعد كبير في أعداد حالات الوفاة والإصابات بالوباء.

وكان الرئيس سعيّد، قد طلب من القوات المسلحة المشاركة في عمليات التطعيم، في الوقت الذي سجلت فيه البلاد نحو 200 حالة وفاة بسبب كورونا في يوم واحد، وهو أكبر عدد منذ تفشي الوباء في البلاد.

 وذكرت الرئاسة التونسية في بيان لها، أن سعيّد “وشعورا منه بالمسؤولية التاريخية التي يتحمّلها لاسيّما في هذا الظرف الوبائي الدقيق الذي تمرّ به بلادنا، فإنه بذل الجهود المكثفة من أجل توفير كل المتطلبات الضرورية للسيطرة على الوضع الوبائي الصعب”.

عبدالعزيز القطي: الرئيس سعيد قادر على استرجاع ثقة التونسيين

وسجلت وزارة الصحة التونسية السبت رقما قياسيا جديدا في حصيلة الوفيات اليومية جراء الإصابة بالفايروس، لتبلغ 194 حالة في 24 ساعة الأخيرة وهي الأعلى على الإطلاق، في وقت بدأ فيه الجيش بتوسيع عملياته الصحية للمساعدة في احتواء الكارثة الوبائية.

وسجلت شعبية الرئيس سعيد تراجعا في الآونة الأخيرة، وأصبح يخسر شهريا 10 نقاط كاملة، ليكون في أسوأ مستوى له منذ انتخابه بعد حصوله على نسبة 30 في المئة من ثقة التونسيين.

وترى شخصيات سياسية أن استنجاد الرئيس بالجيش باعتباره قائدا أعلى للقوات العسكرية، في حملات التطعيم، يأتي في ظل غياب دور الحكومة التي فشلت في إدارة الأزمة حسب هؤلاء، ما يسمح بخلق مناخ جديد من الأمل، ويعيد منسوب الثقة المتراجع في الرئيس في الفترة الأخيرة.

وأفاد المحلل السياسي عبدالعزيز القطي، أن “الجيش يعاضد جهود السلطات في مواجهة الأزمات، وهو دور ليس بغريب على المؤسسة العسكرية، فضلا عن كون الرئيس سعيّد هو المسؤول على الأمن القومي، وعليه حماية الأمن الصحي والأسعار والمستلزمات المعيشية للتونسيين”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “أمام الاستقالة التامة للحكومة، على الرئيس تفعيل كل صلاحياته والإشراف بنفسه على إدارة الأزمة الصحية وننتظر منه أن يقوم بذلك في أقرب وقت ممكن”.

وتابع “سعيّد لعب دوره الطبيعي عبر تقديم تعليماته للجيش، وفي ظل غياب الحكومة وعدم الرضاء عن المنظومة السياسية، يبقى الرئيس هو من يتحمل جزءا من المسؤولية، وربما في المستقبل بتدخلاته عبر الجيش وطلب المساعدات عبر دوره الدبلوماسي كطرف منتخب من قبل التونسيين مع سياسة تواصلية ناجعة من قصر قرطاج، قادرا على استرجاع ثقة التونسيين”.

ويرى مراقبون أن خطوة إنزال الجيش للمشاركة في التطعيم ضد الفايروس، من شأنها أن تخفف الضغوط على التونسيين، باعتبار الجانب التنظيمي للمؤسسة العسكرية وفرضها للانضباط واتباع الإجراءات اللازمة.

وأكد الناشط السياسي المنذر ثابت في تصريح لـ”العرب”، أن “قرار إنزال الجيش انطلق من تصاعد المطالب في هذا الاتجاه، خصوصا من اندلاع أزمة ولاية القيروان (وسط) والمطالبة بإدارة جهوية لمجابهة الكوفيد”.

وأضاف “الإدارة العسكرية كانت مطروحة لمواجهة الجائحة باعتبار أن لها وجها طبيا وصحّيا وأيضا البعد الأمني في علاقة بتطبيق البروتكول الصحي في الفضاء العام والتصرّف فيه”، لافتا “هناك ثقة في المؤسسة العسكرية لدى التونسيين”.

الجيش يدخل على خط المواجهة في الحرب على كورونا
الجيش يدخل على خط المواجهة في الحرب على كورونا

ويشكو الطاقم الطبي لوزارة الصحة التونسية نقصا واضحا بخصوص تأمين عمليات التطعيم ضد كورونا، ما دفع الرئيس سعيد إلى القيام بهذه الخطوة، في مسعى لتفادي عجز وزارة الصحة وإمكانياتها المتواضعة في مواجهة الجائحة.

مختار بن نصر: الجيش قادر على تنظيم عمليات التطعيم في صورة توفير التلاقيح

وأفاد مختار بن نصر العميد المتقاعد من الجيش الوطني والرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، بأنه “من مهام الجيش المساعدة عند الأزمات والكوارث في دعم السلطة المدنية، وهو يملك وحدات متخصصة كالإدارة العامة للصحة العسكرية، والمصحات العسكرية”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “المؤسسة العسكرية تحظى بثقة التونسيين، والجيش أكثر وصولا إلى المناطق النائية، وفي صورة توفير العدد الكافي من التلاقيح، الجيش قادر على تنظيم عمليات التطعيم مثلما أثبت نجاحه في عدّة مهام وطنية أخرى، على غرار تأمين الانتخابات والامتحانات الوطنية وغيرهما”.

وتعيش تونس منذ أسابيع، وضعا صحيا حرجا بسبب الموجة الرابعة من الوباء التي ضربت البلاد، ما دفع وزارة الصحة إلى إعلان انهيار المنظومة الصحية في البلاد.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة نصاف بن علية، “لقد انهارت المنظومة مع امتلاء أقسام العناية الفائقة وإرهاق الأطباء والتفشي السريع للجائحة”.

وبلغ العدد الإجمالي للوفيات 16 ألفا و244 منذ مارس 2020 بينما أحصت الوزارة 9286 إصابة جديدة بالفايروس، ليتخطى إجمالي الإصابات 491 ألفا.

4