التجاذبات في ليبيا تفشل الحسم في "القاعدة الدستورية للانتخابات"

المقترحات الأربعة المطروحة تمثل فخا أتقن الإخوان وحلفاؤهم نصبه حيث أن ثلاثة منها تخدم مصالح الإسلام السياسي.
الأحد 2021/08/08
غموض متواصل

يعود ملتقى الحوار السياسي الليبي إلى الانعقاد الأربعاء القادم لحسم موقفه من ملف القاعدة الدستورية للانتخابات المقررة للرابع والعشرين من ديسمبر القادم، وذلك بالتصويت على أحد المقترحات الأربعة التي حددتها لجنة التوافقات في تقريرها النهائي بعد فشلها في الفصل فيها.

وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إنها ستتولى تسيير اجتماع افتراضي لملتقى الحوار السياسي الليبي يوم الحادي عشر من أغسطس للنظر في النتائج التي خلصت إليها لجنة التوافقات والخطوات اللاحقة وذلك عقب اختتام اللجنة لمداولاتها التي جرت أيام السادس عشر والسابع والعشرين والثلاثين من يوليو الماضي والثاني من أغسطس والتي أسفرت عن أربعة مقترحات للقاعدة الدستورية للانتخابات.

ووجه المبعوث الأممي يان كوبيش رسالة إلى أعضاء ملتقى الحوار خاطبهم فيها قائلا “عند النظر في أي من هذه المقترحات، من المهم إبداء الاحترام التام لشرط عدم إخلال أي من هذه المقترحات بالالتزام الذي قطعتموه أمام الشعب الليبي بإجراء الانتخابات في الإطار الزمني الذي حددته خارطة الطريق”.

وسيكون التحدي كبيرا أمام ملتقى الحوار المنقسم على نفسه، والخاضع لتجاذبات سياسية وحزبية وأيديولوجية ومناطقية، وكذلك إلى مصالح وحسابات سبق وأن أدت إلى فشل عدد من محطاته السابقة، ومنها اجتماعه الأخير بجنيف الذي انتهى في الثاني من يوليو، دون التوصل إلى تحديد القاعدة الدستورية، وهو ما مثل خيبة للمجتمع الدولي.

والإثنين الماضي أعلن منسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ريزدون زنينيغا عن اختتام الاجتماع الافتراضي الرابع والأخير للجنة التوافقات المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي اكتفى بتحديد أربعة مقترحات للقاعدة الدستورية ليتم عرضها على ملتقى الحوار لاختيار أحدها.

 وكان الهدف من اجتماعات لجنة التوافقات التوصل إلى اتفاق بشأن مقترح توفيقي واحد أو أكثر، بناء على مقترح اللجنة القانونية لقاعدة دستورية للانتخابات الوطنية المقبلة في ديسمبر القادم، لكن أعضاء اللجنة أقرّوا بأن جميع إمكانيات التوصل إلى حل وسط بشأن مقترح واحد قد استنفدت، وطلبوا بالتالي من البعثة إحالة المقترحات الأربعة إلى الجلسة العامة لملتقى الحوار السياسي الليبي للنظر فيها واتخاذ قرار بشأنها.

وتقول بعثة الأمم المتحدة “بدأ ملتقى الحوار السياسي بمقترح واحد قدمته اللجنة القانونية المنبثقة عنه في مايو الماضي، ثم تدارس مقترحاً آخر قدمه أعضاء اللجنة الاستشارية المنبثقة عنه في جنيف في يونيو، إلا أنه انتهى به المطاف بثلاثة مقترحات في جنيف، والآن هناك أربعة مقترحات من لجنة التوافقات، علاوة على ذلك، سبق وأن تم تكليف ثلاث لجان لإعداد قاعدة دستورية للانتخابات وهي اللجنة المشتركة بين مجلس النواب ومجلس الدولة الاستشاري، واللجنة القانونية واللجنة الاستشارية المنبثقتين عن الملتقى دون التوصل إلى نتائج حاسمة، وكانت لجنة التوافقات هي اللجنة الرابعة، غير أنها فشلت بدورها في الوصول إلى نتيجة مقنعة”.

وتمثل المقترحات الأربعة المطروحة على ملتقى الحوار الأربعاء القادم فخا أتقن الإخوان وحلفاؤهم نصبه، حيث أن ثلاثة منها تصب في خدمة تيار الإسلام السياسي، وتجد دعما من الزعامات الجهوية لاسيما في مدينة مصراتة، ومن أمراء الحرب، وممن يطلقون على أنفسهم اسم قوى “17 فبراير”، فيما تمثل أداة لقطع الطريق أمام تيارين مهمين في المشهد الليبي وهما التيار الداعم للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر وتيار النظام السابق والذي يتصدره سيف الإسلام القذافي.

Thumbnail

 ويتمثل المقترح الأول بين المقترحات الأربعة التي ستعرض على الملتقى في تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية بشروط ميسرة ومفتوحة للترشح لكل الليبيين، وهو ما يدعو إليه أغلب الليبيين لكن يواجه معارضة شديدة من الإخوان، وكذلك من القيادات والزعامات المناطقية والجهوية والميليشياوية ذات العلاقات الواضحة مع تركيا وقطر، علما وأن الطيف المعارض لهذا المقترح يبدو أغلبيا داخل الملتقى كنتيجة لاختلال التوازنات الواضح منذ الإعلان عن قائمة تم اختيارها من قبل مهندسة خارطة الطريق الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز التي أنهت مهمتها في أوائل فبراير الماضي.

وينص المقترح الثاني على انتخابات برلمانية تتزامن مع انتخابات رئاسية مقيدة بشروط من بينها ألا يحتكم المرشح على جنسية أخرى غير ليبية وألا يكون ملاحقا من القضاء في الداخل والخارج، وأن يستقيل من منصبه العسكري إذا كان عسكريا وهي شروط موجهة بالأساس لحرمان قائد الجيش وابن القذافي من الترشح، ما يجعل هذا المقترح مرفوضا من قبل أنصار الجيش والنظام السابق وأغلب الفعاليات القبلية، لكنه يحظى بدعم الإخوان والمتحالفين معهم.

 ويدعو المقترح الثالث إلى إجراء انتخابات برلمانية فقط وانتخاب الرئيس لاحقا من البرلمان، وهو مقترح إخواني بالأساس هدفه غزو البرلمان بالقائمات المستقلة والسيطرة عليه بواسطة المال السياسي وشراء الذمم وتحويله إلى حاكم فعلي في البلاد لتنبثق عنه السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة ورئيس للبلاد بصلاحيات ضيقة لا تشمل القيادة العليا للقوات المسلحة.

ويتمثل المقترح الرابع في إجراء انتخابات برلمانية فقط تمهد لانتخابات رئاسية لاحقا بعد الاستفتاء على الدستور، وهو كذلك مقترح إخواني يصر عليه مجلس الدولة الاستشاري الخاضع لهيمنة الإسلام السياسي، وهدفه الأساسي تمرير مسودة الدستور المثيرة للجدل، أو إبقاء الوضع على ما هو عليه في حالة رفضها من قبل الشعب.

وبذلك يكون الإخوان وحلفاؤهم قد لعبوا على تشتيت الأصوات بين أربعة مقترحات، ثلاثة منها تخدم مصالحهم فيما تتم محاصرة الاقتراح الأول لكي لا يحصل على دعم أغلبي، وفي حالة الفشل في التوصل إلى التصويت على أي مقترح يكون الوضع أفضل بالنسبة إليهم.

وبحسب عضو ملتقى الحوار السياسي وعضو مجلس النواب خالد الأسطى فإن التصويت على المقترحات سيكون على جولتين خلال جلسة عامة على غرار اختيار السلطة التنفيذية الحالية.

2