الاستنزاف المالي حيلة تقليدية للسيطرة على الزوج

يسعى البعض من الزوجات للسيطرة على الأزواج عبر استنزافهم ماليا حتى لا يتركن لهم الفرصة لمعرفة امرأة أخرى أو تقديم بعض المعونة لأهاليهم أو الإسراف في الإنفاق على الأصدقاء، فيثقلن كواهلهم بكثرة الطلبات ويسلكن مسالك ملتوية لإشباع رغباتهن المتجددة يوميا من الألبسة والعطور والمآكل والتردد المستمر على المطاعم الفاخرة وعلى مراكز التجميل والتدليك. ويعتبر علماء النفس هذا السلوك تعويضا عن النقص المادي الذي لم تحصل عليه المرأة في فترة ما قبل الزواج.
تعتقد بعض النساء أن كثرة المال لدى الزوج تجعله يفكر في التعرف على امرأة أخرى لذلك يسارعن بعدم فسح المجال له للتفكير في هذا الخيار، فيرهقن أزواجهن بالطلبات المتكررة حتى لا يستطيعوا أن “يتحركوا هنا أوهناك”. كما أنهن غالبا ما يظهرن عدم الرضا عن كل ما يفعله الزوج أو يجلبه أو يشتريه ليحصلن على المزيد.
وأشار عبدالرزاق الكيلاني، أستاذ خمسيني بالتعليم الثانوي وأب لطفلين، إلى أنه العائل الوحيد لأسرته وهو يمتلك بيتا وسيارة وزوجته حاصلة على شهادة عليا لكنها لا تعمل، ما يحتم عليه أن يتحمل وحده كل مصاريف أسرته.
قال الكيلاني “رغم أني لا أدخر جهدا في تلبية طلبات كل أفراد أسرتي إلا أن زوجتي لا تتردد في افتعال المشاكل والخصومات حتى تتهمني بالتقصير المالي”.
وأضاف أن زوجته كثيرة الإنفاق ولا تراعي مطلقا ظروفه المادية ممّا جعله يفكر في العديد من المرات في الطلاق إلا أنه يتراجع خوفا على ضياع أطفاله. وأكد على أنها ترغب في الاستحواذ على كل راتبه حتى تسيطر عليه سيطرة كلية، فزوجته لا تتوانى عن إتلاف الأثاث القديم والملابس التي يمكن استعمالها بتعلة أنها تحب التغيير وشراء الموديلات الجديدة.
مسالك ملتوية
وتابع الكيلاني “إن زوجتي مثلما تفتعل المشاكل فهي تفتعل المصاريف”.
وأكد الكيلاني أن زوجته ترغب في الوقت الحالي في أن يشتري لها بيتا جديدا بحي راق ويتركا البيت القديم وهو ما ليس في استطاعته.
وأشار أحمد الأبيض المختص التونسي في علم النفس إلى أنه حتى وإن استطاعت الزوجة السيطرة على الزوج فإنه في الغالب سيمل من هذا التصرف وستكون النتيجة إما الطلاق أو العيش في تعاسة.
وقال الأبيض لـ”العرب” يمكن أن تتسلط المرأة على الرجل بأهلها أو بمكانتها في المجتمع أو بالسحر والشعوذة أو باستنزافه ماليا، وكلها أساليب تعكس عقلية السيطرة التي تؤدي إلى حياة تعيسة. وأضاف، أنه “حتى المتسلط مسكون بالخوف”.
من الزوجات من ترهق كاهل زوجها بالمتطلبات حتى يلجأ فارا من ضغطها إلى تسليمها كل مدخوله الشهري لتتصرف فيه
كما يشير علماء الاجتماع إلى أن حب السيطرة أو القيادة أو التملك مسميات مختلفة لسلوك واحد، لا تختص به المرأة دون الرجل ولكن يبرز لدى أحد الشريكين إذا كان الشريك الثاني يحوز ثروة أو هو صاحب المدخول الشهري.
ويرى الصحبي بن منصور أنه إذا كانت الزوجة من النوع الأناني حيث لا تفكر إلا في مصلحتها فإنها ستسلك مسالك ملتوية لإشباع رغباتها المتجددة يوميا من الألبسة والعطور والمآكل والسفريات والتردد المستمر على المطاعم الفاخرة وعلى مراكز التجميل والتدليك، وعلى تجديد الأثاث المنزلي بين الفيْنة والأخرى، مشيرا إلى أن مدخرات الزوج قد تكفي هذا جميعا وزيادة، ولكن في حالة كان الزوج متوسط المدخول المالي فإن الأساليب الملتوية لزوجته ولمطامعها أو مطامحها ستؤثر سلبا ليس على الراحة النفسية لشريكها وإنما أيضا على التوازن الأسري.
وأكد أستاذ الحضارة بجامعة الزيتونة أن تقليل شعور الفتاة بدورها الأنثوي داخل أسرتها يضعف شخصيتها ويدفعها في الكبر إلى ركوب مركب جديد سلبي تعوّض به عن إحساسها بالضعف فتلجأ إلى المال تلهفا عليه لتسدّ مواطن الضعف في شخصيتها، طالما أن المال قوام الأعمال وأنه يجعل الآخرين عبيدا لملاكهم ومسخرين لخدمتهم.
قال بن منصور لـ”العرب”، “المرأة هنا تتعامل مع زوجها على أنه جسر لتلبية تطلعاتها المالية. وهنالك من الزوجات من ترهق كاهل زوجها بالمتطلبات حتى يلجأ فرارا من ضغطها إلى تسليمها كل مدخوله الشهري لتتصرف فيه، فعلى قدر المداخيل يكون حجم المصاريف”.
وأضاف أن هذا الخضوع من الزوج هو هدف جل النساء اللاتي يصطلح الرجال على تسميتهن من باب الفكاهة بوزارة المالية، فالمرأة تستعمل كل ذكائها لبلوغ غايتها المنشودة وهو أن يشتغل الرجل لتكون هي الحاكمة المالية بأمرها في بلاط زوجها.
خلل نفسي

وأكدت سامية الكوكي موظفة أربعينية بالقطاع الخاص وأم لطفل وحيد أنها لا تدخر جهدا في إنفاق مال زوجها يمنة ويسرة وهو الرجل الذي وهب عمره لجمع المال حتى يقيه شرّ الحاجة. وتقول الكوكي إنها تصرف راتبها على كل ما يتعلق بأمورها الخاصة وتسعى دائما إلى أن تكون مواكبة لآخر صيحات الموضة وعندما لا يكفيها راتبها تلجأ إلى مال زوجها، وهكذا لا تكون أمامه فرصة ليعرف غيرها، أو ليجمع المزيد من المال، كما أنه كلما قلّ ماله استطاعت السيطرة عليه أكثر.
وحسب بن منصور فإن تحقيق رغبات مثل هذا الصنف من النساء المتطلبات قد يكون على حساب حاجيات أبنائهن، غير أن ما يستخلص في المجمل هو أنهن يعانين من خلل نفسي يعكس في كل الحالات ضيق أفق فكري ويسبب اضطرابا كبيرا داخل الأسرة.
يقول بن منصور “ما يلاحظ في مثل هذه الحالات أننا إزاء امرأة تستنزف عائلتها ماليا دون تفكير في العواقب، من قبيل الارتهان إلى البنوك أو الدائنين وتحطم الزوج تحت همّ التفكير في ما تطلبه منه”.
وأضاف أنه إذا كان الزوج قوي الشخصية فستلجأ الزوجة إلى كل الطرق الملتوية من تلاعب لغوي وكذب وإغراءات جنسية وشعوذة وربما حتى البحث عن بديل له يحقق رغباتها المالية.
ويرى مستشارو العلاقات الأسرية أن الزوجات ممن يتصفن بالمادية وكثرة المتطلبات التي ترهق جيب الزوج ـ حيث يجدن فيه بنكا متنقلا كلما طالبن بشيء استجاب لهن الأزواج، وربما يكون أمرا غير ضروري أو ملح ـ وهدفهن هو السيطرة عليه وإثقاله بأعباء مادية دون مراعاة لإمكانياته المالية، ليس فقط تلبية لرغباتهن في الشراء والتبذير، وإنما حتى لا يتركن له مجالا لمعرفة غيرهن أو عيش حياة هنيئة خارج إطارهن.
ويقول مستشارو العلاقات الأسرية إن الزوجة المادية هي زوجة لا تراعي إمكانات الزوج بكثرة طلباتها، ورغبتها في اقتناء المزيد من الحاجيات سواء كانت مهمة لها أم لا إنما هي كنوع من تقليد الأخريات أو ربما لتعويض النقص المادي الذي لم تحصل عليه في حياتها السابقة، لذلك تعوّض هذا النقص مع زوجها وإن كان غير قادر ماديا.
ويجد المختصون في علم الاجتماع أن الزوجة المتسلطة ماديا وما تسببه من عبء وعناء لزوجها، تحوّل الحياة إلى سباق لأعداد وكميات وأرقام، خاصة إذا ما كانت زوجة تتصف بالغيرة، فتدخل في سباق مع زميلاتها لامتلاك الأشياء واقتناء الغالي منها، ما يسبب للزوج مهما بلغ ثراؤه وتيسّرت حالته المادية، ضغطا نفسيا، ويكون شغل الزوجة الشاغل هو جمع أكبر قدر من المال ما يجعلها تنقل التوتر إلى كل الأجواء المحيطة وأول من يتأثر بها هو الزوج.
ويلفت المختصون إلى أن الزوجة المادية يمكن اكتشافها بسهولة خلال فترة الخطوبة معتبرين أنها فتاة تعشق المظاهر وتنبهر بممتلكات الآخرين، ولا تشكر من يقدم لها هدية أو مساعدة، ودائما تقدر الأشياء بالمال.
ويرى المختصون أن علاج مشكلة الاستنزاف المالي للزوج إما أن يكون حلا جذريا على المدى الطويل وتقوم به الزوجة نفسها أو زوجها، وإمّا حلا يُفرض عليها، ولكن ستظل المشكلة موجودة ولكنها مكبلة لا أكثر.
وينصح الباحثون في علم الاجتماع بتغيير قناعات الزوجة حول المال ونصحها بأن السعادة تكون في امتلاك بعض القيم مثل الرضا والقناعة وتكرار هذا الحديث بأكثر من شكل على مسامعها، ووضع سقف لمطالبها المادية لا يمكن تعديه مهما فاض من المال.
ويرى الباحثون أنه لا يشترط في هذه الحالات أن تكون الزوجة مادية منذ البداية، فربما اكتسبت صفة الاهتمام الشديد بالمال مع الوقت ومع زيادة المادة وزيادة المغريات. ويؤكد الباحثون أنه كلما ازداد الانشغال بالمال سواء من قبل الزوجة أو الزوج، قلّت مساحة العواطف بينهما وازدادت حالات الشكوى، الأمر الذي ينعكس سلبا على صحة الزوج.