الاحتقان في تطاوين يتفاقم بعد مقتل شاب على الحدود التونسية الليبية

تونس – تفاقمت حالة الاحتقان الشعبي الذي تعيش على وقعه ولاية تطاوين الواقعة بجنوب تونس بعد وفاة شاب من سكان المنطقة على يد الجيش أثناء مطاردة لعملية تهريب على الحدود مع ليبيا، ما كان سببا في عودة الاحتجاجات هناك والتي يقودها المعتصمون في الكامور بعد هدوئها خلال الأيام الماضية.
ويعمل أغلب سكان تطاوين في التجارة على الحدود مع ليبيا نظرا لغياب موارد رزق كافية في منطقتهم.
وعاشت مدينة تطاوين حالة احتقان شديد مساء الأربعاء بينما انتشرت عربات الجيش لحراسة مؤسسات القطاع العام ومنع حصول اشتباكات أو أعمال عنف.
وتجمع المحتجون، بدعوة من تنسيقية اعتصام الكامور، وسط مدينة تطاوين ونظموا مسيرة للتضامن مع أهالي رمادة قادتهم للاحتجاج أمام الثكنة العسكرية بالمدينة حيث طالبوا رئيس البلاد قيس سعيّد بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة بإصدار أوامر للدوريات العسكرية بالعودة إلى ثكناتها ووضع حدّ للتوتر السائد.
ويأتي ذلك بعد هدوء نسبي شهدته مختلف مدن الولاية على خلفية احتجاجات منطقة الكامور الغنية بالنفط، ويتهم المعتصمون في تلك المنطقة منذ فترة طويلة الحكومة بالمماطلة في حل الأزمة التي بدأت منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وفسّر الناطق الرسمي باسم تنسيقية اعتصام الكامور طارق الحداد، عبر مقطع مصور على موقع فيسبوك، أن “ما وقع في مدينة رمادة خطة ممنهجة لمنع محتجي الكامور من موصلة اعتصامهم وقبر مطالبهم”.
وحمّل الحداد “رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان تداعيات ما يجري بالولاية”، محذرا “من مغبّة التصادم مع القوات الأمنية والعسكرية”.
وتشهد ولاية تطاوين احتجاجات منذ أسابيع يقودها عاطلون يطالبون الحكومة باستكمال تنفيذ اتفاق موقع منذ 2017، وينص على رصد اعتمادات مالية تخصص لإنجاز استثمارات في المنطقة بالإضافة إلى تخفيض أعداد البطالة هناك من خلال توظيف عدد من أبناء المنطقة في الشركات الناشطة هناك.
والجمعة الماضي، نفذت مدينة تطاوين إضرابا عاما شاركت فيه مؤسسات القطاع العام وحقول النفط والغاز في الصحراء القريبة.
وأكّد فؤاد ثامر، النائب عن كتلة حزب قلب تونس بالبرلمان، “أنه كان على الحكومة والسلطات عموما أن تعالج الوضع بشيء من الرصانة والهدوء، نظرا لخصوصية المنطقة الحدودية التي يعاني شبابها من التهميش والبطالة بنسبة مرتفعة”.
وأضاف ثامر، في تصريح لـ”العرب”، أن “الدولة دورها غائب.. وأنها ارتكبت خطأ جسيما وعليها تقديم البدائل” مقدرا أنه “إذا ما واصلت الحكومة سياسة المماطلة تجاه المحتجين في تطاوين وخصوصا معتصمي الكامور، فهذا سيزيد من الضغط عليها وسيوتر الأجواء بعد انعدام الثقة وربما ستعجّل الاحتجاجات المتنامية بسقوط حكومة إلياس الفخفاخ”.
وسبق أن لجأت الحكومة التونسية إلى المعالجة الأمنية لإنهاء الاعتصام في منطقة الكامور، أواخر يونيو الماضي، وهو ما فاقم حالة الغضب والاحتقان في المنطقة. وتمّ إيقاف عدد من المعتصمين من بينهم الناطق الرسمي باسمه، طارق الحداد، الذي كان قد دخل في إضراب جوع وحشي.
ومساء الثلاثاء، رصدت التشكيلات العسكرية العاملة بمنطقة المنزلة في رمادة تحرّكات مشبوهة لأربع سيارات قادمة من التراب الليبي توغلت داخل المنطقة الحدوديّة العازلة على مستوى الساتر الترابي الذي شيدته تونس على حدودها مع ليبيا.
وذكر بيان لوزارة الدفاع التونسية أن “الوحدات العسكرية وعملا بأحكام القرار الجمهوري القاضي بالتدرّج في استعمال القوّة، تولت إطلاق أعيرة ناريّة تحذيريّة في الفضاء لإجبارها (السيارات المشبوهة) على التوقّف لكنّها لم تمتثل للإشارات فتمّ في مرحلة ثانية الرمي على مستوى العجلات إلّا أنّ السيارات لاذت بالفرار”.
وأضاف البيان أن المحكمة العسكرية الابتدائية بصفاقس تولت فتح بحث تحقيقي في هذه الحادثة.
وأكدت الوزارة أنّ “وحدات الجيش ستبقى جاهزة بكل الوسائل القانونية المتاحة للتصدّي لكلّ محاولات المسّ من سلامة تراب بلادنا وأمنها القومي عبر التّصدي للأعمال غير المشروعة كالتهريب والأنشطة الإرهابيّة والجريمة المنظمة”. ودعت المواطنين إلى التعاون مع الوحدات العسكرية والأمنية من أجل الحفاظ على سلامتهم.