الإخوان أدوات السلطة لضرب الحراك في الجزائر

رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، يدعو إلى "التخندق" في جبهة واحدة من أجل إجهاض ما أسماه بـ"المشروع الأجنبي" الذي يستهدف ضرب استقرار البلاد.
السبت 2020/03/14
انقلاب واضح في المواقف

الجزائر - سجلت أحزاب التيار الإخواني في الجزائر، انقلابا لافتا في مواقفها تجاه الحراك الشعبي، في خطوة تعكس رغبة هؤلاء في ركوب موجة اللحاق بأجندة السلطة، لاسيما بعد التصريحات التي أطلقتها شخصيات قيادية تتهم فيها المحتجون بخدمة مخططات أجنبية تستهدف ضرب استقرار ووحدة البلاد.

ودعا رئيس حركة البناء الوطني ومرشح الانتخابات الرئاسية الأخيرة عبدالقادر بن قرينة، جميع القوى السياسية والشعبية والسلطة الحاكمة، إلى “التخندق” في جبهة واحدة من أجل إجهاض ما أسماه بـ”المشروع الأجنبي” الذي يستهدف ضرب استقرار ووحدة البلاد.

وشدد بن قرينة، في لقاء مع قواعد الحزب بمدينة قسنطينة على ”وجود جهات مشبوهة مدعومة بأجندات خارجية تستغل الحراك الشعبي كوسيلة لإسقاط الدولة الجزائرية“، وهي الرسالة التي تطابقت مع مضمون تصريحات سابقة لرئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري، وحتى وزير الداخلية كمال بلجود.

ومنذ الإعلان عن نية السلطة في الذهاب إلى انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة، وحل المجالس المنتخبة الحالية، سجلت أحزاب التيار الإخواني انقلابا كبيرا في مواقفها تجاه الحراك الشعبي، ولم تتورع بعض القيادات في اتهام بعض عناصره بـ”العمالة والعمل لصالح أجندات أجنبية".

وهو المنحى الذي ذهب فيه وزير الداخلية والجماعات المحلية كمال بلجود، لما صرح بالقول ”هناك عناصر معروفة تستغل الحراك الشعبي، من أجل تنفيذ نوايا شريرة لجهات خارجية تريد النيل من وحدة واستقرار البلاد“، وألمح إلى دول وحكومات بعينها دون أن يسميها.

واعتبر ناشطون ميدانيون تصريحات وزير الداخلية، تكرارا لرسائل التخويف التي كان يطلقها مسؤولون كبار في المؤسسات الانتقالية السابقة، للنيل من عزيمة الاحتجاجات الشعبية المستمرة، وأن الأجدر بهؤلاء كشف ”العناصر والجهات المتواطئة” للرأي العام من أجل الاطلاع على الحقيقة، وعدم الاكتفاء بإطلاق الألغاز والدعاية التي باتت تؤدي مفعولا عكسيا على مخطط السلطة.

وتعهد بن قرينة، في لقائه مع مناضلي حركته بشرق البلاد، بأنه سيكشف على مبادرة سياسية جديدة خلال تجمع شعبي سيعقده في العاصمة، سيكون الأخير من نوعه، تنفيذا لأوامر الحكومة بتجميد كل الأنشطة السياسية والرياضية والثقافية والدراسية الى غاية مطلع الشهر الداخل، في اطار الإجراءات الاحترازية التي دخلت حيز التنفيذ لمواجهة فيروس كورونا.

وذكر المتحدث، بأن ” المبادرة تأتي في إطار التصدي لأولئك الذين يصطادون في المياه العكرة، خارج الوطن وأقلية في الداخل تريد تصفية حساباتها مع مؤسسات الدولة الخاسر الأكبر هو الوطن والدولة ومؤسساتها، وأن بعض الأصوات التي تزعم الوطنية تريد خطف الحراك مثلما خطفوا التاريخ “.

وأضاف ” الطابور الخامس للأسف مازال موجودا، هناك عدة مناطق مازالت تتخبط في المشاكل التنموية، سكانها يتطلعون إلى الالتفاتة إليهم بعدما حرمتهم منها العصابة التي لا تحب أي منطقة تذكرها بثورة نوفمبر المباركة “.

وتطابق تصريح بن قرينة، مع تصريحات سابقة لرئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، اتهم فيها ”التيار الديمقراطي والعلماني بالهيمنة على الحراك الشعبي، وقيادته إلى أجندة افراغ المجتمع من ثوابته الوطنية والقومية والدينية“، وهو الخطاب الذي يؤكد عودة الإخوان إلى معسكر السلطة، ووقوع الطلاق بينها وبين الشارع المنتفض منذ أكثر من عام.

ودون أن يتم الكشف لحد الآن عن أي تنسيق بين السلطة والاخوان بشأن المواقف السياسية، ومستقبل هؤلاء في المشهد القادم، في ظل الحديث عن انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة قبل نهاية العام الجاري، لا يستبعد حصول الاخوان على ضمانات حول حصصهم في البرلمان والحكومة القادمتين مقابل الطعن في الحراك الشعبي.

ويرى متابعون للشأن الجزائري أن استقطاب الأحزاب الإسلامية لمعسكر السلطة، سيكون في سياق صفقة سياسية ستعرف انضمام قوى سياسية أخرى اليها في قادم الأيام، بغية استخلاف الطبقة التقليدية التي لم يعد موثوقا فيها من طرف مؤسسة الرئاسة.

وعكس أحزاب التيار الاخواني التي تحذق لعبة التلون مع الوضعيات والمواقف، فان الإسلاميين المنحدرين من جبهة الإنقاذ المنحلة، وعلى رأسهم نائب رئيس الحزب المحظور علي بلحاج، وعددا من القيادات الأخرى، لا زالوا يتفادون أخذ مواقع متقدمة في احتجاجات الشارع الجزائري، للحيلولة دون الوقوع في أي صدام مع السلطة.

وتكرر شعار ” لا علماني لا إسلامي.. حراكنا شعبي “، في العديد من المظاهرات الشعبية خلال الأسابيع الأخيرة، لتحييد التوجهات الأيديولوجية، والتركيز على المطالب الأساسية المتمثلة في الرحيل الكلي للسلطة وتحقيق تغيير سياسي شامل في البلاد.

4