الأزمة السياسية والاقتصادية ترفع نسبة التشاؤم لدى التونسيين إلى 90 في المئة

شعبية قيس سعيّد تتراجع إلى أقل من النصف والغنوشي أسوأ سياسي.
السبت 2021/02/13
قطيعة بين الشارع والطبقة السياسية

ارتفعت نسبة التشاؤم لدى التونسيين إلى مستويات غير مسبوقة بسبب تتالي الأزمات السياسية والاقتصادية التي ضربت البلاد. وأفرزت الصراعات والمناكفات في مؤسسات السلطة شرخا سياسيا واضحا وتباعدا بين ممثلي السلطة والفئات الشعبية ما أفضى إلى انعدام ثقة التونسيين في الطبقة السياسية.

تونس - أفضت الأزمة التي اتخذت أبعادا مختلفة اقتصادية وسياسية واجتماعية في تونس إلى مزيد من تعكر المزاج العام وتعمق الفجوة بين الفاعلين السياسيين والشارع بحسب استطلاعات للرأي كشفت عن حفاظ رئيس البرلمان الذي يرأس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم على تصدره لقائمة أسوأ شخصية سياسية في البلاد، بينما تراجعت شعبية الرئيس قيس سعيّد.

وتطرح تعقيدات الوضع الراهن في تونس المدفوعة بصراع سياسي محتدم في أعلى هرم السلطة بين الرئيس سعيّد ورئيس الحكومة هشام المشيشي ومن ورائه الغنوشي تساؤلات عدة بشأن جديّة جهود الطبقة السياسية في معالجة الأوضاع وتدارك الأمور قبل فوات الأوان، لاسيما في ظل تلويح البعض بالشارع كورقة في مواجهة خصومه.

وكشف استطلاع للرأي يخص شهر فبراير الجاري أنجزته مؤسسة “سيغما كونساي” الخاصة ونشرته جريدة المغرب الجمعة عن ارتفاع نسبة التشاؤم لدى التونسيين لتبلغ 90 في المئة، علاوة على توجسهم من المستقبل والانعكاسات السلبية للأزمة الراهنة.

وأظهر هذا الاستطلاع تراجع نسبة الثقة في رئيس الجمهورية قيس سعيّد مقارنة بآخر سبر آراء جرى في يونيو أظهر ثقة 59 في المئة من المستجوبين به، حيث جاء في الصدارة لكنه بات يحظى فقط بثقة 39 في المئة من هؤلاء، يليه وزير الصحة الأسبق والقيادي بحركة النهضة عبداللطيف المكي بنسبة 33 في المئة.

في المقابل حلّت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في المرتبة الرابعة بنسبة 24 في المئة بعد النائب البرلماني الصافي سعيد.

فتحي العيادي: المطلوب أن يلتزم كل طرف بالصلاحيات التي خوّلها له الدستور
فتحي العيادي: المطلوب أن يلتزم كل طرف بالصلاحيات التي خوّلها له الدستور

وحول انعدام الثقة الكلي في الشخصيات السياسية تصدر راشد الغنوشي القائمة بنسبة 77 في المئة، يليه رئيس الحكومة الأسبق والقيادي بالنهضة علي العريض بـ64 في المئة، ثم رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حركة تحيا تونس يوسف الشاهد بـ63 في المئة ويليه رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي الذي يقبع في السجن بـ62 في المئة.

وعلى الرغم من التراجع المسجّل يبقى قيس سعيّد الشخصية السياسية التي تحظى بأعلى نسبة من الثقة مقابل تصدّر راشد الغنوشي مرة أخرى لمؤشر الانعدام الكلي للثقة في الشخصيات السياسية.

ولم تخف أطراف من النهضة (طرف في الحزام السياسي للحكومة) تخوّفها من دقة المرحلة التي تمر بها البلاد. وتستشعر الحركة الإسلامية خطورة الأوضاع أكثر من أي وقت مضى في ظلّ صراع سياسي محتدم تغذيه المصالح والأجندات.

وأفاد المتحدث باسم حركة النهضة فتحي العيادي أن “الحل الوحيد الذي تراه الحركة في هذه المرحلة هو الحوار بين كل الأطراف السياسية ومؤسسات الدولة، وندعو إلى التوافق والحوار في ظل الأوضاع الصعبة وتعقيداتها الكبيرة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا”.

وأضاف العيادي في تصريح لـ”العرب”، “لا بد من البحث عن أرضية مشتركة لمعالجة المشكلات الاجتماعية والاستجابة لمطالب الشباب في التشغيل ورهانات الطبقة الضعيفة ونحتاج إلى تهدئة اجتماعية وسياسية”.

وتابع “المشكلة سياسية بالأساس والمطلوب أن يلتزم كل طرف بالصلاحيات التي خوّلها له الدستور وأن تتواضع النخبة السياسية لإيجاد حلّ. ونحن نساند الحوار الوطني الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل”.

سامي الطاهري: الطبقة السياسية فشلت ودور الاتحاد الآن التعجيل بالفرز
سامي الطاهري: الطبقة السياسية فشلت ودور الاتحاد الآن التعجيل بالفرز

وبينما تتضارب الآراء والمواقف بين قيادات النهضة حول تفاصيل الأزمة ومسبّباتها في علاقة بصراع قطبي السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة)، ترى المنظمات النقابية الفاعلة في البلاد أن الأزمة وصلت إلى الذروة وسط انعدام شبه كلي للحلول الترقيعية، داعية إلى التوجّه نحو فرز حقيقي يعيد توزيع أوراق المشهد من جديد.

وأفاد المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية ذات النفوذ الواسع في البلاد) سامي الطاهري في تصريح لـ”العرب”، أن “الأزمة خانقة ووصلت إلى الذروة وهناك صعوبات كبيرة للوصول إلى حلول على عكس الفترة الأخيرة”.

وأضاف الطاهري “الطبقة السياسية فشلت في إدارة الشأن العام وسقطت وعودها الكاذبة وزيفها الانتخابي وثمة جزء منها لم ينضج ويتبنى الخطاب الشعبوي. كانوا يصوّتون لمن يخافون الله واليوم تبيّن العكس”.

وترى شخصيات سياسية أن الحلول الممكنة على ندرتها تكمن في إرساء استقرار سياسي وحكومي والانطلاق الفعلي في معالجة الأزمات علاوة عن تقديم تنازلات بين رأسي السلطة التنفيذية لتجاوز الصراع.

وأكد النائب بالبرلمان عن كتلة الإصلاح صهيب الوذان في تصريح لـ”العرب”، أن “تتالي الأزمات السياسية أدى إلى فقدان الثقة بين المواطن والطبقة السياسية ولا بدّ من التفكير في استقرار سياسي وحكومي”.

ويرى الوذان أن “الأزمة بين الرئيس سعيّد والمشيشي تتطلب تنازلات من الطرفين وضرورة إعلاء المصلحة الوطنية” وأن “الحلّ يمكن أن يكون في تكوين حكومة مصغّرة عبر إدماج عدد من الوزارات لتجاوز الخلاف القائم”.

وفي ظل تأزم المشهد السياسي وتزايد الاحتقان في الشارع الذي عكسته الاحتجاجات الأخيرة تتسع الهوة أكثر بين التونسيين والطبقة السياسية التي تبدو لهم عاجزة عن حلحلة الملفات العالقة والتي جرى ترحيلها في أكثر من مرة على غرار وضع حد للأزمة الاقتصادية وإصلاح التعليم والنهوض بالقطاع الصحي وغيرها.

4