الأدب العربي مظلوم في إسبانيا

رغم أهمية المكون العربي في الثقافة الإسبانية فإنه يظل مغيبا ومجهولا، خاصة في ظل ضعف حركة الترجمة من العربية إلى الإسبانية، وعدم التركيز على فتح نوافذ في هذه اللغة التي يستخدمها اليوم ما يقارب الستمئة مليون شخص. ويبقى الأدب العربي رهين الصور النمطية التي لم تخرج به من “ألف ليلة وليلة”. هنا حوار مع المترجم الإسباني
إغناثيو فيراندو حول تجربته في نقل الأعمال الأدبية والتأريخية العربية إلى اللغة الإسبانية.
ينتمي إغناثيو فيراندو إلى الجيل الجديد من مترجمي الأدب والفكر الإسباني الذين يقيمون علاقة خاصة مع الثقافة العربية ولغتها. ولذلك لا يتردد في اعتبار نفسه مناضلا اختار خندق الدفاع عن هذه اللغة.
ترجم إغناثيو فيراندو، الذي يشتغل أستاذ كرسي للدراسات العربية والترجمة بجامعة قادس، عددا من الأعمال العربية إلى الإسبانية، من بينها “كتاب المقامات السرقسطية” لأبي الطاهر محمد السرقسطي الأندلسي، وكتاب “إسبانيا الله” للمفكر والصحفي الإسباني إغناسيو سيمبريرو والذي ترجمه إلى الإسبانية بالتعاون مع المترجم المغربي مزوار الإدريسي، ورواية “جارات أبي موسى” للروائي أحمد التوفيق، ورواية “عزازيل” ليوسف زيدان. كما أصدر فيراندو أعمالا أخرى على مستوى المعاجم والدراسات، من بينها “القاموس العربي” و”مدخل إلى تاريخ اللغة العربية” و”اللهجة الإسبانية”.
العرب المجهولون للإسبان
الجديد: كنتَ قد صرحتَ بأن اللغة العربية بكل ما لديها من بهاء ورونق وسحر قد أوقعتكَ في خندق المناضلين من أجلها. كيف تم ذلك؟
هناك فكرة راودتني باستمرار، منذ إطلالتي المبكرة على اللغات العريقة التي اعتمدَ عليها التراثُ الثقافي الإسباني (أقصد اليونانية واللاتينية مع وليدتها الإسبانية بمختلف لهجاتها والعربية)، وهي أن الإسبان الحاليين على دراية بمدى تأثير اللغتين اليونانية واللاتينية على ازدهار الثقافة الإسبانية، في الوقت الذي يجهلون البصمةَ العميقة التي تركتها اللغة العربية على مستوى هذه الثقافة، ليس فقط على مستوى المفردات العربية الأصلية التي دخلت إلى الإسبانية والتي يناهز عددها أربعة آلاف كلمة، بل أيضا من ناحية ما لتركيب اللغة وروحها من أثر ملحوظ في صياغة الفكر وتنمية الحضارة.
ولعل هذا النقصان هو ما دفعني إلى التعمق في دراسة اللغة العربية وإجراء البحوث حولها في مرحلة أولى، وفي ترجمة بعض المؤلفات الأدبية إلى الإسبانية في مرحلة ثانية، إيماناً بأن وضع بعض الأعمال الأدبية العربية في متناول أيدي القراء الإسبان يجعلهم يحسون بأهمية هذا العنصر المكون لثقافتهم وإن لم يكن له ما يستحقه من الحضور والبروز.
الجديد: سيكون عليك مع هذا الاختيار خوض تجربة طويلة على مستوى ضبط اللغة العربية والتعرف على خباياها. كيف عشت هذه التجربة إذن؟
الإسبان يقرون بتأثير اللغتين اليونانية واللاتينية على ازدهار ثقافتهم لكنهم يجهلون البصمةَ العميقة التي تركتها اللغة العربية
لا يمكنني أن أنكر أن المراحل الأولى على مستوى رحلتي إلى اللغة العربية كانت محفوفة بالمخاطر والعراقيل، إذ إن بلوغ المبتغى، وهو إتقان اللغة والتمكن من قراءة أمهات الكتب المصنفة بهذه اللغة وتذوقها.
ليس بالأمر الهين ويقتضي وقتا طويلا ومواظبة واستمرارا؛ غير أن التجربة التي تلت تلك السنوات الطوال التي قضيتها وأنا أتعلم لغة الضاد كانت تجربة رائعة على مستويين: ارتبط الأول بالاستمتاع بقراءة هذه اللغة الجميلة والحديث بها وتدريسها للطلبة الإسبان وجعلها وسيلة حية ومفيدة للتعمق في التراث العربي الغني؛ أما على المستوى الثاني، فقد أتيحت لي أكثر من فرصة للتعرف إلى الزملاء العرب من أساتذة وباحثين ومترجمين في شتى أنحاء المعمورة، بفضل المؤتمرات واللقاءات والندوات التي ناقشنا فيها العديد من المواضيع المتعلقة باللغة العربية وتاريخها ودراساتها وقضايا ترجمتها، بما يعني ذلك من اقتراب موفق من ثقافة أخرى لا تبعد كثيرا عن الثقافة الإسبانية. بطبيعة الحال، كان لاختياري لترجمة اللغة العربية أثر كبير عليّ فأصبحت حياتي مليئة بنفس جديد ورؤية لا مثيل لها.
الجديد: ستشتغل على ترجمة عدد من النصوص الأدبية العربية. هل استطعتَ رفقة الأجيال السابقة والجديدة من المترجمين نقلَ صورة وفية للأدب العربي إلى القارئ الاسباني؟
إن القارئ الإسباني العادي غير مطلع على مستجدات الأدب العربي، ويظل في الغالب ينظر إلى الأدب العربي من منظور “ألف ليلة وليلة”، أي باعتباره أدبا إكسوتيكيا بعيدا كل البعد عن تيارات الأدب العربي المعاصر. لهذا فإن ترجمة الأعمال الأدبية العربية الرصينة تساهم في تغيير تمثل القارئ الإسباني للأدب العربي عبر الكشف عن مختلف التوجهات والأساليب والأنماط السردية والشعرية التي يتميز بها الأدب العربي المعاصر؛ وعندما يكتشف القارئ الإسباني أن الروايات العربية الحديثة لها أبعاد ومكونات متنوعة وأنها لا تتناول بالضرورة المواضيع الخاصة بالثقافة العربية، فكأن عالما جديدا يفتح أبوابه نصب عينيه، بكل ما يعني ذلك من نفس إيجابي وتقارب وتعاطف بين الثقافتين.
أما ترجمة الأدب القديم ولاسيما منه الأدب الأندلسي، فلا شك أنها تمكّن القارئ الإسباني من استرداد جزء من تراثه العميق والاقترابِ من أمهات الكتب الأندلسية والتي تُعتبر في نهاية المطاف أعمالا مشتركة لكل من الثقافتين العربية والإسبانية.
رواية "عزازيل"
الجديد: ماهي طبيعة المشاكل التي يمكن أن تواجهك أثناء ترجمة النصوص العربية، في ضوء تجربة نقل رواية “عزازيل” ليوسف زيدان على سبيل المثال؟
أشير في البداية إلى أن نص رواية “عزازيل” هو أحد أشهر أعمال يوسف زيدان وقد حصل النص على جائزة البوكر سنة 2009، كما تُرجم إلى عدد من اللغات، من بينها الإسبانية والإنجليزية. ويمكننني التمييز، في إطار المشاكل التي واجهتها في سياق ترجمتي لهذا العمل، على الأقل بين ثلاثة مستويات من المشاكل.
يرتبط الأول بما أسمّيه بترجمة الترجمة. ذلك لأن المؤلف يقدم نفسَه في مقدمة “عزازيل” باعتباره مترجما لهذه الرواية انطلاقا من نص مخطوط سرياني قديم، وذلك من باب الخيال بالطبع. وبالتالي، نجد أن هناك مترجِما متخيلا وهو يوسف زيدان، وذلك قبل المترجم الحقيقي الذي هو أنا.
وبالإضافة إلى ذلك نجد أن المؤلف يضيف تعليقات إلى النص، وهو ينسبها إلى راهب مسيحي عربي من القرن الخامس الهجري كان قد اطلع على المخطوط قبله، في سياق المتخيل دائما. وهذا الأمر يطرح مشكلة للمترجم الحقيقي. وبالنسبة إليّ كان يصعب عليّ أن أضيف مقدمة أخرى أو تعليقات تخص بعض المصطلحات الواردة في نص الرواية. ولذلك فقد فضلتُ بالاتفاق مع الناشر أن أبقى خفيا. فيما اختار المترجم البريطاني جوناثان رايت، في إطار ترجمته للرواية نفسها إلى الإنجليزية، تخصيصَ ثلاث صفحات في آخر العمل المترجَم، وقد سماها “ملاحظات في النص”، وقد وصف جوناثان في هذه الخاتمة بعضَ الصعوبات التي أحاطت بعملية ترجمته لنص الرواية.
أما المشكلة الثانية التي واجهتها فتتجلى في مماثلة الأسلوب، ذلك أن أسلوب النص الأصلي يتسم بميله إلى الأساليب القديمة. وقد بذلتُ كل جهدي بهدف مماثلة هذا الأسلوب. ولا أعرف إن كنتُ قد وُفقت في ذلك أم لا؛ لكن هناك دراسة نُشرت في إسبانيا تؤكد أن الأسلوب الإسباني لترجمة رواية “عزازيل” يُذكر القراءَ بإسبانية القرن التاسع عشر، ولعل ذلك ما كنتُ أسعى إلى تحقيقه.
أما في ما يخص المشكل الأخير فيخص البعدَ الإصلاحي. ذلك أن رواية “عزازيل”، بخلاف الكثير من الأعمال العربية التي تُرجمت إلى لغات أخرى، تملك جانبا خاصاً بالنسبة إلى القارئ العربي المسلم، إذ أنها تتعمق في شؤون الديانة المسيحية وتتناول حياةَ الرجال المسيحيين الذين يشكلون قلب الرواية، هذا وإن كنا نجد أن متلقي الترجمة إلى اللغات الغربية، سواء الفرنسية أو الإسبانية أو الإيطالية أو غيرها، هو أكثر دراية بما تحمله الرواية من مصطلحات دينية ومن طقوس مسيحية. وبالتالي، وفي ما يخص هذا الجانب، فعمل الترجمة هو أسهل.
وبشكل أعمّ، نجد أن أغلب الأعمال الروائية العربية، التي تتُرجم إلى الإسبانية، تتناول أحداثا وشخصيات تنتمي إلى التراث العربي الإسلامي، وهو الأمر الذي يفرض على المترجم الغربي أن يبذل جهدا كبيرا للبحث عن المرادِفات الإسبانية التي قد تكون موجودة أو منعدمة.
التبادل الثقافي
الجديد: ماهي المعايير التي تقود اختياراتك على مستوى ما تترجمه؟
بكل صراحة، لا يسمح الوضع الحالي للترجمة الأدبية في إسبانيا للمترجم الفردي باختيار ما يُحبّ أن ينقله إلى الإسبانية؛ ففي غالب الأحيان، نجد أن دور النشر والمؤسسات الثقافية هي التي تختار الأعمال المترجمة وتقترح على المترجم القيام بالترجمة.
في ما يخص تجربتي الشخصية، فإن معظم الكتب التي ترجمتها لم أقم أنا باختيارها، باستثناء كتابين: كتاب “المقامات السرقسطية” لأبي الطاهر محمد السرقسطي الأندلسي، وقد اخترته اعتبارا لأهميته وتميزه الأدبي ولكون المؤلف من مواليد نفس المدينة التي ولدتُ فيها (سرقسطة)؛ أما الكتاب الثاني الذي اخترت ترجمته فهو كتاب يحمل عنوان “إسبانيا الله” للمفكر والصحافي الإسباني إغناسيو سيمبريرو والذي ترجمته إلى الإسبانية بالتعاون مع المترجم المغربي مزوار الإدريسي، وكان سبب الاختيار مساهمة الكِتاب في وصف أوضاع الجالية الإسلامية في إسبانيا ودقته في تقديم المعلومات وتشخيص الوضع.
الجديد: كيف تتمثل وضعية الترجمة من اللغة العربية إلى الإسبانية؟
إذا قارنا عدد المؤلفات المترجمَة من اللغة العربية والإسبانية مع ما يُترجم من الإنجليزية إلى الإسبانية، فلا بد من الاعتراف بأنه عدد قليل جدا. صحيح أن هناك حركية في مجال الترجمة الأدبية وأن بعض دور النشر تهتم كثيرا بنقل بعض أهم الكتب العربية إلى الإسبانية، ومن بينها كتاب “ألف ليلة وليلة” وأشعار المتنبي وأبي العلاء المعري، إضافة إلى الروايات العربية الحديثة المرموقة التي حظيت بصدى كبير في أسواق الوطن العربي وحصلت على جوائز دولية هامة، ولكن نجد أيضا أن القراء الإسبان لا يقبلون على قراءة هذه الأعمال المترجمة بالقدر المرغوب فيه، مما يجعل بعض دور النشر تتخلى عن مشاريع الترجمة التي شرعت فيها بحماس شديد.
الجديد: كانت المدرسة الاستشراقية الإسبانية حتى الثمانينات من القرن الماضي مركزة على نقل التراث الأندلسي ودراسته. ما الذي تغير الآن؟
بالفعل، ظلت أعمال المدرسة الاستشراقية الإسبانية خلال الفترة السابقة متمحورة حول نقل التراث الأندلسي ودراسته باعتباره جزءا لا يتجزأ من الثقافة الإسبانية وكنزا لا غنى عن استرداده وتذوقه وضمه إلى التراث الثقافي الإسباني، فكثرت الترجمات والدراسات حول أهم مؤلفات الحضارة الإسلامية في الأندلس.
غير أنه ابتداء من الثمانينات ظهرت مدرسة جديدة تهتم بشتى مجالات الثقافة العربية المعاصرة، وخصوصا الأدب العربي الحديث والدراسات السياسية والاجتماعية، فانخرط عددٌ لا بأس به من المستعربين الإسبان في دراسة الأدب العربي الحديث وترجمته وفي بحث العلاقات السياسية والاجتماعية والتاريخ الحديث على مستوى الوطن العربي، مع تركيز خاص على العلاقات وحركة التأثير والتأثر بين الوطن العربي وبين إسبانيا. ولا يعني ذلك إهمال الجانب الأندلسي والأثر العربي في تاريخ إسبانيا ومجتمعها ولغاتها، ولكنه يحيل على التنوع الذي صار يطبع حاليا مجالات الدراسة والبحث.
الجديد: هل تجد أن الجانب الأندلسي والأثر العربي في تاريخ إسبانيا يمكن أن يكون ضامنا للحوار المستمر بين الثقافتين العربية والإسبانية؟
أرى أن المفكرين والمثقفين الإسبان لديهم وعي بأهمية البعد العربي في الثقافة الإسبانية، غير أن التيارات الساعية إلى الاقتراب من أوروبا جعلتهم يبتعدون عن الثقافة العربية ولا يقبلون على معرفتها، والنتيجة هي أن معرفة الثقافة العربية تقتصر على دوائر المتخصصين ولا تصل إلى الجمهور العام إلا في حالات نادرة، مثل بعض المؤلفات الشهيرة كأعمال نجيب محفوظ بعد أن نال جائزة نوبل للآداب. هذا بالنسبة إلى المجال الأدبي.
أما بخصوص التبادل الثقافي العام والحوار بين الجانبين، فهناك محاولات كثيرة لإقامة منصات الحوار بين الأديان وبين الحضارات تنطلق من أسس التسامح والتعايش السلمي ومعرفة الآخر، علما بأن الإسباني المثقف يدرك أهمية العنصرَ العربي في ثقافته، غير أنه لسوء الحظ لا يتوفر على الآليات اللازمة لإبراز هذا العنصر والتعمق فيه بسبب قلة انتشار الثقافة العربية في إسبانيا، ويعود هذا النقصان إلى غياب حركة ترجمة قوية وغياب مؤسسات عربية تعنى بنشر الثقافة العربية في إسبانيا وتدريس اللغة العربية بشكل أوسع وأفضل.
الجديد: حصلتَ على جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي عن ترجمتك لرواية “عزازيل” ليوسف زيدان. ما الذي يمكن أن تمنحه الجوائز للكتّاب والمترجمين؟
لا شك أن مثل هذه الجوائز المرموقة تُعتبر حافزا هاما بالنسبة إلى الكتاب والمترجمين، فبفضلها يدركون أن عمل الترجمة ليس في الحقيقة عملا فرديا، بل إنه عمل جماعي، إذ أن هدف المترجِم هو أن يقرأ الجمهور ما يترجمه؛ فليست الترجمة “صراعا لغويا” مع المؤلف الأصلي، بقدر ما هي إنتاج موجه إلى المستهلك الأخير الذي له الكلمة الأخيرة في نجاح الترجمة أو فشلها.
ولا يجب إنكار الجانب المادي، إذ أن أرباح المترجم الأدبي تكون في الغالب محدودة ومنخفضة، ولا غرو أن يحلم المترجم بنيل جائزة من شأنها تحسين الظروف المادية التي يعيشها. وشأنه في ذلك شأن دور النشر التي قد تشرع في تنفيذ مشاريع الترجمة آخذة بعين الاعتبار إمكانية نيل جائزة تجعل عملها عملا مقدرا ومربحا. بكل صراحة، أعتقد أن جوائز الترجمة التي تقدمها بعض بلدان الخليج في السنوات الأخيرة أعطت لمجال الترجمة دفعة قوية إلى الأمام، فأتمنى أن تستمر هذه الوتيرة الجميلة من التقدير والجوائز في قادم الأيام.
زمن كورونا
الجديد: كيف عشتَ لحظات الحجر الصحي؟
عشتها بشيء من الهدوء والطمأنينة مع العائلة. كان الحجر الصحي بالنسبة إليّ فرصة ذهبية للإقبال على الكثير من الكتب التي كانت تنتظرني في رفوف مكتبتي ولتخصيص وقت إضافي للترجمة. لا أنكر ما شاهدناه من توتر وقلق بالنسبة إلى تدهور الوضع الصحي على مستوى إسبانيا والعالم برمته، غير أن هذه اللحظات جعلتْ مني إنسانا آخر نوعا ما، فقد تمكنتُ من قضاء وقت كثير مع زوجتي وولديّ اللذين عادا إلى المنزل لقضاء الحجر الصحي بعد أن كانا قد غادرا المنزل للدراسة والعمل خارجه، كما أنه تسنى لي التركيز على العمل الفردي والقراءة والترجمة بعيدا عن ضوضاء العمل التقليدي خارج البيت.
وضع بعض الأعمال الأدبية العربية في متناول القراء الإسبان يجعلهم يحسون بأهمية هذا العنصر المكون لثقافتهم
الجديد: ما الذي يمكن أن تفعله الثقافة في زمن كورونا وفي مثل هذه اللحظات الإنسانية الاستثنائية؟
زمن كورونا زمن العزلة والهدوء والتأمل، وقد تضطلع الثقافة فيه بدور هام، فبفضل الثقافة يمكن للمرء الحفاظ على تطلعاته وأحلامه، ويمكن كذلك أن يبقى منتبها إلى ما يدور في العالم من توجهات فكرية وميولات اجتماعية. ونظرا إلى أن فايروس كورونا أجبرنا على البقاء في المنزل وأبعدنا عن الالتقاء بالآخرين، فقد تكون الثقافة بديلا عن ذلك ونبقى متصلين بالعالم، ليس بالضرورة من خلال تلاقي الناس والتفاعل معهم، بل من خلال التعمق بالثقافة المكتوبة والمسموعة. في آخر المطاف يُعتبر عالم الكتب عالما آخر لا يقل عن العالم الحقيقي حيوية ونشاطا وجودة. ومن الجدير بالذكر أن الثقافة الرقمية المنشورة عبر الشبكة العالمية وجدت في الآونة الأخيرة سبيلها إلى الجمهور، فهي ثقافة مباشرة، يمكن الوصول إليها من طرف الجمهور بمجرد النقر على الفأرة لاكتشاف الآلاف من الكتب والملايين من الأفكار والآراء والاهتمامات.