اجتماع حاسم في الخرطوم لحلحلة أزمة سد النهضة

علامات توتر ظهرت في خطاب المسؤولين في كل من القاهرة وأديس أبابا، قد تضعف فرص تحقيق تقدم حول نقاط الخلاف الفنية بشأن سد النهضة.
الخميس 2019/10/03
تفاقم أزمة سد النهضة

القاهرة- تدخل مصر والسودان وإثيوبيا حلقة جديدة من المفاوضات الفنية في الخرطوم يومي الجمعة والسبت، لتفتيت أوجه الخلاف حول أزمة سد النهضة.

وظهرت علامات توتر في خطاب المسؤولين في كل من القاهرة وأديس أبابا، قد تضعف فرص تحقيق تقدم حول نقاط الخلاف الفنية. ويخشى المتابعون أن يأخذ التوتر منحى تصعيديا، بعد أن بدت العلاقات السياسية بين العاصمتين أفضل في العامين الماضيين.

وتصاعد التوتر بشكل أوصل أزمة سد النهضة لأول مرة إلى أروقة الأمم المتحدة، وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في كلمته أمام الجمعية العامة الأسبوع الماضي، “لن يتم تشغيل السد بفرض الأمر الواقع”، في إشارة إلى رفض الطريقة التي تتعامل بها إثيوبيا.

وتعاملت أديس أبابا بطريقة دبلوماسية، ولم تلتفت كثيرا إلى فحوى الخطاب المصري، لكنها حرصت على إظهار عدالة قضيتها، وقالت رئيسة إثيوبيا ساهل ورك من على المنبر نفسه “إنني أؤمن إيمانا قويا بأن استخدام نهر النيل يجب أن يكون مبنيا على مبادئ الاستخدام العادل والمعقول للموارد الطبيعية”.

وسادت أجواء قاتمة بعد رفض إثيوبيا للاقتراح المصري في إدارة السد خلال اجتماع عقد بالقاهرة في سبتمبر الماضي، عندما اقترحت مصر ملء خزان السد خلال سبع سنوات، على أن تسمح إثيوبيا بمرور 40 مليار متر مكعب سنويًا من المياه المتدفقة، وهو ما اعتبرته أديس أبابا انتهاكا لسيادتها في الاستخدام العادل لمياه النيل وإضعافا لقدرات السد في إنتاج الكهرباء.

ووصل الأمر إلى توجيه اتهامات وتحذيرات من فشل الاجتماعات المقبلة، وبينها اجتماع الخرطوم، بما يضاعف من تعقيدات الأزمة التي أخفقت الطرق السياسية والفنية في أن تجد لها تفاهمات مقبولة من الطرفين، ويجعلها مفتوحة على احتمالات متباينة.

وتخشى القاهرة انخفاض نسبة مياه النيل المتدفقة إليها، فيما تتوجس أديس أبابا من عدم قدرتها على إنتاج كميات كبيرة من الكهرباء وعدت بها الشعب الإثيوبي.

تصاعد التوتر بين القاهرة وأديس أبابا أوصل أزمة سد النهضة لأول مرة إلى أروقة الأمم المتحدة
تصاعد التوتر بين القاهرة وأديس أبابا أوصل أزمة سد النهضة لأول مرة إلى أروقة الأمم المتحدة

وأشار المدير التنفيذي للمكتب الفني الإقليمي لشرق النيل في إثيوبيا فكأحمد نجاش أخيرا، إلى أن اقتراح مصر حول طريقة ملء سد النهضة ينتهك الإجراءات التي يجب اتباعها، قائلا “ينبغي أن تكون إثيوبيا هي التي تتقدم بالاقتراح حول تعبئة السد وليس العكس، ومصر تتصرف كأنها صاحبة السد وتخرج باقتراح يطلب من إثيوبيا التعليق عليه، وهذا ليس منطقيا في الواقع”.

وقال الصحافي الإثيوبي داويت كيبادي، إن سد النهضة يحمل الحل السحري لتخفيف حدة النزاع بين كتل متصارعة في البلاد، ولذلك يتم تقديمه كرمز قومي، وصانع للنهضة الحديثة.

وأضاف في تصريح لـ“العرب”، أن آبي أحمد رئيس الوزراء “نجح في حسم الكثير من الملفات المعقدة، وتخفيف التوتر بين قوميات الأورومو والصومالي والتيغاري، ولم يعد يمتلك أوراقا سياسية لخلخلة الوضع سوى الالتفاف حول مشروع السد العملاق، ولن تسمح الحكومة بعرقلة أو تأخير المشروع، لأنه مصيري”.

وتابع كيبادي قائلا “الحكومة جربت ملف سد النهضة من قبل في سياسة تهدئة الوضع الداخلي، عندما أعلنت عن تأخر بناء السد العام الماضي، بسبب أعمال لوجيستية ووقائع فساد، فانعكس ذلك بشكل سلبي على الشعب الإثيوبي الذي تعامل مع المسألة على أنها قضية وطنية خالصة”.

وتخشى إثيوبيا تبني السلطة الانتقالية الجديدة في الخرطوم سياسة لا تميل إلى المحافظة على الرؤية السودانية السابقة الداعمة لسد النهضة، وربما تنحاز إلى القاهرة، أو تتبنى منطقا محايدا يعتمد على ما تقوله الدراسات الفنية، التي أكدت وقوع أضرار مائية على مصر.

وأوضحت أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، أن إثيوبيا اتخذت إجراءات وقائية في حالة ميل السودان إلى موقف مصر، باستخدام لغة تركز فيها على مفهوم احترام السيادة، وهو أسلوب لا تستخدمه الدول إلا في حالات القلق من تأرجح موقفها في قضية ما أو ضعف حججها.

وأكدت لـ“العرب” أن الذاكرة السياسية الإثيوبية بدأت تسترجع موقف السودان من ملف تقسيم المياه في نهاية خمسينات القرن الماضي، بعد أن وافق الرئيس إبراهيم عبود على توقيع اتفاقية المياه بين مصر والسودان عام 1959، وأفضت إلى بناء السد العالي في مصر.

2