اتحاد الشغل يعدّ خارطة طريق لحلحلة الأزمة السياسية في تونس

قيادي في الاتحاد: سنقدّم خارطة طريق للرئيس قيس سعيّد.
السبت 2021/07/31
الاتحاد يسعى لتفعيل دوره في المشهد

تصاعد حجم التساؤلات في تونس بشأن الخطوة القادمة للرئيس قيس سعيّد، بعد حزمة من الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها، ما دفع المنظمات الوطنية الكبرى على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل إلى التفكير في إعداد تصوّر لخارطة طريق جديدة لتوضيح المسار وتحديد الأولويات مع مراعاة خصوصيات الظرف الراهن بالبلاد.

تونس – قرّر الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية بالبلاد)، عرض خارطة طريق جديدة على الرئيس قيس سعيد بخصوص المرحلة القادمة، ما يطرح حسب متابعين التصورات التي ستتضمنها هذه الخارطة، كما يمكن أن تكون أرضية لحوار وطني وفق شروط جديدة.

وأعلن اتحاد الشغل الخميس أن المنظمة تعمل على تقديم خارطة طريق لرئاسة الجمهورية في غضون أيام للاستئناس بها خلال الفترة المقبلة.

 وعقد الاتحاد تحت إشراف أمينه العام نورالدين الطبوبي “اجتماعا تشاوريا”، لإعداد “خارطة طريق المرحلة القادمة”.

وأوضح في بيان له أن “أعضاء المكتب التنفيذي الوطني، وثلة من الشخصيات ومن خبراء المنظمة الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين وفي القانون الدستوري شاركوا في الاجتماع”.

وأكد الطبوبي أن “المنظمة تعوّل على الكفاءات وعلى الخبراء وأصدقاء المنظمة للاستئناس بآرائهم من أجل مصلحة الوطن، وبلورة تصورات للمرحلة القادمة”.

وقالت أطراف نقابية إن الخطوط العريضة للخارطة ستتطرق لمختلف الجوانب المتعلقة بقرارات الرئيس سعيّد، في علاقة بالجوانب السياسية والاجتماعية.

 وقال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل محمد علي البوغديري، إن “اتحاد الشغل يعكف على صياغة هذه الخارطة بالاعتماد على تصوّرات خبراء الاتحاد وأساتذة في القانون الدستوري وخبراء اقتصاديين ورؤساء مؤسسات مالية حضروا الأربعاء خلال ندوة نظمها قسم الدراسات باتحاد الشغل”.

وأوضح البوغديري في تصريح لوكالة الأنباء التونسية أن “هذه المبادرة ستتضمّن تصورات متعلقة بالجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وسيشارك في صياغتها عدد من الخبراء والأساتذة الجامعيين ومختصين”، داعيا كل “المعنيين بإنقاذ تونس والكفاءات في الخارج والداخل للانخراط في هذه المبادرة”.

وأفاد المتحدث الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري، بأن المبادرة ستركز على المسائل العاجلة والمتعلقة بسد الفراغ الحكومي، واتخاذ إجراءات اجتماعية واقتصادية وصحية، مشيرا إلى أنه سيتم النظر في تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة أم لا.

فاطمة كراي: خيار الاتحاد لن يخرج عن دائرة الرهانات الاقتصادية
فاطمة كراي: خيار الاتحاد لن يخرج عن دائرة الرهانات الاقتصادية

وأوضح الطاهري في تصريح صحافي، أن “خارطة الطريق التي يعدها الاتحاد ستقدّم سريعا إلى الرئيس سعيّد لأن المسألة عاجلة، وستشمل توصيفا للوضع والأسباب التي قادت إلى هذه الإجراءات والتي كانت في مجملها في إطار الدستور”.

وبخصوص الانتخابات التشريعية المبكرة، أكّد الطاهري أن “المناخ الحالي لن يسمح بانتخابات عادية وسليمة، ويجب توفر عامل الاستقرار ووضع آليات جديدة بخصوص القانون الانتخابي والأحزاب وتمويلها”.

ويرى مراقبون أن ملامح الخارطة لن تخرج عن إطار الأولويات التي تفرضها المرحلة، مرجّحين وجود تنسيق بين المنظمة ورئاسة الجمهورية وتفعيلا لمساندة قرارات الرئيس.

وأكدت المحللة السياسية فاطمة كراي، أن “أي خيار يطرحه الاتحاد الآن لا يخرج عن دائرة الرهانات الاقتصادية والاجتماعية وضمان الحقوق والحريات، وهو سيتحدث عن وضعية المؤسسات وملفات التشغيل”، وقالت “لا أعتقد أن رئاسة الجمهورية لا تصغي لهذه المطالب”.

وأضافت في تصريح لـ”العرب”، “قد يكون هناك تنسيق مع رئاسة الجمهورية بخصوص خارطة الطريق لأن الاتحاد يمثل المجتمع المدني”.

وبخصوص إمكانية تمهيد هذه الخارطة لحوار وطني، اعتبرت فاطمة كراي أن “الحوار لن يكون مع من لديهم ملفات وقضايا فساد، حيث ساند الاتحاد قرارات الرئيس الأخيرة”.

واستطردت “الرئيس سعيّد لن يكون ضدّ خارطة الطريق التي سيعرضها الاتحاد، ولكن سيتم التعامل معها في إطار ضوابط قانونية معينة على غرار المصالحة الجزائية مع رجال الأعمال”.

وبشأن التوصيات المتعلقة بطبيعة الحكومة المقبلة، قال البوغديري إن “هناك إجماعا على تكوين حكومة كفاءات وطنية متشبعة بقيم المبادئ الوطنية، وتعمل على إرجاع البريق إلى السيادة الوطنية واستعادة الثقة بين الرئيس والمرؤوس وتطوير ثقافة العمل والإنتاج”.

وضمن التوصيات الأخرى، التي ستندرج ضمن خارطة الطريق التي سيقدمها في غضون أيام، “المحافظة على وحدة وسلامة الشعب والسلم الاجتماعي بعيدا عن مظاهر التشفي والانتقام على أن يأخذ القانون مجراه”.

وأفاد النائب بالبرلمان عن كتلة تحيا تونس مصطفى بن أحمد في تصريح لـ”العرب”، أن “التدابير والإجراءات التي أعلنها الرئيس سعيّد جاءت في ظروف صعبة تمر بها البلاد في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية”.

مصطفى بن أحمد: ما يهمّ اتحاد الشغل عودة نشاط السلطة التنفيذية
مصطفى بن أحمد: ما يهمّ اتحاد الشغل عودة نشاط السلطة التنفيذية

واعتقد أن “موقف الاتحاد من الإجراءات تميّز بالوساطة والواقعية، ويبدو أنه يهمه جدا استئناف نشاط السلطة التنفيذية (حكومة إنقاذ وطني) ومساندة المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد”.

وتابع بن أحمد “الاتحاد بوصلة المشهد في تونس، ودائما ما يفكّر في مصلحة البلاد مع الأخذ بعين الاعتبار دقّة الظرف الراهن في علاقة بالداخل والمحيط الإقليمي والدولي”. داعيا إلى “التسريع في إيجاد الحلول عبر هذه الخارطة والتي قد تمهّد لتنظيم حوار وطني في ما بعد”.

وطالب النائب البرلماني كل “القوى السياسية والمنظمات الوطنية بمساندة الرئيس سعيّد للخروج من الأزمة القائمة”.

وشهدت تونس تطورات سياسية هامة، تزامنا مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية، بدأت باحتجاجات سببتها أزمة سياسية بين الحكومة والرئيس والبرلمان، وانتهت بقرارات أصدرها الرئيس التونسي إثر اجتماعه بقيادات عسكرية وأمنية.

وتم إعفاء رئيس الحكومة من منصبه وتجميد عمل البرلمان 30 يوما ورفع الحصانة عن جميع أعضائه، وتولي رئيس الدولة رئاسة النيابة العمومية والسلطة التنفيذية.

وكثّفت تونس من اتصالاتها الخارجية، لطمأنة المجتمع الدولي من أن الأمور تسير على ما يرام، وشدد في مناسبات عديدة على حرصه الشديد لتطبيق القانون، وأن قراراته جاءت وفق الدستور التونسي.

وطالبت جهات رسمية الرئيس سعيّد بخارطة طريق واضحة المعالم وشاملة تخرج البلاد من الوضع الاقتصادي والوبائي الصعب، على غرار الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

04