اتحاد الشغل في تونس يخرق الحجر الصحي مجازفا بصورته

تونس - يثير إصرار الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية بالبلاد) على تنظيم مؤتمره الاستثنائي بمشاركة المئات من الأشخاص موجة استنكار واسعة في تونس، في وقت يتم فيه إقرار الحجر الصحي الشامل في ولاية سوسة (شرق)، في خطوة يعتبرها مراقبون تجاوزا للقانون.
بدأ مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل، أشغاله، الخميس ويستمر حتى اليوم الجمعة رغم إصدار محكمة أمس قرارا بمنع تنظيمه بسبب الوضع الوبائي الخطير في البلاد.
وينظم الاتحاد مؤتمرا استثنائيا في مدينة سوسة التي تخضع لحجر صحي شامل يستمر حتى يوم 11 يوليو بسبب الزيادات الكبيرة في أعداد المصابين بفايروس كورونا والتي بلغت أقصاها الثلاثاء لتناهز 10 آلاف إصابة جديدة على المستوى الوطني.
وأكّد سامي الطاهري المتحدث باسم اتحاد الشغل تحصّل المنظّمة على ترخيص ثان لعقد المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي المزمع عقده الخميس واليوم الجمعة.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن الطاهري قوله “تحصّل الاتحاد على ترخيص من وزير الصحة لعقد هذا المؤتمر وهناك لجان طبية تُشرف على متابعة تطبيق الإجراءات الوقائية التي تضمنها البروتوكول الصحي الذي أقرته المنظمة بمناسبة المؤتمر”.

جوهر المغيربي: عقد المؤتمر قانونيا له دوافعه لكن أخلاقيا من الصعب تعليل ذلك
وأضاف “كشفت نتائج التحاليل السريعة تعرض مؤتمرين اثنين فقط للإصابة بكورونا من بين مجموع المؤتمرين وكان فريق تابع للإدارة الجهوية للصحة بسوسة قد أكد سلامة تطبيق الإجراءات التنظيمية الخاصة بالمؤتمر، كما كلف الاتحاد عدل تنفيذ بتوثيق كل الإجراءات ذات الصلة”.
ونفى الطاهري تلقي المنظمة أي إشعار حول قرار النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسوسة لإيقاف المؤتمر، مضيفا “أن الاتحاد كسب كلّ القضايا المرفوعة لإيقاف تنظيم المؤتمر، وعددها 3 قضايا، اثنتان منها رفعتا أمام المحكمة الابتدائية بتونس، وثالثة رفعها محام إلى المحكمة الابتدائية بسوسة”.
وسبق أن أكّد الناطق الرسمي باسم محكمة سوسة 2، هيثم بوبكر، أن النيابة العمومية بالمحكمة أذنت بمنع انعقاد أشغال مؤتمر الاتحاد بأحد النزل بالقنطاوي.
وأشار إلى أنّ النيابة العمومية أذنت منذ يومين للشرطة العدلية بحمام سوسة بمتابعة الموضوع وإلى أنها استمعت الأربعاء لممثل عن النزل وممثل عن الاتحاد واطلعت على نتائج النحاليل السريعة التي أجريت على المؤتمرين والتي قال إنها أسفرت عن تسجيل 6 إصابات بكورونا في صفوفهم، مؤكدا أنها “اتخذت إثر ذلك قراراها بمنع انعقاد المؤتمر”.
ونشر الاتحاد بلاغا جاء فيه أنّ 35 في المئة من النواب قاموا بتحليل (بي.سي.آر) مسبقا قبل 48 ساعة من قدومهم وأنّ عدد النواب الذين وصلوا إلى النزل وخضعوا إلى تحليل سريع بلغ نحو 600 نائب، مشيرا إلى “أن التحاليل تتم تحت رقابة وإشراف فريق من الهياكل الجهوية للصحة بسوسة”.
وأضاف الاتحاد أنه تم تسجيل حالتين وافدتين على النزل من النواب وأنه تم التعاطي معهما وفق الإجراءات المتبعة في الغرض، مؤكدا أنّ نسبة مرتفعة من النواب تلقوا جرعتين من التلاقيح وفق منظومة إيفاكس.
مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل بدأ أشغاله الخميس ويستمر حتى اليوم الجمعة رغم إصدار محكمة قرارا بمنع تنظيمه بسبب الوضع الوبائي الخطير في البلاد
وأفاد جوهر المغيربي، النائب عن كتلة قلب تونس بالبرلمان، أنه “لا بد من تحمّل مسؤوليات عقد المؤتمر”، متسائلا “لم كل هذا الإصرار على التنظيم بالرغم من إقرار الحجر الصحي الشامل في سوسة”؟
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “المكان يمكن تغييره، وما دام المؤتمر مبرمجا في سوسة لماذا لا يتم تأجيل موعده، ولكن المؤتمر مرتبط بالعهدة الانتخابية، وتم رفع قضايا من عدة أطراف لإبطال القرار”.
وتابع “التنظيم مرتبط برغبة الاتحاد، ولكن النيابة العمومية رفضت التنظيم، لكن وزارة الصحة منحت ترخيصا للاتحاد لعقد المؤتمر، ومن الجانب الأخلاقي لا يمكن للمواطن أن يقبل ذلك وهو ممنوع من التنقل ويعيش ضغطا نفسيا في ظل تأخر وصول التلاقيح”.
واستطرد “عقد المؤتمر من الناحية القانونية له دوافعه، ولكن أخلاقيا من الصعب تعليل التنظيم”.
وبينما يتمسك الاتحاد بتنظيم المؤتمر، رفض نشطاء المجتمع المدني القرار، معتبرين أنه “يهدد سلامة المشاركين” و”يضرب بالقانون عرض الحائط”.
وأفادت منظمة “أنا يقظ” الناشطة في مجال مكافحة الفساد، أن “هذا الإصرار اللامسوؤل على عقد المؤتمر يعتبر تهديدا جديا للصحة العامة وخرقا للقوانين المنظمة للحجر الصحي الشامل ونسفا لمبدأ علوية القانون وتشويها للدور الاعتباري للاتحاد خلال إحدى أهم وأصعب الفترات التي تعيشها منظومة الصحة العمومية منذ الاستقلال”.
وحملت المنظمة، في بيان لها “الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي ورئيس الحكومة، هشام المشيشي ووالية سوسة، رجاء الطرابلسي المسؤولية الأخلاقية والجزائية مما سينجر عن عقد المؤتمر من تبعات تمس الصحة العامة ومبدأ تساوي المواطنين أمام القانون دون تمييز”.
وانتقد مدونون بشدة سماح والية سوسة بإقامة المؤتمر أثناء إجراءات الحجر الصحي واعتمادها سياسة وصفوها بـ”التمييزية” في تطبيق القانون عقب فرض تدابير إغلاق صارمة في الشواطئ والمقاهي.