إيلي وفاطمة قصة حب عابرة للطوائف والأديان في لبنان

مغردون ينقسمون بشأن صور من زفاف كنسي حيث بارك البعض لشابين "يعكسان صورة جميلة عن التعايش بين الطوائف" فيما وصفه آخرون بـ"ردّة عن الدين".
الأربعاء 2020/04/22
فاطمة وإيلي.. الحب  انتصر

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور زواج “غير عادي” في كنيسة بطلاه مسلمة مـحجبة وزوجها المسيحي، خاصة أن الزواج بين شريكي حياة من طائفتين مختلفتين من الطوائف الـ18 الموجودة في لبنان يعد “وصمة عار”.

بيروت- أثارت مراسم زواج في كنيسة بين شاب ماروني يدعى إيلي جريس وشابة شيعية تدعى فاطمة شعبان في كنيسة بلدة رميش الجنوبية في قضاء بنت جبيل اللبنانية جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وحضر مراسم الزفاف حشد من أصدقاء العروسين وباركه راعي أبرشية رميش المارونية الأب ‏‏نجيب العميل الذي دعا أن تبقى روح المحبة والألفة بين أبناء ‏المنطقة الواحدة والوطن الواحد.

وانتشرت على مواقع التواصل صور من الزفاف الكنسي، وانقسم المعلقون بين مباركين لشابين “يعكسان صورة جميلة عن التعايش بين الطوائف”، وممتعضين مما وصفوه “ردّة عن الدين”.

وتتم حفلات الزفاف التقليدية في لبنان في العادة بين شريكي حياة من ذات الطائفة أو المذهب، فالسنة يتزوجون من السنة، والشيعة من الشيعة، والدروز من الدروز، والمسيحيون من
المسيحيين.

والزواج بين شريكي حياة من طائفتين مختلفتين من الطوائف الـ18 الموجودة في لبنان أمر لا يمكن تصوره بالنسبة لمعظم الأسر اللبنانية، بل إنه “وصمة عار”. ورغم ذلك فالزواج المختلط ليس جديدا في لبنان فهو ظاهرة تنتشر وتنحسر وفق الظروف التي يمر بها البلد. وعلى الرغم من تعدّد هذه الزيجات، إلا أنها بقيت استثناء عن القاعدة وتمثل هامشا محدودا مقارنة مع حالات الزواج من داخل نفس الطوائف والمذاهب.

ولطالما اصطدمت هذه الزيجات بحواجز ثقافية ومجتمعية وتقاليد عائلية عتيقة، غير أن التشريعات المعمول بها لا تتيح توسعا لهذه الظاهرة، لا بل تعتبر عائقا حقيقيا أمام جعل هذه الظاهرة طبيعية داخل مجتمع متعدد كالمجتمع اللبناني.

وفي أغلب الأحيان، تعقد الزيجات المختلطة خارج البلاد، لأنّ المحاكم اللبنانية لا تعقد زيجات مدنية، بل يتبع أبناء كلّ طائفة محاكمهم الشرعية والروحية الخاصة في شؤون الزواج والطلاق والميراث وغيرها.

ومن الشائع أن يزور آلاف من الشبان اللبنانيين قبرص، وبعض البلدان الأوروبية، كلّ عام، لتسجيل زواجهم وفق عقد مدنيّ. وقد جوبهت مشاريع القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية ومنها الزواج المدني الاختياري، بمعارضة شديدة من المرجعيات الدينية، على مرّ السنوات.

وبعد الانشغال بصورة الزفاف الكنسي، تبيّن أن الشابين عقدا قرانهما يناير الماضي، بحضور شيخ، وانتشر مقطع فيديو وصور من المناسبة على مواقع التواصل. واعتبر حساب على فيسبوك:

وانتشرت تغريدات ساخرة بين المتابعين. وتساءل مغرد إذ كان إيلي يعرف أنه يتوجب عليه الصيام شهرا كاملا بعد أيام قليلة. وكتب:

MhmdSmeha2@

هلأ إيلي المسيحي لتزوج فاطمة الشيعية من بعد ما أسلم عارف أنه بعد 5 أيام بده يصوم 30 يوم؟ كل يوم 17 ساعة تقريبًا.

وتهكم مغرد:

وقصد المغرد “الصوم الكبير” في الديانة المسيحية الذي بدأ يوم 4 من مارس ويستمر حتى 28 أبريل الجاري، إضافة إلى صوم شهر رمضان. واستغرب مغرد علامات التعجب المثارة حول الزواج وغرد:

guevarasoul@

عقد قِران “فاطمة وإيلي” خبر يتم تداوله بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، مع كل علامات التعجب والاستفهام. فاطمة: فتاة أنثى. إيلي: شاب ذكر. أين المشكلة؟

وكتب آخر:

وسخر مغرد:

blank_ls@

وفي هذه الأثناء تسمع العبارات التالية في المنازل اللبنانية “محـجبة؟ اتزوجت مسيحي؟ وبالكنيسة؟ يا غيرة الدين!”، “إيلي اتزوج فاطمة؟ يعني كتب كتابه لأهلها يقبلوا؟ يا عدرا نجينا”.

وأعاد الزواج الحديث عن مطلب الدولة المدنية في لبنان. ودشن مغردون هاشتاغ #دولة_مدنية وكتب مغرد:

@87RNK

لا يحق للدولة أن تسأل المواطن شو طائفته وإيمانه #دولة_مدنية.

وقال آخر:

وكانت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن أثارت حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بتصريحاتها حول الزواج المدني فبراير 2019.

وأعلنت الحسن في مقابلة مع قناة يورونيوز نيتَها العمل على فتح حوار جدّي حول إقرار الزواج المدني الاختياري في لبنان. وقالت إنها “تحبّذ شخصيا أن يكون هناك إطار للزواج المدني”. لكنّ تصريحاتها أثارت زوبعة من ردود الفعل لاسيما من رجال الدين. وفيما قاد البعض حملة ضد وزيرة الداخلية على مواقع التواصل الاجتماعي، ساندها آخرون.

19