ألمانيا تستأنف حربها ضد الشعبويين بحظر جماعة قومية

وزارة الداخلية الألمانية تحظر جمعية تابعة لجماعات "مواطني الرايخ" وتداهم مساكن أعضاء بارزين في جمعية "شعوب وقبائل ألمانية موحدة".
الجمعة 2020/03/20
ألمانيا تكابد للقطع مع الحوادث العنصرية

فرانكفورت (ألمانيا) – استأنفت ألمانيا الخميس حملتها لتجفيف منابع اليمين المتطرف في البلاد خاصة بعد تكرّر الاعتداءات التي تطال المسلمين واليهود على حد السواء.

وأعلنت وزارة الداخلية الخميس حظر مجموعة يمينية قومية صغيرة في ألمانيا تنتمي إلى تيار “مواطني الرايخ” الذي يضم نازيين جددا وناشطين يحنون إلى عهد الإمبراطورية، وذلك بعد أسابيع على اعتداء هاناو العنصري الذي أودى بحياة تسعة أشخاص غالبيتهم من المهاجرين.

وتُعدّ هذه المرة الأولى التي تُقدم فيها السلطات الألمانية على حظر هذا النوع من الجماعات.

وقامت الشرطة الألمانية في وقت مبكّر من صباح الخميس بتفتيش مساكن أعضاء بارزين في جمعية “شعوب وقبائل ألمانية موحدة” وفرعها “أوسنابروكر لاندمارك” في عشر ولايات.

وقالت وزارة الداخلية إن أعضاء الجمعية “يعبّرون بصورة واضحة، من خلال العنصرية ومعاداة السامية وتحريفهم للتاريخ، عن عدم تسامحهم حيال الديمقراطية”.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية شتيفه ألتر إن عمليات الدهم جرت في إطار التحقيق الذي يستهدف مجموعة “الشعوب والقبائل الألمانية
الموحدة” (غيآينتي دويتشه فولكر أوند شتيمي)”.

وكتب ألتر على تويتر “التطرف اليميني والعنصرية ومعاداة السامية ستتم مكافحتها بلا هوادة حتى في أزمنة الأزمات” في إشارة إلى الأزمة الصحية التي يمر بها العالم بسبب تفشي وباء كورونا المستجد. وأضافت الداخلية الألمانية أن الجمعية لفتت الأنظار إليها في السنوات الماضية من خلال أمور من بينها “مكاتبات التعدي اللفظي” والتي تم فيها تهديد المرسل إليهم “بالاحتجاز” و”التناصر العشائري”.

الداخلية الألمانية قالت إن الجماعة المتطرفة تعبّر من خلال العنصرية ومعاداة السامية عن عدم تسامح حيال الديمقراطية

ويشترك “مواطنو الرايخ” (رايخسبرغر) في رفض وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية، وهم لا يعترفون بمؤسساتها ولا يطيعون الشرطة.

ولا يدفع هؤلاء ضرائب ولا رسوم ضمان اجتماعي، وهم يصدرون بطاقات هوية لأنفسهم ويعيدون تصميم لوحات تسجيل سياراتهم. وكان حُكم على أحد أعضاء هذا التيار بالسجن مدى الحياة لقتله في 2016 شرطيا جاء لتوقيفه وصادر أسلحته.

ويأتي هذا الإجراء بعد سلسلة اعتداءات عنصرية ومعادية للسامية في البلاد. فقد شهدت البلاد ثلاثة اعتداءات من هذا النوع خلال حوالي عام واحد، وهي اغتيال مسؤول محلي مؤيد للهجرة واعتداء هاناو في فبراير الماضي، مرورا بالهجوم بسكين على كنيس هاله يوم عيد الغفران اليهودي الذي أسفر عن سقوط قتيلين.

وقبل أيام من عملية إطلاق النار التي أودت بحياة تسعة أشخاص في هاناو، قال وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر إن التهديد الأمني المرتبط باليمين المتطرف “مرتفع جدا” في بلاده.

ومنعت ألمانيا في نهاية يناير الفرع الوطني لمجموعة النازيين الجدد “كومبات 18” التي تأسست في بريطانيا. وقد أوقف 12 شخصا يشتبه بأنهم يعدون لاعتداءات ضد “مسؤولين سياسيين وطالبي لجوء ومسلمين”.

وبالرغم من أنها أقرت العديد من الإجراءات التي تهدف لمكافحة التطرف اليميني إلا أن الأخير لا يزال يثير توجس السلطات الألمانية خاصة مع تكرر الهجمات التي تستهدف المسلمين واليهود معا والمهاجرين كذلك.

وفي الأشهر الأخيرة خصصت الداخلية الألمانية خطا ساخنا للإبلاغ عن المشتبهين في ميولهم لليمين المتطرف في محاولة منها لاحتواء التهديدات الناجمة عن جنوح هؤلاء للعنف.

ولكن هذه الخطة لم تُنه أخطار اليمين المتطرف حيث قتل في يونيو الماضي قيادي في الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة أنجيلا ميركل، فالتر لوبكه في مدينة كاسل وهو المعروف بدعمه للمهاجرين واللاجئين.

ولم تنته صدمة الألمان بهذه الواقعة حتى جد هجوم آخر على معبد لليهود في مدينة هاله مخلفا قتيلين وهو ما جعل برلين تتجهز أكثر لمواصلة حربها ضد “النيونازيين”.

ويرى مراقبون أنه من الضروري ألاّ تقتصر هذه الحرب على المقاربات الأمنية فحسب بل أن تمتد إلى منع وصول اليمينيين المتطرفين إلى دوائر الحكم.

5