أحزاب جزائرية معارضة تمهد لرفض دعوة الرئيس تبون إلى انتخابات مبكرة

الجزائر – تدفع أحزاب سياسية معارضة في الجزائر في اتجاه تحريك الجمود الذي يخيم على الساحة المحلية، لاسيما في ظل هيمنة مقاربة السلطة على مخارج الأزمة، قبل أن يلف الغموض مصير ومستقبل السلطة في البلاد بسبب مرض رئيس الجمهورية واستمرار غيابه عن البلاد.
ولقيت دعوة الرئيس عبدالمجيد تبون، في ظهوره الأخير بعد نحو شهرين من الغياب، إلى تعديل قانون الانتخابات، تفاعلا ضعيفا من طرف القوى السياسية الفاعلة في البلاد، رغم أنها تمهد لاستحقاق مبكر يؤسس لمؤسسات منتخبة جديدة في البرلمان والمجالس المحلية.
ولم تبد الأحزاب والتنظيمات الأهلية الموالية للسلطة، إلى حد الآن، تفاعلا أو ترحيبا بدعوة الرئيس، لأن الغموض غلب على رسائل الطمأنة، حيث ما زال ظهور الرئيس في التسجيل المذكور على حسابه الشخصي في تويتر، يفتقد للضمانات اللازمة لاستقرار هرم السلطة.
من جهتها، كانت شكوك أحزاب المعارضة صريحة في شكل تصريحات وبيانات صدرت عن حزب العمال اليساري، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (غير معتمد)، وأجمعت على أن دعوة الرئيس إلى مراجعة قانون الانتخابات تحسبا لانتخابات تشريعية ومحلية مبكرة، ينم عن “جهل الرجل بحقيقة الأوضاع الداخلية، وعن رغبة في إدخال الدستور الجديد حيز التنفيذ عنوة، وإثباته للرأي العام الداخلي والخارجي أنه متابع ومستمر وقادر على أداء مهامة” درءا لجدل الشغور الرئاسي المحتدم.
وذكر بيان للمكتب السياسي لحزب العمال بأن “الرئيس تبون يجهل الفوضى التي تضرب قطاع التعليم في كل أطواره، والتدهور المخيف للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأن الرجل لا يجهل حقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي فقط، بل يجهل أيضا تزايد إضرابات العمال والموظفين وعمال المهن الحرة في كل مناطق البلاد”.
وأضاف البيان “الرئيس يجهل الانهيار الاقتصادي الذي نتج عن إجراءات الحجر الصحي، وأن حكومته تستعد لتفكيك البنوك والمؤسسات العمومية باللجوء إلى خصخصتها”، في إشارة إلى مبادرة حكومية تستعد لفتح رأسمال بعض البنوك والمؤسسات الحكومية أمام المستثمرين الخواص، من أجل إنقاذها من الإفلاس.
وتابع “الرئيس لم يتطرق إلى واقع الحريات والانتهاكات المتواصلة من خلال الاعتقالات وتكميم وسائل الإعلام والآراء السياسية، بينما هذه الوضعية تستغلها هيئات أجنبية منها البرلمان الأوروبي بهدف التدخل في الشأن الداخلي”.
ولفت إلى أن “لائحة البرلمان الأوروبي موجهة لإنقاذ النظام من خلال محاولة يائسة لإعطائه قاعدة شعبية جديدة، وأن صمته (تبون) بخصوص تصريحات الاتحاد الأوروبي حول اتفاق الشراكة بين الطرفين، صمت مريب”.
وذهب حزب العمال إلى أبعد من ذلك لما ذكر في بيان مكتبه السياسي بأن “تبون يفتقد للعناصر التي تسمح له بتقدير التطورات على الساحة الإقليمية”، في إشارة إلى التطورات المتسارعة في المنطقة.
واعتبر التمهيد لانتخابات مبكرة خطوة لتكريس الوضع القائم بغية إنقاذ النظام الذي رفضته الأغلبية الساحقة من الشعب منذ 22 فبراير 2019، في الانتخابات الرئاسية وفي الاستفتاء على الدستور.
ووصف رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، في تدوينة له على حسابه الخاص في فيسبوك، دعوة الرئيس تبون من إقامته الصحية بألمانيا لتحضير قانون الانتخابات الجديد، بـ”العناد القاتل للبلاد”.
وألمح الى أن حزبه يتجه مبدئيا نحو “مقاطعة المواعيد الانتخابية التي ينوي تبون تنظيمها مستقبلا مثلما قاطع الانتخابات الرئاسية والاستفتاء الدستوري”.
ولا يستبعد مراقبون أن يتم تكرار نفس سيناريو انتخابات 2002، لما قاطعت الأحزاب المحسوبة على منطقة القبائل (التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية) الاستحقاق المذكور بسبب أحداث “الربيع الأمازيغي الأسود” سنة 2001، الأمر الذي غيب المنطقة عن البرلمان آنذاك، وليس بعيدا أن يتكرر السيناريو بسبب تلميحات الحزبين حاليا برفض الدخول في أي انتخابات مماثلة بسبب الأوضاع السياسية السائدة في عموم البلاد.
وكان المعارض السياسي ومنسق حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (غير معتمد) كريم طابو، قد جدد رفع أحد أبرز المطالب السياسية المرفوعة في احتجاجات الحراك الشعبي، والمتمثل في الذهاب إلى مجلس وطني تأسيسي.
وصرح في ندوة صحافية بأن “التغيير مطلب شعبي، يمكن أن يكون انتخاب مجلس وطني تأسيسي سيادي عملية تؤسس لجزائر حرة ومزدهرة واجتماعية وديمقراطية، ولا بد من إطلاق مسار انتقال ديمقراطي للخروج من الانسداد الذي تعيشه البلاد”.
واعتبر المتحدث أنه “بدل حل الأزمة، تبحث السلطة عن طاقم جديد لإدارة الأزمة وإحباط آمال التغيير التي يدعو إليها الشعب، خاصة وأن الرئيس وحكومته يديران البلاد بطريقة عبثيّة، والقضاء صار مجرد أداة قمع خاضعة للسلطة السياسية”.