تحذيرات من فقاعة عقارية مصرية رغم نقص الوحدات السكنية

القاهرة- توقع عدد كبير من المستثمرين في السوق العقارية المصرية أن تشهد الفترة المقبلة أزمة مالية كبيرة في القطاع، بسبب الزيادة غير المسبوقة في عدد الوحدات السكنية التي يتم بناؤها سنويا وارتفاع أسعارها. وقالوا لـ“العرب” إنه رغم حاجة البلاد إلى نحو 200 ألف وحدة سنويا، جرّاء الانفجار السكاني المتسارع، إلا أن ارتفاع أسعار الوحدات عقب تحرير سعر الصرف سيتسبب في ركود السوق، وركود عمليات البيع والشراء.
ويصل معدل النمو السكاني في مصر إلى نحو 2.6 بالمئة سنويا، ما يعادل 2.4 مليون نسمة، وهي نسبة مرتفعة، لا تتناسب مع الدخل القومي وارتفاع نسب البطالة. بينما أعلن الجهاز المركزي للإحصاء مؤخرا، عن وصول عدد سكان البلاد إلى نحو 92 مليون نسمة. وحررت الحكومة المصرية سعر صرف الجنيه، أمام كافة العملات الأجنبية في 3 نوفمبر الماضي، فتراجع الجنيه بنحو مئة بالمئة أمام سلة العملات الأجنبية، ما يمثل عبئا كبيرا على طبقات مصرية كثيرة.
|
ودفعت تلك الخطوة إلى صعود معدل التضخم السنوي بالبلاد إلى أكثر من 20 بالمئة خلال شهر نوفمبر، في حين قفزت أسعار مواد البناء نتيجة تعويم الجنيه إلى نحو 10.6 بالمئة بمقارنة سنوية. وأكد سميح ساويرس رئيس شركة أوراسكوم القابضة للفنادق والتنمية لـ“العرب” أن الفترة المقبلة سوف تشهد أزمة في قطاع العقارات، بسبب منافسة الحكومة للقطاع الخاص في القطاع العقاري.
وحذر من انفجار الفقاعة العقارية خلال السنوات الثلاث المقبلة، بعد زيادة المعروض من وحدات الإسكان الاجتماعي بشكل كبير، مقابل تراجع الطلب عليها في ظل التضخم الذي طال أسعارها. وتهدف وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة في مصر إلى الانتهاء من بناء مليون وحدة إسكان اجتماعي قبل حلول عام 2018، كان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد طالب بالإسراع في تشييدها.
وفتحت الوزارة باب الحجز للمواطنين لنحو نصف مليون وحدة من الإسكان الاجتماعي، ويجري حاليا تنفيذ 260 ألف وحدة. ومن المقرر أن يتم الانتهاء منها قبل موفى يونيو المقبل. وقال ساويرس إن “مصر تتصدر المركز الأول على مستوى العالم في وحدات الإسكان المغلقة وغير المستغلة، بسبب اتجاه شريحة كبيرة من الأفراد إلى الاحتفاظ بالعقارات كمخزون للقيمة، والمتاجرة والاستثمار عليها”.
وأفاد تقرير لوزارة الإسكان أن عدد الوحدات المغلقة في البلاد يصل إلى نحو 5.7 مليون وحدة، وهو رقم مرتفع لا يتناسب مع الحاجة الملحة للسكن بالبلاد في ظل انتشار “العشوائيات”. وقال وسام عيسى العضو المنتدب لشركة دومستك للاستثمار العقاري إن “المستثمرين مضطرون إلى زيادة أسعار العقارات حاليا لارتفاع أسعار الحديد والأسمنت وجميع الخامات”.
وأضاف لـ“العرب” أن أسعار العقارات ارتفعت بنحو 30 بالمئة، مستبعدا قيام الشركات بتقديم عروض ترويجية على الوحدات التي تم إنشاؤها قبل الارتفاع الكبير في سعر الدولار أو المواد الخام المستخدمة في البناء. وأوضح أن أي أرباح للشركات ناتجة من المحفظة العقارية، تُحوّل مباشرة إلى مشروعات جديدة، وبالتالي لن تبيع الشركات وحداتها السكنية بأسعار ما قبل تحرير سعر العملة.
|
ورصدت “العرب” مستويات أسعار صرف الدولار أمـام الجنيـه في 18 بنكـا، حيـث تجاوزت مستـويـات 18 جنيهـا للشـراء، وهـو مستوى يفـوق تراجـع الجنيـه بأكثـر مـن مئـة بالمئـة، مقـارنـة بمستويـات 8.88 جنيـه للدولار قبــل التعــويــم، مـا يجعـل المـواد الخام تتـزايـد أسعــارهـا، وخـاصـة المستـوردة منهـا. وأشارإلى أنه في حال استمرار ارتفاع الدولار وزيادة معدلات التضخم وانخفاض قيمة الجنيـه، سـوف تدخل السوق العقارية في مرحلة ركود تـام، ولا سيما مع ضعف دخـول المواطنـين، وتـراجع الإقبـال على الشـراء. وفـي ظـل الفجـوة الحـاليـة، تـراهن الســوق العقـارية على مشتـريـات العــرب لوحـدات الإسكـان الفـــاخر، بعـد تـراجـع قيمــة الجنيه، وارتفاع قيمة العملات الأجنبية.
وقال عيسى إن “غالبية المشتريات العربية للعقارات تصب في صالح العراقيين والسوريين والليبيين، وينقسمون إلى قسمين، الأول من الطبقة الثرية، وهم من يشترون بكميات كبيرة، إذ تصل مشتريات الفرد الواحد في بعض الأحيان إلى عمارة كاملة أو مجمع “كمباوند” صغير، وهي فئة محدودة”. وأضاف أن الفئة الثانية، متوسطة المستوى وترغب في العيش بأي طريقة، وهم من يشترون شققا داخل عمارات سكنية، لكن تلك المشتريات تراجعت خلال الفترة الحالية، مقارنة بمشترياتهم في العام الماضي إلى حدود مطلع العام الجاري. ويقبل العرب على مناطق معينة في المدن الجديدة بالقاهرة الكبرى، مثل السادس من أكتوبر والشيخ زايد.
وقال حمدي عثمان رئيس شركة الدلتا للإنشاءات والإسكان، وهي إحدى الشركات المنفذة لوحدات الإسكان الاجتماعي “طالبنا من اتحاد المقاولين قيام الحكومة بتعويض الشركات بعد الفروق الكبرى في التعاقدات التي حدثت أخيرا”. ولفت لـ“العرب” إلى أن الشركة قامت بإنجاز دراسات جدوى وفق أسعار محددة، وفوجئنا بعد تحرير سعر الصرف بارتفاعات كبيرة طالت أسعار مواد التشييد والبناء ووصلت إلى مستويات تصيب الشركات بخسائر فادحة.