القاهرة تبحث بيع التصالح لرموز نظام مبارك لإنقاذ الاقتصاد

تبذل الحكومة المصرية جهودا مستميتة للخروج من أزمتها، وبينها بيع المصالحة مع رموز نظام “مبارك” بعد أن عجزت جميع الإجراءات القاسية التي اتخذها البنك المركزي مؤخرا، عن تحريك الاقتصاد وزيادة معدلات التشغيل وتخفيف أزمة الدولار.
الخميس 2016/03/17
جهود مكثفة للخروج من الأزمة التي تعصف بالاقتصاد المصري

القاهرة - بدأت الحكومة المصرية جولة لمفاوضات جديدة للتصالح مع عدد من رموز نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذين قيل إنهم استولوا على أموال بغير وجه حق، أو استغلوا مناصبهم للحصول على مزايا اقتصادية كثيرة.

ويسمح القانون المصري بالتصالح في قضايا اختلاس المال العام، بعد إضافة مادة جديدة إلى الإجراءات الجنائية بقرار رئاسي في العام الماضي، وهو ما أثار ضجة كبيرة.

وينظر جهاز الكسب غير المشروع في ما يصل إلى ألف قضية، متهم فيهم وزراء ومسؤولون سابقون ورجال أعمال بتهم تحقيق ثروات طائلة واستغلال وظائفهم.

ويتصدر القائمة حسين سالم، الهارب في أسبانيا، ومنير ثابت شقيق سوزان مبارك زوجة الرئيس الأسبق، وأحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، وزكريا عزمي رئيس ديوان الرئاسة في عهد مبارك، ورشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة الأسبق، فضلا عن أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني المنحل.

وقدرت مصادر مطلعة لـ”العرب” حجم الأموال، المتوقع عودتها في عمليات التصالح بما يصل إلى 12.5 مليار دولار. لكن إيهاب سعيد، خبير الاستثمار وإدارة المحافظ استبعد أن تزيد على 6.5 مليار دولار، بعد تسوية القضايا أمام المحاكم.

وقال لـ”العرب” إن الحكومة كانت تأمل في الحصول على 1.5 مليار دولار من تسوية قضية رجل الأعمال أحمد عز، إلا أن استمرار القضية في أروقة المحاكم جاء في صالحه.

مدحت نافع: مطلوب دفع القيمة بالدولار للمساهمة في حل مشكلة سعر الصرف

وخفضت محكمة النقض مؤخرا، غرامة تهمة الاحتكار التي كانت موجهه إلى نحو 1.1 مليون دولار فقط، فضلا عن تبرئته من قضايا التهرب الضريبي والكسب غير المشروع.

وفتح العرض الذي قدمه رجل الأعمال حسين سالم، من خلال محاميه محمود كبيش، بالتنازل عن طائرته الخاصة، المقدر ثمنها بنحو 11 مليون دولار، باب التصالح مجددا.

وتصل قيمة التسويات التي عرضها سالم مقابل الرجوع إلى مصر وتبرئته من جميع تهم الكسب غير المشروع إلى نحو 558 مليون دولار، وتتمثل في 4 قصور وعدة فنادق بمدينة شرم الشيخ ومساحة كبيرة من الأراضي.

ويعد حسين سالم مهندس صفقات تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل من خلال شركة غاز شرق المتوسط التي أسسها عام 1999 وكان يرأس مجلس إدارتها.

وقال جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، إن التصالح مع رجال الأعمال بات ضروريا، لتعزيز ثقة المستثمرين الأجانب بالاقتصاد المصري. وأكد لـ”العرب” أن طول فترة التقاضي، يؤدي إلى تآكل غالبية رأس مال الشركات التي يتم النزاع حولها.

ويسمح القانون المدني بعمليات التصالح تحت بند “الإفلاس القانوني”، بمعنى سداد جزء من القيمة، إذا عجز رجل الأعمال عن سداد القيمة الإجمالية.

وطالب أستاذ التمويل مدحت نافع، بسداد المبالغ محل التصالح بالدولار، بدل أن تضيع في التحكيم الدولي، في وقت تشهد فيه البلاد نقصا كبيرا في المعروض من العملات الأجنبية.

وقال لـ”العرب” إن نظرة براغماتية بحتة يمكن أن تعيد الكثير من الأموال وتسمح باسترداد جزء من قيمة الأراضي التي جرى الاستيلاء عليها، وعجز القضاء عن ردّها لأنها انتزعت تحت غطاء قانوني قبل ثورة يناير 2011.

وتراجعت احتياطات مصر المالية من 36 مليار دولار في يناير 2011 إلى نحو 16.53 مليار دولار في نهاية فبراير الماضي. ولجأ البنك المركزي، الاثنين الماضي، إلى خفض الجنيه بنسبة 14.5 بالمئة دفعة واحدة، وعاد أمس ليرفع قيمته بنسبة لا تكاد تذكر.

وحذر نافع من أن التصالح قد يثير أكثر من قضية جدلية، منها الخطر الأخلاقي الناجم عن إرسال إشارة ضمنية إلى “المختلسين المحتملين”، مفادها أن القضايا يمكن تسويتها مستقبلا.

ويتم التصالح مع المتهمين عادة من خلال رد القيمة المختلسة بسعر السوق وقت عملية الاختلاس.

وأكد نادر رياض رئيس مجلس الأعمال المصري الألماني لـ”العرب” أن حصيلة المصالحات يمكن أن تسهم في سد العجز المتنامي في الموازنة العامة للدولة، فضلا عن ضرورة استغلالها في زيادة الإنفاق الاستثماري. وأضاف أن المتهمين مستعدون لتسوية أوضاعهم وعلى الحكومة استغلال هذه الفرصة.

ونفى رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة الأسبق، وأحد المتهمين بالكسب غير المشروع، أنه تقدم للحكومة بعرض لتسوية أوضاعه مقابل 558 مليون دولار. وأكد محاميه أنه يرغب في إنهاء الإجراءات القضائية في أسرع وقت، لكن العرض لم يشمل المبلغ المذكور.

وأشار إلى أن “تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية الصادر في ديسمبر 2014 أثبت براءة ذمة رشيد من تهم الكسب غير المشروع في واقعة اكتتاب أسهم المجموعة المالية هيرمس عام 2003 قبل دخوله الوزارة”.

وأحال جهاز الكسب غير المشروع رشيد وابنته عاليا، الهاربين خارج البلاد إلى محكمة الجنايات عام 2014، لاتهامهما بالاستيلاء على 56 مليون دولار في عمليات استغلال للنفوذ. وكشفت التحقيقات حينها أن رشيد تعمد إخفاء مشاركته في 14 شركة، وامتلاكه لعقارات وأراض في إقرارات الذمة المالية التي قدمها.

وأكد محمد نادر، أمين عام جمعية شباب رجال الأعمال ضرورة أن لا تستغرق التسوية وقتا طويلا في القضاء ولا تصل إلى النزاع الدولي، وأن تسمح في النهاية للمتهمين بمزاولة أعمالهم واستثماراتهم دون معوقات.

10