أزمة الدولار تطيح بمحافظ البنك المركزي المصري

أصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قرارا جمهوريا أمس بتعيين طارق عامر رئيس البنك الأهلي السابق، محافظًا جديدا للبنك المركزي، على أن يتسلم منصبه اعتبارا من 27 نوفمبر المقبل.
وسبق أن شغل عامر منصب نائب أول لمحافظ البنك المركزي خلال فترة المحافظ السابق فاروق العقدة منذ عام 2003 وحتى عام 2008، وشارك في تنفيذ وإعداد برنامج إصلاح القطاع المصرفي والسياسة النقدية، وشغل أيضاً منصب رئيس البنك الأهلي المصري لمدة 5 سنوات بين عام 2008 وحتى عام 2013.
ويقول مراقبون إن هشام رامز دفع ثمن فشل سياسة خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، في القضاء على السوق السوداء للعملة، حيث تفاقمت الفجوة بين السعرين، بعد 11 خفضا لقيمة الجنيه بلغ مجموعها نحو 12 بالمئة.
وكانت معركة الدولار قد اتسعت بين هشام رامز ووزير الاستثمار أشرف سالمان، خلال فعاليات مؤتمر يورومني في مصر الشهر الماضي، حين أكد سالمان ضرورة أن يخفض البنك المركزي سعر الجنيه بشكل مناسب أمام الدولار، في ظل الظروف الاقتصادية المحلية والعالمية، ما أثار غضب محافظ البنك المركزي.
وأصدر البنك المركزي بيانا في حينه أكد أنه “المنوط فقط بالتحديث عن السياسة النقدية”.
لم تفلح جهود رامز في كبح جماح الدولار الذي لامست أسعاره في السوق الموازية نحو 8.59 جنيه للبيع، خلال تعاملات الأحد الماضي، وهو ما يعد أعلى مستوى لسعر صرف الدولار في السوق الموازية على الإطلاق.
وشهد الاحتياطي النقدي محطات من الصعود والهبوط، منذ تولي فاروق العقدة منصب محافظ البنك المركزي في ديسمبر 2003، خلفا لمحمود أبو العيون الذي كان يشغل المنصب منذ أكتوبر 2001، حيث لامس الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية حينها نحو 14.8 مليار دولار.
وارتفعت الاحتياطات لتصل إلى نحو 35 مليار دولار في عام 2008 لكن الأزمة المالية العالمية أدت إلى تراجعها إلى نحو 31 مليارا في عام 2009. وسجلت الاحتياطات بعد ذلك ارتفاعا ملحوظا لتصل إلى أعلى مستوياتها في عام 2010 عند نحو 36 مليار دولار.
هشام رامز دفع ثمن فشل سياسة خفض سعر الجنية في القضاء على السوق السوداء للعملة
وواجه هشام رامز تحديات كبيرة في السنوات الماضية بسبب الاضطرابات السياسة والاقتصادية، التي وضعته في اختبار أصعب من سابقيه بهدف إصلاح الجهاز المصرفي.
ورغم نجاح العقدة فى إدارة عمليات الاستحواذ والدمج في عام 2006 لأربعة بنوك (الدقهلية والاستثمار والتنمية والنيل والبنك المصري المتحد) في بنك واحد هو المصرف المتحد، لكن تحديات رامز، كان على رأسها الانفلات الذي شهده سعر صرف الجنيه، مقابل سلة العملات الأجنبية، وفي مقدمتها الدولار الأميركي.
وأشارت بيانات البنك المركزي إلى أن الاحتياطي النقدي فقد نحو 11 مليار دولار من قيمته خلال العام الأول الذي أعقب الثورة، ما شكل تحديًا كبيرا، مع زيادة فجوة الاستيراد، وتصاعد الطلب على شراء القمح من الخارج لتوفير الخبز للمصريين.
وقد أدى ذلك إلى تآكل الاحتياطي النقدي في عهد رامز ليسلمه لخليفته الجديد طارق عامر عند نحو 16.3 مليار دولار وفق تقرير البنك المركزي عن شهر سبتمبر الماضي.
وطالب عبدالمنعم السيد في تقرير أصدره مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية هذا الأسبوع بضرورة إقالة محافظ البنك المركزي المصري، لأنه فشل في إدارة منظومة سعر الصرف في مصر.
عبدالمنعم السيد: طالبنا بإقالة المحافظ بسبب فشل سياساته في ضبط سوق الصرف
وأكد أن القضاء على السوق الموازية للنقد الأجنبي يتطلب التخلص من جميع التدخلات في تحديد سعر الصرف، وإلغاء القيود على التعامل بالنقد الأجنبي وترك قوى السوق تقوم بعملها في تحديد سعر الصرف للجنيه المصري.
وأوضح أن ذلك كفيل بالقضاء على الممارسات الاحتكارية من جانب شركات الصرافة، واندماجها في سوق الصرف الرسمي.
وقال عماد جمال الدين المسؤول بإحدى شركات الصرافة المصرية لـ”العرب” إن السوق الموازية استقبلت خبر استقالة هشام رامز محافظ البنك المركزي بتراجع وصل لنحو 7 قروش دفعة واحدة لتصل أسعــار بيع الدولار إلى نحو 8.52 جنيه للبيع.
وأوضح هاني توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر لـ”العرب” إن الفترة الماضية شهدت تضاربا بين السياسة المالية والنقدية في مصر بشكل كبير.
وأكد أن الإجراءات التي وضعها محافظ البنك المركزي السابق أدت إلى تقييد مفاصل الاقتصاد وأصبحت مصر طاردة للاستثمار الأجنبي والمحلي نتيجة تلك الإجراءات.
وطالب المحافظ الجديد بضرورة مراجعة الوضع الحالي وإلغاء تلك الإجراءات، التي وضعت حدا أقصى للإيداع بالدولار في البنوك المصرية بنحو 10 آلاف في اليوم ونحو 50 ألفا خلال الشهر الواحد.