خفض جديد للجنيه يربك المناخ الاقتصادي والمالي في مصر

دخلت منظومة سعر الصرف بمصر مرحلة جديدة من عدم اليقين بعد انفلات سعر الدولار الأميركي أمام الجنيه المصري، إثر ضربة جديدة لسعر العملة المحلية، زادت من حالة الغموض ومخاوف المصريين من غليان الأسعار.
الاثنين 2015/10/19
مسلسل خفض الجنيه المتواصل يهدد باشتعال الأسعار

أكد متعاملون في شركات الصرافة المصرية لـ”العرب” أن سعر الدولار سجل أمس مستويات قياسية متدنية غير مسبقة في السوق الموازية وأنه تجاوز عاجز 8.30 جنيه للدولار.

وأقدم البنك المركزي على خفض جديد لسعر الجنيه بنسبة 1.3 بالمئة أمس بعد خفض مماثل في الأسبوع الماضي، ليصل حجم الخفض الذي أجراه منذ بداية العام الحالي إلى أكثر من 11.2 بالمئة.

وأدى صمت البنك المركزي عن كشف خططه المستقبلية، وما إذا كان سيواصل خفض قيمة الجنيه، إلى إشعال المخاوف والتكهنات، وجعل الشركات والأفراد يتسابقون للحصول على الدولار خشية فقدان مدخراتهم.

وحذر خبراء اقتصاد ومستثمرون من أن يؤدي الخفض المستمر إلى موجة تضخمية جديدة، خاصة في ظل توقعات بحدوث موجات تخفيض أخرى للجنيه المصري أمام الدولار. وبلغت الفجوة بين السوق الرسمية والسوق الموازية نحو 4.6 بالمئة، لصالح التحويلات التي تتم عبر السوق الموازية.

وقال أحمد يحيى رئيس شعبة البقالين بالاتحاد العام للغرف التجارية لـ”العرب” إن أسعار السلع ستشهد خلال أيام موجة تضخمية جديدة بسبب ما تشهده سوق صرف الدولار من انفلات غير مسبوق.

وأوضح أن غالبية السلع الأساسية يتم استيرادها من الخارج أو خاماتها الرئيسية، خاصة الزيوت والسكر وأسماك التونة إلى جانب العديد من السلع المستوردة. وأضاف أن موجة ارتفاع أسعار السلع قد تصل لنحو 30 بالمئة نتيجة ارتفاع سعر الدولار من جهة، إضافة إلى تكدس البضائع في الموانئ نتيجة تشديد إجراءات الفحص لمكافحة التهريب، وخاصة المواد التي تستخدم في العمليات الإرهابية.

وقال مدير إحدى الشركات الإلكترونية لـ”العرب” إن بضائع الشركة ظلت في الميناء لنحو 80 يوما، ما تسبب في دفع رسوم تخزين للميناء تجاوزت 2.5 مليون دولار.

أحمد يحيى: توقعات بارتفاع الأسعار بنسبة 30 بالمئة نتيجة انفلات أسواق الصرف

قال عادل زايد مدير شركة البابطين- مصر للطاقة والاتصالات لـ”العرب” إن ارتفاع سعر الدولار وعدم قيام البنوك بتوفيره، يعد المعوق الرئيسي للشركات حاليا.

وأضاف أن قرار البنك المركزي الذي صدر منذ شهر فبراير الماضي بإلزام المستثمرين والشركات بعدم إيداع أكثر من 50 ألف دولار في حساباتهم المصرفية في الشهر، أضر بالاقتصاد والاستثمار.

وأشار إلى أن الشركات في أزمة، جراء قرارات المركزي المصري، حيث تسببت في إيقاف نشاط البعض، وفتح سوق سوداء للدولار في الخارج، بعد أن قامت مكاتب الصرافة بفتح فروع خارجية لشراء الدولار من المصريين المغتربين.

وقال إنه خلال العام الماضي، حققت شركة البابطين، فائضا في فروق العملة، إذ أن التصدير كان يمثل 80 بالمئة من المبيعات، وتنازلنا عن فروق العملة الزائدة عن احتياجاتنا للبنوك المصرية.

وأكد أنه في العام الحالي، انعكس الوضع فأصبح 80 بالمئة من إنتاج الشركة يوجه للسوق المحلية وتراجعت الصادرات إلى نحو 20 بالمئة، في وقت تستورد فيه الشركة جميع حاجتها من المواد الأولية لمشروعات الشركة من الخارج لعدم توافرها في مصر مما أضر بمصالحنا.

حسين منسي: أزمة الدولار تضعف القدرة التنافسية للشركات المصرية في الأسواق الخارجية

وشدد على الحاجة الماسة إلى الدولار الأميركي لمواجهة المتطلبات الأساسية، في الوقت الذي لا تقوم البنوك بدورها في توفير العملة الأجنبية للشركات، على الرغم من أن مشروعات الشركة تعد من المشروعات القومية في الكهرباء والطاقة.

وأكد أن مشكلة نقص الدولار كبيرة للغاية ويجب على الحكومة أن تعمل على توفيره للشركات التي تقوم بتنفيذ مشروعات الدولة الاستراتيجية، وليس للسلع الأساسية فقط.

وتراجع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي المصري من الدولار الأميركي إلى مستوي 16.3 مليار دولار في نهاية شهر سبتمبر الماضي.

وقال حسين منسي العضو المنتدب لشركة لافارج للأسمنت لـ”العرب” إن ارتفاع الدولار وكذلك عدم توافره يؤثر سلبا على الاستثمار، مؤكدا أن الشركة تعتمد على الطاقة المستوردة من الأسواق العالمية، فضلا عن قطع الغيار، بجانب المعدات التي يتم استيرادها من الخارج.

عادل زايد: البنوك لا توفر العملة وشركات الصرافة تشتري تحويلات المصريين المغتربين

وأوضح أن عدم توافر الدولار للشركات المصرية، يضعف قدرتها التنافسية، ويعرقل قدرتها في التوسع، وتطوير منتجاتها، ما يؤثر على المشروعات القومية التي تتبناها الدولة خلال الفترة الراهنة.

وقال الخبير الاقتصادي إسلام عبدالعاطي لـ”العرب” إن الشركات المصرية تعاني من أجل الإنتاج، بسبب صعوبة العثور على الدولار.

وانتقد اتجاه الحكومة لطرح أراضي على المصريين في الخارج بالدولار، لمواجهة النقص في العملة الأجنبية، وأكد أن هذا التفكير لا يناسب الدولة ويحولها إلى “تاجر أراضي”.

وأوضح أن زيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي أو توافر الدولار في مصر، لا يأتي إلا من خلال وجود حوافز للاستثمار والتصدير وبذل مجهود حقيقي من أجل عودة السياحة للتعافي بشكل كامل.

وأشار إلى أن الحكومة لم تتخذ إجراءات حقيقية، لتوفير الدولار في مصر، كما أن القرض، الذي أعلنت عنه الحكومة من البنك الأفريقي للتنمية، لن يساهم في توافر العملة كما تزعم الحكومة. وتتفاوض وزارة التعاون الدولي المصرية مع البنك الأفريقي للتنمية على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، إضافة إلى نحو 1.5 مليار دولار من الصندوق الأفريقي لمساندة البرامج التنموية في مصر.

11