الجيش التونسي يساهم في بناء المشاريع ومواجهة الكوارث

تونس - احتفلت تونس، بالذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني. وبالإضافة إلى دوره العسكري في تأمين البلاد وفرض الاستقرار، يشارك الجيش التونسي في كل الأزمات ومواجهة الكوارث الطبيعية كلما تم الاستنجاد به، فضلا عن اعتماد السلطة في الفترة الأخيرة على الهندسة العسكرية في إنجاز المشاريع. ومنذ تأسيسها، تحظى وزارة الدفاع بثقة كبيرة لدى الشعب التونسي، كما أن الموقف العام من تلك المؤسسة إيجابي جدا، نظرا لكونها تتوفر على عناصر الجدية في العمل وسرعة تنفيذ المهمات الموكولة إليها.
وأشرف الرئيس التونسي قيس سعيّد، القائد الأعلى للقوات المسلّحة، الثلاثاء على موكب الاحتفال بالذكرى التاسعة والستين لانبعاث الجيش الوطني، تولّى خلاله تقليد شارات الرُتب والأوسمة لثلّة من العسكريين الذين شملتهم الترقية هذه السنة.
وقال الرئيس سعيد خلال كلمة ألقاها بالمناسبة، إن “تاريخ القوات المسلحة العسكرية التونسية ضارب في أعماق الزمن وتمتزج الاحتفالات بالذكرى لا فقط بواجب التذكر وبمشاعر الفرحة والشموخ بل بالإرادة المتجددة في مضاعفة روح العزيمة في البذل دون حدود، فكلما تحقق حدث إلاّ وتلاه التفكير في الهدف الذي يليه.”
وكشف أنّ العمل جار لإعداد نصوص جديدة بعضها على وشك الانتهاء والبعض الآخر في طور الإنجاز، لمزيد تطوير المؤسسة العسكرية، وقال في هذا الإطار: ”الواجب المُقدّس يدعونا ألاّ ننسى الدعوات التي تتلقاها قُوّاتنا المسلّحة العسكريّة من قوات حفظ السلام في العالم، فالأمر ليس من باب الصدفة.”
وانخرط الجيش التونسي، عند تكوينه في يونيو 1956، في تأمين البلاد من بقايا الاستعمار الفرنسي، لاسيما في معارك الجلاء ومعارك الحدود في الشمال الغربي في ساقية سيدي يوسف ومعارك الجنوب في رمادة 1958 وخاصة معركة بنزرت الكبرى سنة 1963.
وبهدف دعم إشعاع تونس على الساحة الدولية، انخرط الجيش بعد الاستقلال لأربع سنوات (1960) في عمليات حفظ السلام تحت غطاء منظمة الأمم المتحدة وذلك بعد أن قرر الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إرسال 3000 جندي إلى الكونغو، الذي كان يعيش آنذاك حربا أهلية. وحرص الجيش التونسي، على تحديث هياكله وأسلحته وآلياته وتعصير بنيته التحتية ومنشآته وتطوير قدرات أفراده القتالية والمعرفية وذلك لتنفيذ مهامه بالنجاعة والفاعلية المطلوبتين.
وأفاد مختار بن نصر، العميد السابق بالجيش ورئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، أن “من بين مهام الجيش الحفاظ على أمن الوطن والمساهمة في بناء المشاريع التنموية، وهذه مهام للجيش منذ الاستقلال في 1956.” وأوضح في تصريح لـ”العرب”، أن “الجيش يملك وحدات مختصة في بناء المشاريع نظرا للكلفة خاصة في الأماكن النائية (طرقات في الصحراء أو غيرها)، أو على غرار مطار طبرقة (شمال غرب).”
ولفت بن نصر إلى “وجود تطور في مهام الجيوش، حيث أصبحت تساهم في الجهود التنموية للبلاد، وهي قوّة البلاد، تستخدمها لمواجهة الكوارث أو المشاريع الزراعية على غرار المشروع الزراعي بمنطقة رجيم معتوق (جنوب).”
وتحرص تونس على تحييد الجيش عن الحياة المدنية، لكنه يمتلك خبرات كبيرة في العمل المدني، سواء في مرحلة حكم قيس سعيد أو قبل الثورة، حيث كانت الدولة توكل إليه مهام مختلفة مستفيدة من سرعة أداء المؤسسة العسكرية والتزامها بالمواعيد مثل التدخل أثناء الفيضانات أو تساقط الثلوج بكثافة أو نشوب حرائق الغابات أو بناء الجسور، فضلا عن لعب دور أمني فعال مثلما حصل بعد ثورة 2011، حيث حمت المؤسسة الأرواح والممتلكات وحالت دون اتساع دائرة الفوضى.
وخلال جائحة كورونا استعان الرئيس سعيد بالجيش لمواجهة تفشي الوباء وإيصال الأمصال إلى مختلف مناطق البلاد بالطائرات العسكرية وشاحنات الجيش مع تدخل مباشر من الطب العسكري، وهو ما مكّن من تقليل الخسائر البشرية وتجاوز حالة الإرباك التي سيطرت على عمل الحكومة.
والعام الماضي، تم التعويل على المؤسسة العسكرية في بناء عدد من المشاريع كان قد أذن الرئيس قيس سعيد الإدارة العامة للهندسة العسكرية بالإشراف عليها، على غرار مستشفى ميداني بمدينة بئر علي بن خليفة من محافظة صفاقس (شرق) وإعادة بناء مسبح البلفيدير وسط العاصمة تونس.
واستنجدت السلطة بالهندسة العسكرية في بناء بعض المشاريع في وقت وجيز مع توفر عاملي الانضباط وجودة العمل المقدّم، بعيدا عن الروتين البيروقراطي وممارسات الفساد التي كانت تنخر مختلف المؤسسات وتحول دون سيرورة المشاريع واستكمال إنجازها.
وتؤكد معطيات وزارة الدفاع الوطني أن جيش البرّ، ساهم في وضع برامج جديدة لمواكبة التطورات والزيادة من القدرات العملياتية لأفراده وجاهزية وحداته القتالية، بهدف تكوين قوات برية قادرة على الانتشار بسرعة في أي ظرف وأي مكان داخل التراب الوطني لمجابهة كل التهديدات، وذلك عبر تطوير وتحسين مستوى التدريبات والإسناد اللوجستي الفعّال وتحقيق الاقتناءات الضرورية من الوسائل الخفيفة المناسبة لسرعة الحركة والمناورة ووسائل الرؤية والرمي بالليل ومعدات الدعم الناري المباشر.