تونس تتوجه نحو تنظيم المؤسسات وفق سياستها ومواردها المالية

قيس سعيد يؤكد ضرورة إعادة هيكلة مؤسسات لا طائل من وجودها.
الجمعة 2025/06/20
مساع لتخفيف العبء المالي عن الدولة

تونس - حملت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد في لقائه برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، توجهات جديدة نحو إعادة تنظيم بعض المؤسسات وهيكلتها، خصوصا تلك التي اعتبرها الرئيس تمثل عبئا على الدولة و”لا طائل من وجودها”.

ويقول خبراء ومتابعون للشأن التونسي إن الرئيس سعيد يقصد تلك المؤسسات والوكالات التابعة للدولة، لكن ظلت ترصد لها الميزانيات وخلاص أجور موظفيها دون مردودية في العمل، على غرار مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والاجتماعية، وكالة النهضوض بالاستثمار ووكالة النهوض بالاستثمار الفلاحي ووكالة النهوض بالصناعة ومركز النهضوض بالصادرات، وغيرها.

وطالبوا بإعادة العمل على هيكلتها أو إدراجها ضمن مؤسسات أخرى حتى تتخلص من ركودها، وتسهم في بلورة توجهات السلطة وسياساتها.

رضا الشكندالي: هذه المؤسسات تابعة للوزارات وفيها إهدار للمال العام
رضا الشكندالي: هذه المؤسسات تابعة للوزارات وفيها إهدار للمال العام

وشدّد الرئيس التونسي في القاء الذي جمعه برئيسة الحكومة بقصر قرطاج على أنّ الشعب التونسي قادر على رفع كل التحديات ومصر على العبور النهائي، مؤكدا ضرورة إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها.

وأوضح قيس سعيد في هذا الاجتماع وفق بلاغ صادر عن الرئاسة أن تونس تعيش اليوم لحظة رفع كل التحديات، ومن لا ينخرط من المسؤولين في هذه اللّحظة المصيرية والتاريخية فهو غير جدير بتحمل المسؤولية، مذكرا في هذا السياق بأن الشعب التونسي قرّر العبور النهائي، ومن اختار أن يتخلف عن هذه اللّحظة، أو أكثر من ذلك، ومن اختار أن يسير في الاتجاه المعاكس فليس له مكان داخل أجهزة الدولة وسائر مؤسساتها ومنشآتها العمومية.

وأكد الرئيس سعيد على ضرورة استرجاع الدولة لدورها الاجتماعي كاملا، مشددا على أهمية إيجاد حلول جذرية لإنصاف ضحايا عقود من السياسات التي تم وضعها خدمة لمن لا تزال تهزهم أضغاث أحلامهم بالعودة إلى الوراء.

ورحب خبراء في الاقتصاد بهذه الدعوة، معتبرين أنها تفتح المجال لإيجاد حلول جذرية لبعض المؤسسات العمومية التي تثقل كاهل دافعي الضرائب ولا تستجيب لحاجيات المواطنين.

وأفاد أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي بأن “المؤسسات التي يقصدها الرئيس قيس سعيد هي المؤسسات التي تعمل دون فائدة أو جدوى ولا تؤدي الدور المطلوب منها، وهي تابعة لهياكل ووزارات الدولة.”

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “هذه المؤسسات تابعة لوزارات الدولة ولكن لا تنتج وفيها إهدار للمال العام.”

وسبق أن أسدى قيس سعيّد، حسب بيان للرئاسة التونسية، تعليماته للقيام بجرد لعدد من المؤسسات التي لا طائل من وجودها، بل تُمثّل عبئا على ميزانية الدولة وعلى أموال المجموعة الوطنية ولا تُحقّق، هذا إن حقّقت، إلا جزءا يسيرا من الأهداف التي أُحدثت من أجلها.

وأكد المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “هناك العديد من الوكالات والمؤسسات التابعة للدولة، وهي تعتبر خارج التاريخ، ولا طائل من وجودها، وفيها إهدار للمال العام.”

وأضاف لـ”العرب”، “تجب إعادة هيكلة تلك المؤسسات وحان الوقت لإدراجها حتى تكون ذات مردودية”، لافتا إلى أن “وجودها بمثابة فساد في هيكلة الدولة والبيروقراطية التي تعتمد على موظفين وميزانية.”

ومطلع العام الجاري، وصف المستشار في التنمية محمد مذكور خطوة الدعوة إلى القيام بجرد لعدد من المؤسسات التي لا طائل من وجودها بـ”القرار الجريء والمهم للغاية، وهو يفتح المجال لغلق أو إيجاد حلول جذرية لبعض المؤسسات العمومية التي تثقل كاهل دافعي الضرائب ولا تستجيب لحاجيات المواطنين.”

نبيل الرابحي: وجود تلك المؤسسات بمثابة فساد في هيكلة الدولة
نبيل الرابحي: وجود تلك المؤسسات بمثابة فساد في هيكلة الدولة

وقال في تصريح لإذاعة محلية “من الضروري تقديم توضيحات أكثر من قبل رئاسة الجمهورية والكشف عن هذه المؤسسات أو أسباب عدم قيامها بدورها”، مرجحا أن “يتعلق السبب بضعف ميزانية التدخل والذي يجعل وجودها لا يستجيب لحاجيات الدولة، إضافة إلى حاجيات المواطنين.”

وتطرق محمد مذكور إلى العدد الكبير لمؤسسات دعم الاستثمار الخاص مثل وكالة النهضوض بالاستثمار ووكالة النهوض بالاستثمار الفلاحي ووكالة النهوض بالصناعة ومركز النهضوض بالصادرات والشركة التونسيّة للضمان ووكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، وصناديق تمويل الاستثمار وبنك تمويل الشركات الصغرى والمتوسطة، مبينا أنها مؤسسات تجتمع في دعم الاستثمار الخارجي والداخلي لكنها مشتتة، ولم لا يتم دمجها وتصبح بذلك تدخلاتها أكبر وأكثر نجاعة؟

وأشار مذكور إلى “وجود مؤسسات فارغة، مثل المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بتطاوين (جنوب)، وعدد من مؤسسات التكوين المهني التي لا توفر تكوينا يستجيب للحاجيات، ومؤسسات تكوين الممرضين التي يعاني المتخرجون منها من البطالة.”

وفي نوفمبر الماضي، قال سعيد إن بلاده تعاني من “تضخم مؤسسي”، مؤكدا على ضرورة “تطهير البلاد وإزالة العقبات القانونية أمام إنجاز المشاريع.”

ولفت إلى أن المؤسسات التي “لا توجد إلا في الرائد الرسمي” في إشارة إلى الجريدة الرسمية لتونس، يصرف عليها الملايين من الدنانير رغم أنها غير موجودة فعليا.

4