دعوات برلمانية لتنظيم قطاع المحاماة في تونس

تونس - تقدم 19 نائبا بالبرلمان التونسي، إلى لجنة التشريع، بمقترح قانون أساسي يهدف إلى تنظيم قطاع المحاماة في البلاد، وإنهاء العمل بصيغة المرسوم المنظمة للقطاع منذ 2011. ويقترح النواب أصحاب المبادرة تنقيح 48 فصلا من مرسوم المحاماة، الصادر سنة 2011 أي أكثر من 50 في المئة من فصول هذا المرسوم، والمتكون أصلا من 87 فصلا. وتتعلق التعديلات المقترحة من النواب المنتمين لأربع كتل ولغير المنتمين بـ8 أبواب من أصل 9 من مرسوم المحاماة.
ويقترح النواب أن يتم تنقيح الفصل الأول من المرسوم المذكور ونصه السابق “المحاماة مهنة حرة مستقلة تشارك في إقامة العدل وتدافع عن الحريات والحقوق الإنسانية” وذلك بإضافة فقرة يتم فيها التنصيص على ما يلي “يتمتع المحامي بجميع الضمانات القانونية التي تكفل حمايته وتمكنه من تأدية مهامه،” ويقترح أصحاب المبادرة إدخال تعديلات على الفصل الثاني من المرسوم والمتعلق بأعمال المحامي ومجالات اختصاصاته.
وجاء في المقترح أنه لا يمكن توكيل غير المحامين برفع الدعاوى أو الطعون أو النيابة، ويضيف المقترح أن الأعمال المنجزة من غير المحامين “تعد باطلة بطلانا مطلقا،” ومن المقترحات ضمن هذا الفصل تسمية نوع من العقود بـ”عقد المحامي”.
ويقدم أصحاب المبادرة أيضا تنقيحات تمس الفصول 39 و42 و44 و48 والتي تتعلق بحقوق المحامي وواجباته. ويقترح النواب أيضا تنقيح أغلب فصول الباب السادس وعنوانه “في تأديب المحامين” وكذلك الباب الخامس من مرسوم المحاماة الحالي وهو باب يتعلق بهياكل تسيير مهنة المحاماة سواء الهيئة الوطنية للمحامين أو المجالس الجهوية ومجالس الفروع الجهوية.
وفي شرحهم لأسباب تقدمهم بهذا المقترح قال النواب أصحاب المبادرة “إن أكثر من 10 سنوات مرت على صدور المرسوم الحالي وهي فترة كافية لإبراز الحاجة الملحة لتنقيحه في ظل التحولات التي شهدتها بقية المهن القانونية وتردي الخدمات القضائية وارتفاع عدد المنتسبين لمهنة المحاماة من القضاة المستقيلين أو المتقاعدين،” وجاء في نص شرح الأسباب أن المشروع يهدف إلى تلافي بعض نقائص المرسوم الحالي من حيث تكريس توحيد المدخل للمحاماة وضمان وحدتها ونجاعة هياكل تسييرها وضمان شفافية العلاقة بين المحامي ومنوبه.
وقال النائب بالبرلمان فوزي الدعاس إن “المبادرة تأتي في إطار انفتاح البرلمان على كل المهن، وهذا التبني يهدف إلى تنظيم قطاع المحاماة وحوكمته.” وأكد في تصريح لـ”العرب” أنه “لا تمكن المواصلة في العمل بمرسوم 2011 لهذه المهنة، ودعوات التعديل طالب بها المحامون في عدة جلسات.”
وينتمي أغلب النواب الموقعين على مقترح القانون إلى كتلة “الخط الوطني السيادي” بمجموع 11 نائبا يليهم 4 نواب من غير المنتمين و4 نواب آخرين من كتلة “لينتصر الشعب”. ويتزامن تقديم مقترح تعديل مرسوم المحاماة مع تعهد نفس اللجنة، أي التشريع العام، بالنظر في مقترح لسن قانون أساسي جديد ينظم مهنة عدول الإشهاد وهو مقترح قدم منذ ديسمبر 2023 من قبل 111 نائبا.
ويقول مراقبون إن المحامين دائما ما يكونون في صدارة التحركات السياسية، ولعلّ كثرة الانتقادات والمزايدات على القطاع تدفع نحو التغيير. وأفاد المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني أن “المحاماة كانت دائما في طليعة القوى وفي صدارة منظمات المجتمع المدني.” وأكد لـ”العرب” أن “المبادرة يجب أن تكون متناسقة ولا تكون حبيسة مجلس النواب، ذلك أن المحاماة قطاع حساس، ووجب التفريق بين المحاماة كقطاع محترم والمحامين الذين يمارسون نشاطا سياسيا.”
وأثار تعهد اللجنة بالنظر في هذا المقترح جدلا في صفوف المحامين وهيئاتهم وصدر المرسوم الحالي للمحاماة في شهر أوت 2011 وكان مقدما من وزير العدل آنذاك وتمت إجازته بعد عرضه على مجلس الوزراء وجاء تلبية لطلبات من المحامين بهدف تغيير القانون عدد 87 لسنة 1989 المؤرخ في 7 سبتمبر 1989 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة.
ومؤخرا، عبّرت هيئات حقوقية في تونس عن رفضها لمقترح مشروع قانون برلماني تقدم به بعض النواب يقضي بنقل إجراءات الطلاق من المحامين إلى عدول الإشهاد، وسط تحذيرات من أن تمهّد الخطوة إلى التساهل مع الإجراءات والتحايل على القانون. ويهدف الإجراء إلى تبسيط إجراءات الطلاق وتقليص الضغط وتخفيف العبء على المحاكم في قضايا الطلاق بالتراضي، التي لا يتخللها أيّ نزاع.
واقترنت تلك المواقف، بتواتر المبادرات في الأسابيع الأخيرة ذات العلاقة بحقوق النساء ومكتسباتهن التشريعية والمتمثلة في مشروع قانون حول العفو التشريعي العام على المطالبين بتسديد ديون أحكام النفقة، وتنقيح الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية وغيرها.