قلق إسرائيلي من زيارة ترامب للمنطقة

ترامب يحمل مخططات للمنطقة تشمل الملف الحوثي وملف التنسيق مع الأطراف العربية حول أزمة الرهائن الإسرائيليين لدى حماس إلى جانب مناقشة تسوية الملف النووي مع طهران.
السبت 2025/05/10
يحمل ترامب في جعبته للمنطقة؟

خلال أيام، تحط طائرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السعودية، والإمارات، وقطر، في أول زيارة للمنطقة يقوم بها بعد توليه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية. وقبل وصوله، أعلن أن هناك مفاجأة سيتم الإعلان عنها يوم الخميس أو الجمعة المقبلين، كما صرح عن عزمه وقف استهداف مواقع الحوثيين في اليمن، حسبما أعلن الوسيط العماني، وفي المقابل، يمتنع الحوثيون عن استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر.

من خلال ما تقدم، نجد أن ترامب يحمل مخططات للمنطقة، تشمل الملف الحوثي، بالإضافة إلى التنسيق مع الأطراف العربية حول أزمة الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، إلى جانب مناقشة تسوية الملف النووي مع طهران. كما يتطلع أيضا إلى إنهاء الحرب في غزة حسب شروطه وشروط إسرائيل، ويحاول أن يجد آذانا صاغية لمشروعه المتعلق بترحيل سكان غزة إلى دول مجاورة أو دول أخرى. علاوة على ذلك، سوف يبحث توسيع “اتفاقيات أبراهام” لتشمل دولا عربية إضافية، إضافة إلى طرح مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار في غزة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وتصاعد الكارثة الإنسانية هناك.

رئيس وزراء إسرائيل يدرك أن اللعبة باتت مكشوفة، ومن المحتمل أن تؤدي إلى الإطاحة به. وبالتالي، أمامه خياران: إما أن يرفع الراية البيضاء ويستسلم، أو يدفع الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران

يبدو أن رئيس الولايات المتحدة الأميركية ماض في تبريد جبهة الشرق الأوسط، وهذا في نظره مهم جدا، لأن جبهته مع الصين لا تزال مشتعلة، ولن تنطفئ. فهو يريد أن يُبرد بعض الجبهات ليشعل جبهة الصين.

سبق أن قلنا إن ترامب رجل اقتصاد، وحملته الانتخابية ركّزت على هذا الجانب، وحتى يحقق ما يريده في إنعاش اقتصاد بلاده، لا بد من العمل على تخدير الوضع في المنطقة. والمقصود هنا إيجاد حلول مؤقتة للقضية الفلسطينية، إذ لا يوجد تفاؤل حقيقي بشأن حل القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب في غزة بشكل كامل. ولكن ربما يقدم مبادرات تخفف من حدة الاحتقان الذي يشعر به المواطن العربي حول ما يجري في قطاع غزة.

من هذه المبادرات، كما جاء في وقت سابق، قرر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إعادة توحيد مكتب الشؤون الفلسطينية في السفارة الأميركية في القدس مع بقية السفارة، كما أبلغ السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هكابي بذلك، وفقا للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس. هذه الخطوة تعني منح السلطة الوطنية الفلسطينية قناة إبلاغ مباشرة إلى وزارة الخارجية في واشنطن، دون الحاجة إلى المرور عبر السفير الأميركي لدى إسرائيل.

لكن هل يكون هناك ثمن لهذه الزيارة قد يدفعه نتنياهو؟ المعضلة التي تواجه الدول التي تنادي بإنهاء الحرب في غزة وتسوية القضية الفلسطينية هي الزمرة الحاكمة اليوم في إسرائيل، المتمثلة بـ”الصهيونية الدينية”، التي ترفض كل الحلول، وتنادي بتضييق الخناق على الغزيين، واستهداف مراكز ومخازن توزيع المؤن على المواطنين. هذا التصلب في الموقف قد يقود المنطقة إلى المزيد من التوتر، بل ربما يشعل الشرق الأوسط برمته، وهو ما لا تريده دول العالم.

ترامب يسعى إلى الاستثمار الاقتصادي وجلب المستثمرين إلى بلاده من شتى أنحاء العالم، وخصوصا من الدول العربية. حتى يشجع العرب وغيرهم على الاستثمار، لا بد من وضع حد لتعنت نتنياهو وحكومته المتطرفة، وهذا ما يقلق رئيس وزراء إسرائيل اليوم.

يبدو أن رئيس الولايات المتحدة الأميركية ماض في تبريد جبهة الشرق الأوسط، وهذا في نظره مهم جدا، لأن جبهته مع الصين لا تزال مشتعلة، ولن تنطفئ. فهو يريد أن يُبرد بعض الجبهات ليشعل جبهة الصين

إذن، موقف نتنياهو ومصيره السياسي يبدو غير مستقر، فأمامه خياران: إما أن يذعن لما يُطلب منه، وينهي الحرب في غزة، ويسمح بدخول المساعدات للقطاع، أو تسقط حكومته.

لا خيار ثالثا لديه. وفي المقابل، إذا سقطت حكومة نتنياهو، فلن يتحمل هذه التكاليف لوحده، إذ ستنال حماس نصيبا كبيرا من القرارات، بعد إجماع الأطراف الدولية على نزع سلاحها ومغادرة غزة، وتسليم إدارة القطاع لجهات دولية تمهيدا لعودة السلطة الفلسطينية إلى الحكم.

هذا المطلب العربي كان مطروحا على الطاولة منذ بداية الحرب، وليس حديث الساعة. وهنا يبرز سؤال مهم: هل يتماشى ذلك مع ما يصبو إليه ترامب، الذي ينظر إلى قطاع غزة باعتباره مكانا لاستثماراته؟

لقد ذكرت في مقالة سابقة أن ترامب وعد بإنهاء الحرب في غزة، وإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية في غضون أسابيع، لكنه لم يحقق أيا مما قاله. كما وعد الجمهور الأميركي خلال حملته الانتخابية بشراء جزيرة غرينلاند، لكنه أخفق في ذلك حتى اللحظة، إضافة إلى وعده بجعل كندا ولاية أميركية، وهو ما رفضته الحكومة الكندية بشكل صادم له.

بعد كل ذلك، بات ترامب اليوم يوازن الأمور بشكل أفضل مما كان عليه في السابق، أي إنه يريد المستثمر العربي، كما يتطلع إلى توسيع اتفاقية أبراهام، وهو أمر يتطلب تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط، ولو كان ذلك على حساب سقوط حكومة نتنياهو.

لذلك، يدرك رئيس وزراء إسرائيل أن اللعبة باتت مكشوفة، ومن المحتمل أن تؤدي إلى الإطاحة به. وبالتالي، أمامه خياران: إما أن يرفع الراية البيضاء ويستسلم، أو يدفع الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران تحت شعار “عليَّ وعلى أعدائي”، وهذا خيار ضعيف للغاية.

9