العاملات في المجال الزراعي في تونس يطالبن بتسوية وضعيتهن

دعوات إلى توفير التغطية الاجتماعية والنقل الآمن والأجر اللائق.
الخميس 2025/01/16
قاطرة الزراعة في تونس

تونس - تصاعدت المطالب الداعية إلى تحسين أوضاع العاملات في القطاع الزراعي في تونس في الفترة الأخيرة، من خلال توفير التغطية الاجتماعية والصحية، فضلا عن توفير النقل الآمن وتحسين أجورهنّ.

ويقول مراقبون، إنه على الرغم من أهميتهن في المساهمة في الدورة الاقتصادية للبلاد، إلا أنهن بقين خارج دائرة القوانين الموضوعة والتي لم تفعّل إلى الآن وبقيت معطلة، كما لم تتوفر مبادرات واضحة لتحسين وضعيتهنّ.

ويعيش أكثر من مليون و700 ألف امرأة وفتاة، في الأرياف، بنسبة 32 في المئة من مجمل النساء في تونس، و50 في المئة من مجمل سكان المناطق الريفية، كما يمثلن ما بين 62 و80 في المئة من اليد العاملة في القطاع الزراعي في البلاد.

وأكدت المكلفة بملف العاملات في القطاع الزراعي بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حياة العطار أن “عاملات القطاع الزراعي ينفّذن غدا الجمعة، تحركا احتجاجيا بمعتمدية جبنيانة من ولاية صفاقس (شرق) للمطالبة بالحق في الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية والنقل الآمن والأجر اللائق.”

نجاة عرعاري: لا توجد حماية للنساء وهن يشتغلن دون كمّامات وقفّازات
نجاة عرعاري: لا توجد حماية للنساء وهن يشتغلن دون كمّامات وقفّازات

وشددت العطار، في تصريح لإذاعة محلية، على “ضرورة أن تستمر الدولة في مسار الحماية الاجتماعية للعاملات عبر تنزيل الأوامر الترتيبة للمرسوم عدد 4 لسنة 2024 والمتعلق بالحماية الاجتماعية للعاملات في القطاع الزراعي من أجل رؤية أوضح لكل المتدخلين في القطاع والقطع مع كل أشكال الظلم والنقل العشوائي.”

وقالت العطار إن “اليد العاملة في القطاع الزراعي تشهد تراجعا بسبب عديد الانتهاكات المسلطة عليها وعدم ضمان حقوقها الشغلية” مضيفة أنه ومن أجل ضمان توفر اليد العاملة واستدامة القطاع لا بد من التعجيل بإتمام وتنفيذ إجراءات الحماية الاجتماعية للعاملات والعملة في القطاع الزراعي في إطار سياسة عمومية ناجعة ومستدامة ووفق مقاربة قانونية واجتماعية وتنموية شاملة، وناجزة ومنصفة وفق تقديرها.

وأبرزت العطار أن المنتدى ومنذ سنة 2015 رصد 87 حادثا لنقل العمال والعاملات في القطاع الزراعي خلف وفاة 65 ضحية وإصابة 955 آخرين.

كما بينت أن 50 في المئة من هذه الحوادث تم تسجيلها في ولايتي سيدي بوزيد والقيروان (وسط) وأن 59 في المئة منها وقعت بعد إصدار القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل خاص بالعمال في الزراعة.

وتفيد أرقام رسمية بأن العاملات في الزراعة يمثلن 80 في المئة من السيادة الغذائية لتونس وأجورهنّ لا تغطي حاجياتهن الأساسية أمام الأزمة الاقتصادية الخانقة، ما يطرح بجدية ضرورة أن تضع الهياكل المشرفة على القطاع برامج جديدة تهدف إلى تقنين عملهن وحفظ كرامتهن.

وقالت الباحثة المتخصصة في علم الاجتماع والناشطة النسوية، نجاة عرعاري إن “العمل في القطاع الزراعي غير مهيكل، وهناك زراعة موسمية مثل الخضروات وجني الزيتون، وبالتالي وجب أن تكون سياسة الدولة واضحة في تأسيس صندوق متعلق بالقطاع يتكفّل بالتغطية الاجتماعية والصحية للعاملات كما يجب أن يكون العمل مهيكلا.”

وأضافت في تصريح لـ”العرب”، “تنظيم العمل في هذا القطاع يتطلب سياسة عمومية، كما أن نقل العاملات فيه العديد من الصعوبات، والدولة سنّت قانونا ولكن تبين أنه غير مدروس وغير قابل للتنفيذ لأن توفير حافلات للنقل أمر صعب في بعض الأماكن الوعرة، وبالتالي لا بدّ عليها أن تتدخل بأكثر جدية.”

نائلة الزغلامي: العاملات في الزراعة يتقاضين أجورا أقل من الرجال
نائلة الزغلامي: العاملات في الزراعة يتقاضين أجورا أقل من الرجال

كما أشارت نجاة عرعاري إلى “ضرورة توفير الموارد المالية مع حوافز، فضلا عن توفير بطاقات العلاج التي تمنحها وزارة المرأة والأسرة حسب وضعيات الأسر،” لافتة إلى أنه “يوجد انفلات كبير بخصوص أجور النسوة العاملات في القطاع الزراعي، وتفقدية الشغل لا تقوم بالدور الموكول إليها لتوفير الأجر الأدنى للعاملات، كما لا توجد حماية واضحة للنساء ويشتغلن دون كمّامات وقفّازات.”

 وكان البرلمان التونسي قد سن القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل خاص بالعملة والعاملات في القطاع الزراعي إثر فاجعة منطقة السبّالة من ولاية سيدي بوزيد (وسط) والتي راح ضحيتها 12 عاملا وعاملة بالإضافة إلى وقوع 20 جريحا، تحت ضغط مجتمعيّ واسع.

وعلى الرغم من سنّ هذا القانون، إلا أنّ مطلب النقل الآمن لم يتحقق في ظلّ عجز الدولة وأحيانا تواطؤ الموظفين في الرقابة على وسائل النقل التي تستقلها النساء العاملات في القطاع الزراعي، وكذلك الإشكال في مقاربة الدولة في معالجة هذا الملف.

وأفادت نايلة الزغلامي، الناشطة الحقوقية النسوية، أن “النساء يتقاضين أجورا أقل من الرجال، وحاولنا مساعدتهنّ عبر تأسيس نقابات للنساء العاملات ولكن مازال العمل هشّا والأجر ضعيفا والتغطية الاجتماعية غير متوفرة ولا توجد تهيئة للمسالك الزراعية.”

وأكدت لـ”العرب” أن “الأدوية الكيميائية التي يستعملها النساء أثرت على صحّتهنّ وهناك تمييز في العمل بين الرجال والنساء، كما أن الثقافة الذكورية تعتبر أن الرجل أعلى مكانة من المرأة.”

ولفتت الزغلامي إلى أنه “لا توجد إرادة سياسية جادة لإيجاد حلول لهذه الشريحة الاجتماعية، وبالتالي لا بدّ من تضافر جهود رئاسة الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية والصناديق الاجتماعية لتمكين النسوة من التغطية الاجتماعية وحمايتهنّ، مع سنّ نصّ قانوني متكامل يضمن تنفيذ ذلك.”

وبسبب عدم تنظيم هذا القطاع وعدم دراسة القضايا التي تخصه باتت النساء عرضة للعنف والاستغلال وحوادث مستمرة.

وصدر بتاريخ 19 أكتوبر 2022 الأمر الحكومي عدد 768 الذي يقضي بزيادة طفيفة في الأجر الأدنى اليومي المضمون للعاملات بالقطاع الزراعي ليبلغ 17.664 دينار (5.51 دولار) بعد أن كان 16.512 دينار خلال سنة 2021.

4