نواب محليون يطالبون بحصانة جزئية وبسلطة القرار في الجهات التونسية

دعوات لتفعيل الدور الرقابي للمجالس المحلية حتى تتمتع بسلطة القرار.
الثلاثاء 2025/01/07
في انتظار النهوض بالمنوال التنموي

تونس - طالب عدد من نواب المجالس المحلية في تونس بتمتيعهم بحصانة جزئية وآليات لصناعة القرار في الجهات، فضلا عن تفعيل الدور الرقابي للمجالس المحلية والجهوية، وهو ما يرى مراقبون أنه خطوة طبيعية في ظلّ تواصل تداخل المهام والأدوار بين الهياكل الجهوية والمحلية.

وترى أوساط سياسية أن تلك المطالب تأتي بالتزامن مع الحديث عن إمكانية الذهاب إلى إجراء انتخابات بلدية، كما قد تمثل خطوة استباقية من النواب المحليين بهدف “انتزاع” أدوار وصلاحيات في ظلّ تعدد الهياكل في الجهات وتواصل عدم فهم الوظائف.

ولئن أكدت تلك الأوساط أن مهام نواب المجالس المحلية والجهوية تنموية بالأساس، عبر تفعيل نموذج الشركات الأهلية في الجهات بالاعتماد على أموال الصلح الجزائي ودفع نسق الاستثمار المحلي، فإن الرؤية مازالت “ضبابية” لدى البعض، وهو ما قد يخلق تنازعا على الأدوار وتداخلا قد يخلّ بالأهداف التي جاءت لتحقيقها تلك المؤسسات.

وتحدث رئيس المجلس المحلي بمعتمدية تونس المدينة النائب حسني مَرعي عن جملة من التحفظات لدى النواب المحليين، مؤكدا على “ضرورة أن يتمتع النائب المحلي بدور رقابي بحسب ما ينص عليه دستور 25 يوليو 2022.”

مراد علالة: مطالب النواب تتزامن مع الحديث عن إجراء انتخابات بلدية
مراد علالة: مطالب النواب تتزامن مع الحديث عن إجراء انتخابات بلدية

ودعا في تصريح لإذاعة محلية الرئيس التونسي قيس سعيد إلى “تفعيل الدور الرقابي للمجالس المحلية والجهوية حتى تتمتع بسلطة القرار على مستوى العمادات والمعتمديات.”

كما طالب رئيس المجلس المحلي في معتمدية تونس المدينة بـ”منح نواب المجالس حصانة جزئية من أجل تذليل الصعوبات التي تعترضهم أثناء أداء وظيفتهم.”

وكانت رئاسة الجمهورية (جهة المبادرة) قد أحالت بتاريخ 31 ديسمبر 2024 مشروع قانون أساسي يتعلق بالمجالس المحلية والجهوية ومجلس الأقاليم مع طلب استعجال النظر فيه، وتعهدت به كل من لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مراد علاّلة إن “هذه المطالب هي ردّ فعل طبيعي جاء مباشرة مع بداية حديث قوي عن إمكانية إجراء الانتخابات البلدية في تونس، ويدرك النواب المحليون تداعيات ذلك على مهامهم، وبالتالي هم يستبقون الأمور للانتفاع بالامتيازات الأدبية قبل رسم مجال صلاحيات جديد لكل هيكل.”

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “هذه المطالب هي إجراء استباقي تحسبا للمفاجآت، ولم يكن أحد يعلم طبيعة مهام نواب المجالس المحلية، كما لم يكونوا على بيّنة من أدوارهم، وهذا الخلط في المشروع الجديد يؤكد أننا مازلنا نعيش بالمنطق التجريبي.”

ودعا مراد علاّلة إلى “ضرورة مواءمة التشريعات لهذا الواقع، إما بتنقيح النصوص القديمة أو بسنّ قوانين جديدة تحدد الصلاحيات والمهام،” مضيفا “نخشى أن نذهب إلى انتخابات مجالس بلدية ونجد أنفسنا في تفاضل بين الهياكل، كما أن التنازع والبحث عن دور قد يخلقان حالة من التصادم بين مختلف الأطراف.”

نبيل الرابحي: النواب المحلّيون لم يستوعبوا بعد دورهم التنموي
نبيل الرابحي: النواب المحلّيون لم يستوعبوا بعد دورهم التنموي

وسبق أن طالبت المجالس المحلية في تونس بضرورة وضع إطار قانوني ينظم عملها ويحدد صلاحياتها ومهام أعضائها ومجالات تدخلها، خصوصا بعد تداخل الوظائف والأدوار مع البرلمان.

ودعا أعضاء المجالس المحلية خلال مشاركتهم في الملتقى الأول للمجالس المحلية بالحرايرية في ولاية (محافظة) تونس، في ديسمبر الماضي، الرئيس قيس سعيد والمؤسسة التشريعية بغرفتَيْها إلى تسريع وضع الإطار القانوني المنظم لعمل المجالس المحلية والجهوية، وضبط صلاحياتها ومهام أعضائها ومجالات تدخلها.

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي “مع الأسف عند القيام بالحملة الانتخابية للمجالس المحلية، كان هناك خلط في الفهم بين الحكم المحلي والسلطة المحلية ودور النواب في الجهات.”

وأكد لـ”العرب” أن “المجالس المحلية دورها تنموي بالأساس، والنواب المحلّيون لم يستوعبوا بعد ذلك الدور، ويستند البعد التنموي إلى مداخيل الصلح الجزائي ودفع الاستثمار عن طريق الشركات الأهلية وصناديق الاستثمار المحلية.”

وأشار نبيل الرابحي إلى أن “هناك من قام بحملته الانتخابية على أساس كونه سيصبح رئيس مجلس بلدي.”

ويجمع الملاحظون في تونس على أن المجالس المحلية نموذج يضع بيد المواطن صناعة القرار في جهته ويتكفّل بتحديد الحاجيات التنموية بعد أن كانت الدولة تلعب ذلك الدور في السابق، لكنه أيضا حسب المراقبين يتطلب وقتا طويلا من الانتظار حتى يعطي نتائج، وسط دعوات إلى ضرورة تحديد المهام بوضوح وتلافي التداخل مع بقية الهياكل التشريعية.

ويتكون المجلس الوطني للجهات والأقاليم من 77 عضوا، من بينهم 72 عضوا تم انتخابهم من قبل أعضاء المجالس الجهوية بمعدل ثلاثة أعضاء عن كل مجلس (24 مجلسا جهويا)، و5 أعضاء عن مجالس الأقاليم بمعدل عضو عن كل إقليم.

وحسب الفصل 85 من دستور 2022 يمارس المجلس الوطني للجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف القضايا، المتعلقة بتنفيذ الموازنة ومخططات التنمية في تونس.

4