الحكومة التونسية تسعى لمعالجة ظاهرة البناء الفوضوي

وزيرة التجهيز: البناء الفوضوي لم يعد مقبولا.
الثلاثاء 2024/10/29
عدد الأحياء الشعبية في تزايد

تونس - باتت ظاهرة البناء الفوضوي في مختلف الأحياء والمدن تثير قلق الحكومة التونسية، التي تسعى إلى إيجاد حلول كفيلة لمعالجة الظاهرة وتداعياتها على المظهر العمراني وجمالية المدن.

وانتشرت بعد العام 2011، البناءات الفوضوية التي لا تتوفر على سند قانوني، وهو أمر فسّره مراقبون بارتفاع كلفة البناء والسكن في المدن، فضلا عن غياب خطط إستراتيجية واضحة للحكومات المتعاقبة للاهتمام بالجانب السكني والعمراني.

ويشمل مصطلح البناء الفوضوي البناء في عقارات غير صالحة قانونا للبناء أو في عقارات تصنف في خانة ملك الدولة العام أو الخاص.

ويضيف المراقبون أنه لا يمكن اختزال إشكالية البناء الفوضوي بتجاوز الترخيص الإداري، وحتى في حال أخذ أشكال الفساد العمراني الأخرى بعين الاعتبار، فإنه يرجح أن تصل نسبة البناء الفوضوي إلى مستويات مرعبة تفوق ربما مستوى العمران غير الفوضوي.

خليفة الشيباني: توظيف العمل البلدي في المجال السياسي أدى إلى إهمال المدن
خليفة الشيباني: توظيف العمل البلدي في المجال السياسي أدى إلى إهمال المدن

وأفادت وزيرة التجهيز والإسكان سارة زعفراني بأن “الوزارة تعمل حاليا على مراجعة مجلة التهيئة الترابية والتعمير الصادرة منذ سنة 1994 وهو ما يتطلب إدخال إصلاحات عليها حتى تصبح متلائمة مع مجلة الجماعات المحلية”.

وأكدت في تصريح لإذاعة محلية، على هامش يوم دراسي بمناسبة اليوم العالمي للإسكان، أن “العمل حاليا على التسريع في إدخال إصلاحات على أمثلة التهيئة العمرانية التي تشرف عليها البلديات”.

وبيّنت سارة زعفراني أن “الفترة القادمة في البلاد هي فترة إقلاع اقتصادي وكل ما يتطلبه ذلك من إصلاحات كبرى في مجال السكن والتعمير وأمثلة التهيئة العمرانية”، لافتة إلى أن “البناء الفوضوي لم يعد مقبولا خصوصا في ظل العمل ضمن الإستراتيجية الوطنية للسكن على تحسين المشهد العمراني في البلاد”.

وتؤكد أرقام وزارة التجهيز والإسكان في تونس أن نحو 5 آلاف مبنى في البلاد أصبحت متداعية للسقوط وتهدد سلامة المارة والمتساكنين والأجوار، وذلك بسبب قدمها وعدم صيانتها.

ويواجه قطاع السكن في تونس عدة صعوبات خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وكلفة البناء.

وأفاد أستاذ علم الاجتماع بلعيد أولاد عبدالله بأن “البناء الفوضوي هو نتاج لمجموعة من المؤشرات والعوامل أهمها ارتفاع كلفة البناء والسكن، فضلا عن غياب إستراتيجية التخطيط العمراني في المدن”.

وقال في تصريح لـ”العرب”، “كل الولايات (المحافظات) الكبرى خصوصا وإقليم تونس الكبرى (تونس، أريانة، بن عروس، منوبة)، فيها بناء فوضوي وخاصة منوبة التي تشهد تحولا عمرانيا”.

نحو 5 آلاف مبنى في البلاد أصبحت متداعية للسقوط وتهدد سلامة المارة والمتساكنين والأجوار

ولفت بلعيد أولاد عبدالله إلى أن “البناء الفوضوي هو بناء دون رخصة أو على أراض زراعية، وهناك أيضا بناء فوق الأسطح، مع ظهور أحياء شعبية جديدة”، داعيا الدولة إلى “ضرورة فتح هذا الملف، خصوصا وأن بعض البناءات على حافة وادي، إلى جانب انفلات مجتمعي وغياب تطبيق القانون على المخالفين”.

ويقول متابعون إن  ظاهرة البناء الفوضوي في تونس توسعت، ولم تعد تهمّ الفقراء في الأحياء الشعبية فقط، بل شملت كوادر عليا في الدولة وسياسيين ورجال أعمال أقاموا بنايات في مناطق محجر فيها البناء وصدرت ضدّ بعضهم قرارات في الهدم، فضلا عن كون تلك المنازل الفوضوية تهدد حياة ساكنيها لعدم خضوعها في الكثير من الأحيان للشروط والمواصفات المطلوبة.

وقال المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني “ظاهرة البناء الفوضوي تفاقمت بعد 2011 في ظل ضعف الدولة، وأعتقد آن الآوان لمعالجتها، وبعض المساكن تستحق الهدم، باعتبارها مسيئة لجمالية المدن ومخالفة للقانون، وعلى الدولة أن تطبق القانون”.

وأفاد في تصريح لـ”العرب” بأن “هناك أحياء كاملة وتجمعات بنيت على الفوضى ومن المؤكد أن بها سلوكات فوضوية وإشكاليات تتعلق بالصيانة والنور الكهربائي وغيرهما”، لافتا إلى أن “بعد 2011 تم توظيف العمل البلدي في المجال السياسي، ما أدى إلى حل 80 مجلس بلدي، كما تم إهمال المدن والجانب العمراني”.

وسبق أن أكد مدير عام الإسكان بوزارة التجهيز والإسكان نجيب السنوسي “مراجعة الإستراتيجية الخاصة بالسكن في تونس نظرا للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، وأيضا، للصعوبات المستجدة على غرار ارتفاع كلفة مواد البناء والطاقة واليد العاملة وتراجع المخزون العقاري”.

وأفاد السنوسي في تصريح سابق لوكالة الأنباء التونسية الرسمية بأنه “تم تحديد أربعة محاور كبرى للعمل عليها في الإستراتيجية الجديدة، يهم الأول توفير الرصيد العقاري ويعنى الثاني بتوفير السكن وتمويله ويتعلق الثالث بالعناية بالرصيد السكني القائم فيما سيركز المحور الرابع على آليات التخطيط العمراني والترابي”.

4