حكومة الدبيبة تغلق سوقا موازيا لبيع العملة مع انفلات سعر الدولار

خبير اقتصادي يعتبر أن الخطوة ستدفع نحو زيادة أسعار العملات الأجنبية داعيا إلى منح مكاتب وشركات الصرافة تراخيص تحت إشراف المصرف المركزي.
الثلاثاء 2024/09/24
انهيار الدينار الليبي أمام الدولار

طرابلس - أغلقت الأجهزة الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس مساء الاثنين محال بيع العملة في سوق المشير، تزامنا مع تدهور سعر الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية في السوق الموازية، خصوصا الدولار الذي كسر حاجز الثمانية دنانير، فيما يأتي ذلك مع ظهور بوادر اتفاق بين مجلسي النواب والدولة بشأن حلحلة أزمة المصرف المركزي.  

وألقت أزمة المصرف المركزي وما تبعها من إغلاق النفط بظلالها على أسعار العملات الأجنبية في ليبيا، خاصة الدولار الأميركي الذي ارتفع بشكل قياسي وغير مسبوق، حيث تخطّى سعره الأحد حاجز 8 دنانير ليبي في الأسواق الموازية، وهي أكبر زيادة يشهدها منذ عام 2011، قبل أن يسجل تراجعا طفيفا حيث بلغ سعره 7.95 دينار الاثنين.

ووصف متعاملون، في تصريح لموقع "بوابة الوسط" إغلاق محال بيع العملة بـ"المفاجئ"، مشيرين إلى محاولة أصحابها استئناف نشاطهم اليوم الثلاثاء بعد الإغلاق إلا أنهم مُنعوا وتلقوا تحذيرات بشأن عدم التعامل في عمليات بيع وشراء النقد الأجنبي، ما أدى إلى تراجع سعر الدولار إلى 7.5 دينار وفق ما أفاد متعاملان في السوق السوداء في طرابلس، فيما يبلغ سعر الصرف الرسمي 4.7 دينار للدولار.

ونقل الموقع الليبي عن محمد شلابي "سمسار عملة" قوله الثلاثاء إن النشاط في السوق الموازية بطرابلس متوقف تماما، لكن هناك عمليات بيع في الخفاء، سواء باستخدام الصكوك المصرفية أو النقد المباشر.

وقد اتسعت الحملة الأمنية لتشمل قفل محال الصرافة في شارع الرشيد وأماكن أخرى في العاصمة، وقد فضل أصحابها عدم التحدث إلى وسائل الإعلام في ظل الأوضاع الأمنية الحالية.

من جانبه، أوضح الخبير المصرفي محمد أبوسنينة أن إغلاق محال بيع العملة في سوق المشير لا يعني توقف عمليات بيع وشراء النقد الأجنبي في السوق السوداء أو السيطرة على الأسعار بها، وإنما ستصبح هذه العمليات تجرى في الخفاء "تحت الطاولة" في البيوت والمقاهي والورش ومكاتب وشركات الصرافة غير المرخص لها، طالما توقفت أو عجزت المصارف التجارية عن تقديم هذه الخدمة.

وأضاف أبوسنينة في تصريح إعلامي بأن هذا الإغلاق سيدفع في اتجاه المزيد من الارتفاع في أسعار العملات الأجنبية، نتيجة زيادة درجة المخاطر المصاحبة، ولأن الأسعار في السوق الموازية يحددها الطلب على النقد الأجنبي والمعروض منه والعوامل المؤثرة فيهما، وهذا لا يرتبط بمكان أو زمان محدد، وكان الأجدى الان وفي السنوات السابقة تنظيم هذا النشاط بحيث تمنح مكاتب وشركات الصرافة تراخيص وإذن لمزاولة أعمالها تحت إشراف ورقابة مصرف ليبيا المركزي، مثل ما هو معمول به في كل دول العالم.

وأشار إلى أنه يجب أن تكون مكاتب وشركات الصرافة تحت رقابة المصرف المركزي بحيث تلتزم هذه الشركات بتقديم تقارير دورية عن المبالغ التي تقوم ببيعها وشرائها، يستطيع المصرف المركزي من خلالها إدارة سوق النقد الاجنبي والتحكم في سعر النقد الأجنبي بكفاءة، مؤكدا بأن ما نشاهده اليوم من محلات تضع على أبوبها "يافطات" شركات صرافة في مختلف الشوارع والأحياء على مرأى ومسمع كل الاجهزة الرقابية وبدون إذن المصرف المركزي يعتبر مخالفة صريحة لأحكام القانون ويشكل أحد مظاهر التشوه في سوق النقد الاجنبي في ليبيا.

وطالب المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي في تصريح لموقع "بوابة الوسط" الجهات المعنية بتنظيم سوق النقد الأجنبي، بدلا من الاعتماد فقط على الإغلاقات.

وأكد أن تنظيم الأنشطة الصرفية تحت إشراف المصرف المركزي سيسهم في استقرار الاقتصاد الليبي وحماية مصالح المواطنين، ويضمن أن تكون السوق النقدية أكثر أمانًا وشفافية، مشيرا إلى أن أسعار السوق الموازية تتحدد بناءً على العرض والطلب، وهي عوامل غير مرتبطة بمكان أو زمان محدد.

ولفت إلى أنه في حال عدم اتخاذ إجراءات تنظيمية واضحة، ستستمر الأنشطة السرية في التوسع، بينما تنظيم سوق النقد بأطر قانونية ورقابية صارمة هو السبيل الوحيد لتلافي الارتفاعات المتواصلة في الأسعار ولحماية الاقتصاد الوطني والمواطنين.

وجاءت تحركات حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة في إطار الجهود المبذولة لضبط السوق المالي، وسط آمال بأن تسهم هذه الخطوة في استقرار أسعار الصرف التي تأثرت بأزمة المصرف المركزي مما أدى إلى خفض إنتاج النفط وصادراته.

وأوقفت الفصائل في شرق ليبيا معظم الصادرات في إطار النزاع بشأن قيادة مصرف ليبيا المركزي، مما أدى إلى إعلان حالة القوة القاهرة على حقول النفط وأوقف مصدر الدخل الأساسي للدولة.

واندلعت الأزمة عندما أعلن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ومقره طرابلس، الشهر الماضي أنه سيغير محافظ البنك المركزي المخضرم الصديق الكبير، وهو ما رفضته فصائل الشرق.

ويجري المجلسان التشريعيان في ليبيا مشاورات تدعمها الأمم المتحدة لحل الأزمة، لكنهما لم يعلنا بعد عن إحراز تقدم كبير.

وأعلن أحمد لنقي عضو المجلس الأعلى للدولة، أن هناك جهودا حثيثة لتفعيل قرار البرلمان بتكليف الشكري محافظا للمصرف.

وقال لنقي في تصريحات لقناة "المسار"، "نسعى بأقصى جهد لالتئام المجلس ولم ننشغل عن أزمة المصرف المركزي".

وأضاف "نتبادل وجهات النظر مع أعضاء من البرلمان لحل أزمة المركزي وفق الاتفاق السياسي".

وبدوره، أكد عبدالمنعم العرفي عضو مجلس النواب أنه من المتوقع أن يكون هناك حل نهائي لأزمة المصرف المركزي عبر اختيار لجنة مؤقتة لإدارة المصرف.

وقال العرفي "يجب أن تتم عملية التسلم والاستلام لإدارة المصرف بشكل صحيح لمعرفة كل التفاصيل وأرصدة ليبيا واحتياطياتها.

وأعرب العرفي عن استغربه من تصريحات مستشار رئيس المجلس الرئاسي زياد دغيم باتهامه رئيس البرلمان بالمسؤولية وراء ارتفاع سعر الصرف وكأنه "مضارب في سوق المشير بطرابلس".