هل طوت ليبيا أزمة المصرف المركزي أم هناك خلافات جديدة

المجلس الرئاسي يؤيد اتفاق مجلسي النواب والدولة لكنه يتمسك بما وصفه حقه في تعيين مجلس إدارة المصرف.
الخميس 2024/09/26
شروط جديدة للرئاسي الليبي لإنهاء أزمة المصرف المركزي

طرابلس – لم يبدّد إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأربعاء، التوصل الى تسوية بين الأطراف الليبيين لمعالجة أزمة إدارة المصرف المركزي الذي يشهد تنازعا على السلطة منذ أكثر من شهر، المخاوف من أن تطفو على السطح خلافات جديدة تعيد الأزمة إلى نقطة الصفر.

وأعلنت البعثة الأممية في بيان مساء الأربعاء "في ختام جولة جديدة من المشاورات لمعالجة أزمة المصرف المركزي في ليبيا، توصل ممثلا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إلى تسوية بشأن تعيين قيادة جديدة للمصرف".

وأوضحت أن الطرفين "وقعا بالأحرف الأولى على اتفاق بشأن الإجراءات والمعايير والجداول الزمنية لتعيين محافظ ونائبه ومجلس إدارة لمصرف ليبيا المركزي".

ومن المقرر توقيع الاتفاق الخميس في حضور ممثلين للمجتمع الدولي.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة بعد هذا الإعلان ما إذا كان مجلسا النواب والدولة سيتفاق على اعتماد المرشحين لإدارة المصرف خلال مهلة الأسبوع كما نص الاتفاق أم ستظهر بينهما خلافات كالعادة؟

وظهر أول خلاف، من ممثل رئيس المجلس الرئاسي في مشاورات المصرف المركزي زياد دغيم، والذي وجه رسالة إلى القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني خوري، أكد فيها دعمه لاتفاق مجلسي النواب والدولة على تعيين محافظ جديد للمصرف المركزي، لكنه تمسك بما وصفه بحق المجلس الرئاسي في تعيين مجلس الإدارة للمصرف بناءً على الاتفاق السياسي، مطالبا بإصدار قانون ميزانية موحد لعام 2024.

وقال دغيم، في رسالته إن اختصاص تعيين مجلس الإدارة هو اختصاص أصيل للمجلس الرئاسي وفق المادة 8 فقرة 2 من الاتفاق السياسي، بتعيين كبار الموظفين، وذلك في ظل استمرار عدم وجود تشريع من البرلمان يحدد الوظائف المقصودة".

وأشار إلى أن "الاتفاق السياسي المضمن بالإعلان الدستوري بموجب التعديل الحادي عشر سنة 2018م نسخ ما يخالفه بالخصوص، بما في ذلك قانون المصارف وتعديلاته 1 السنة 2005 التي منحت الاختصاص للبرلمان بموجب اقتراح من المحافظ المنتخب".

وشدد دغيم على أن صدور تشريع برلماني (قرار أو قانون) بموجب التوافق مع المجلس الرئاسي يحدد ماهية كبار الموظفين سيساهم في حل الأزمة بشكل نهائي.

ومنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، ضمن المناصب السيادية السبعة التي يتولى مجلسي النواب والدولة اختيار شاغليها وفق المادة 15 من الاتفاق السياسي.

وكان ممثل مجلس النواب الليبي في مشاورات البعثة بشأن أزمة مصرف ليبيا المركزي الهادي الصغير، قال في تصريحات إعلامية، إنه تم التوصل إلى اتفاق نهائي وترشيح ناجي عيسى، محافظاً للمصرف ومرعي البرعصي، نائباً له، مشيراً إلى أن الاتفاق ينص على تشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف المركزي يتكون من 6 أعضاء.

وأكد الصغير، أن الاتفاق ينص على أن يتشاور المجلسان لاعتماد المرشحين للمصرف خلال أسبوع واحد، كما ينص على عدم ممارسة المحافظ ونائبه صلاحيات مجلس الإدارة في غياب الأعضاء.

وأوضح أنه سيتعين على المحافظ وفق الاتفاق ترشيح أعضاء مجلس إدارة جدد بعد أسبوعين من الاستلام، لافتاً إلى أن البعثة الأممية ستشرف على تنفيذ الاتفاق وإلغاء أي إجراءات قد تعيق تطبيقه.

ورحب النائب بالمجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني، بالاتفاق الذي توصل إليه ممثلا مجلسي النواب والدولة حول تسمية محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي ونائبه، مؤكداً أن الاتفاق سيعالج حالة الانسداد السياسي والتوافق بين المجلسين وفق الاتفاق السياسي للمضي قدماً نحو الانتخابات.

وتعليقاً على الاتفاق قال المرشح الرئاسي سليمان البيوضي في منشور عبر صفحته على فيسبوك إن "التوقيع بالأحرف الأولى ليس إلا إعلان حسن نوايا بين الأطراف، وليس اتفاقا نهائيا بل فرصة لإعادة التموضع والتفاوض وليخرج كل طرف ما في جعبته ليتم التعامل مع هواجسه ومصالحه".

وفي رسالته إلى ستيفاني خوري، دعا المجلس الرئاسي البعثة الأممية لقيادة آلية حوار مع مجلس النواب للوصول إلى قانون ميزانية موحد أو الاتفاق على ترتيبات مالية موقتة.

وقال دغيم إن السلطة التنفيذية تختص بموجب (المادة 9 فقرة 6) من الاتفاق السياسي بإصدار ترتيبات مالية موقتة عبر لجنة مالية عليا تتكون من المؤسسات المعنية.

وأشار دغيم إلى أن "السبب الرئيسي للأزمة الحالية فجرها عدم وجود قانون ميزانية يعيد للمصرف المركزي دوره الفني بعيدا عن الدور السياسي أو تحديد أولويات الإنفاق".

ووفقا لدغيم فإن قانون الميزانية يتطلب 3 اشتراطات دستورية لم تتحقق فيما أصدره البرلمان تتمثل في تقديم مشروع قانون الميزانية من السلطة التنفيذية، والتشاور مع المجلس الأعلى للدولة قبل تقديم المشروع، وإقرار مجلس النواب للمشروع بالنصاب الموصوف وفق التعديل السادس للإعلان الدستوري.

ودعا دغيم البعثة الأممية إلى قيادة آلية حوار تضمن الالتزام بالاتفاق السياسي للوصول إلى قانون ميزانية موحد أو الاتفاق على ترتيبات مالية مؤقتة، مؤكدا أن المجلس الرئاسي منفتح على حوار مباشر برعاية بعثة الأمم المتحدة مع مجلس النواب لمعالجة كافة القرارات الأحادية ذات الصلة بالأزمة المالية والاقتصادية.

وفي يوليو الماضي صادق البرلمان الليبي بالإجماع على اعتماد مخصص إضافي للميزانية العامة للدولة لعام 2024، بقيمة 88 مليار دينار (18.3 مليار دولار) لترتفع الميزانية العامة الموحدة إلى 180 مليار دينار (37 مليار دولار)، وبذلك تكون أول ميزانية بهذا الحجم في تاريخ ليبيا.

واعترض رئيس المجلس الأعلى للدولة أنداك محمد تكالة، على قانون الميزانية العامة، بسبب عدم التشاور معه حول بنوده وعدم عرضه على المجلس، وفقا لما ينص عليه الاتفاق السياسي، مشيرا إلى أنّه سيجرى الاعتراض على القانون والطعن عليه في حال إقراره دون التشاور مع مجلس الدولة.

من جهته، اشترط رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ضرورة التشاور مع المجلس الأعلى للدولة وتحقيق التوافق بين ممثلي المؤسسات الوطنية المعنية بتحديد أولويات الإنفاق العام، بالإضافة إلى موافقة 120 نائبا، من أجل تمرير قانون الميزانية العامة، داعيا إلى مزيد من الحوار بهذا الخصوص.