السوداني يدعو أصدقاء العراق إلى إنقاذ المنطقة من شرور الحرب

بغداد - دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأحد، المجتمع الدولي إلى "إنقاذ المنطقة من شرور حرب، لا تُبقي ولا تذر"، وذلك بعد يومين من مقتل جنديين إسرائيليين بانفجار مسيرة في هجوم نُفذ من العراق، وسط خشية بغداد من انجرارها إلى الحرب في ظل تصعيد الفصائل المسلحة الموالية لإيران.
وخاطب السوداني، في الذكرى السنوية الأولى لهجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي "كل الأصدقاء، وبالخصوص الرئيس الأميركي جو بايدن، ودول الاتحاد الأوروبي"، وقال "نقف على أعتاب منزلق خطير، قد يجرّ المنطقة والعالم إلى حروب مستمرة ويهز الاقتصاد العالمي ويعرّض التنمية إلى انتكاسة كبرى، لاسيما أن منطقتنا تمثل الرئة التي يتنفس منها العالم بالطاقة".
وأضاف السوداني في بيانه "نثمن الموقف المهم للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي دعا فيه لوقف توريد السلاح للكيان الغاصب، والعمل على إنهاء الحرب، لأنه موقف ينبع من تقدير حقيقي الخطورة الأوضاع في المنطقة".
وأوضح أن حكومته "عملت بجهد كبير لتجنيب العراق آثار هذا التصعيد، ونجحنا في ذلك بمعيتكم وبالتعاون مع جميع الأصدقاء في العالم، وتتطلب المرحلة الراهنة مضاعفة جهودنا، وأن يكون على رأس أولوياتنا إيقاف استهداف المدنيين، وإنقاذ المنطقة من شرور حرب لا تبقي ولا تذر، ولن يكون فيها رابح سوى منطق القتل والتخريب والدمار، كما نؤكد أن العراق سيواصل جهوده ومساعيه مع الدول الصديقة والشقيقة، والعمل المشترك من أجل التهدئة، وعدم اتساع الصراع الذي يؤثر على أمن المنطقة والعالم".
وتأتي دعوة السوداني في وقت حساس للغاية في ظل استعداد إسرائيل لتوجيه ضربة إلى إيران ردا على هجومها الصاروخي الأسبوع الماضي، ربما قد تستهدف المنشآت الاستراتيجية النفطية والنووية، فيما تهدد الميليشيات العراقية الموالية لطهران بحرب موانئ إذا ما استهدفت الدولة العبرية منشآت نفطية إيرانية، وهو ما من شأنه أن يضع العراق ضمن نطاق الاستهداف الجغرافي الإسرائيلي.
وتسعى الحكومة العراقية إلى تجنب الانخراط في الصراع من خلال حراك دبلوماسي سريع جدا خلال هذه الأيام عبر ثلاث مسارات، أولها باتجاه واشنطن لممارسة ضغوط على إسرائيل، وثانيها شرقا باتجاه إيران لتمارس مزيدا من التأثير على الفصائل في العراق، بألا يُتخذ ساحة لانطلاق الهجمات، أما المسار الثالث باتجاه المبادرة التي أطلقتها المملكة العربية السعودية في أواخر سبتمبر الماضي من خلال تشكيل "التحالف الدولي لتنفيذ لحل الدولتين" في مسعى لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وبينما يسعى العراق إلى البقاء بعيدا عن دائرة التصعيد الذي تشهده المنطقة منذ أكتوبر الماضي، تدفع أنشطة الميليشيات العراقية الموالية لإيران إلى جعل العراق طرفا في حرب لا يريدها.
والجمعة، قتل جنديان إسرائيليان جراء انفجار مسيّرة "قادمة من الشرق"، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي، بينما أفادت شبكة "كان" العامة بأن الطائرة أطلقت من العراق وأصابت قاعدة عسكرية في الجولان.
وأعلنت جماعة مدعومة من إيران تطلق على نفسها اسم "المقاومة الإسلامية في العراق"، في بيان أن مقاتليها هاجموا "فجر الجمعة ثلاثة أهداف بثلاث عمليات منفصلة في الجولان وطبريا (...) بواسطة الطائرات المسيّرة".
ورغم محاولة بغداد تجنب الانخراط في الصراع عبر الحراك الدبلوماسي والتنسيق مع الدول الكبرى ودول المنطقة لمنع توسع نطاق الحرب، إلا أن فرص عدم انجرار العراق إلى الحرب ضئيلة بعد أن اتخذت الميليشيات قرار الحرب الذي تمتلكه الدولة العراقية.
ويرجح مراقبون احتمال تعرض مقار تابعة لميليشيات موالية لإيران في العراق إلى الاستهداف، جراء شنها هجمات على إسرائيل.
وكان أبوعلي العسكري، المسؤول الأمني في كتائب حزب الله العراقي، قد هدد بحرق المنشآت النفطية في المنطقة. وقال العسكري عبر حسابه على موقع إكس "إذا بدأت حرب الطاقة سيخسر العالم 12 مليون برميل نفط يوميّا، وكما قالت كتائب حزب الله سابقا، إما ينعم الجميع بالخيرات أو يحرم الجميع".
وبدوره شدّد المتحدث باسم كتائب “سيد الشهداء”، كاظم الفرطوسي، على أن "الدستور العراقي لا يمنع (الفصائل) من الرد على الانتهاكات الإسرائيلية".
وأضاف في حوار مُتَلفز “لدينا أسلحة مهمة. نستطيع أن نهدد بملف الطاقة، كما فعلت روسيا حين قلبت سوق الغاز العالمية في حرب أوكرانيا”. وتابع “إذا لم يرتدع هذا الكيان عن القتل، فسنذهب بعيدا، وبإمكاننا استهداف القواعد العسكرية في الخليج العربي، وسيكون ملف الطاقة هو الفيصل".
لكن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، أكد أن تصريحات "أبوعلي العسكري" حول "إطلاق حرب الطاقة" تمثل رأيه ولا تمثل وجهة نظر الحكومة وقال إنها ربما تأتي ضمن الحرب الإعلامية.
وأوضح في لقاء متلفز له على القناة الرابعة الفضائية العراقية الأحد أن العراق يعتمد بالكامل على النفط، واستبعد مشاركة بلاده بتقديم مساعدات عسكرية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وتعليقا على ما إذا كان العراق ضمن محور المقاومة أم صديقا للولايات المتحدة، أكد الأعرجي أن العراق محور بحد ذاته، مشيرا إلى أن المرجعية (المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني) حاولت السيطرة على مشاعر العراقيين العالية تجاه الأحداث في فلسطين ولبنان، من خلال بيانها وحصرت الدعم بالإغاثة تجنبا لجر البلاد إلى قضايا غير محسوبة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، ركزت بغداد على أن تكون جزءا من الحراك الإنساني في غزة ولبنان، ولم تشأ الخوض في الصراع العسكري.
وفي الخامس من أكتوبر الحالي، أشار المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، إلى أن "بغداد بذلت جهوداً استثنائية محلية وإقليمية ودولية، لإبقاء العراق بعيداً عن ميدان الحرب".
وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية، إن "الحكومة تواصلت مع كل الأطراف المعنية داخلياً وخارجياً، وأرسلت الرسائل الواضحة بأن تعريض استقرار العراق للخطر، ستنتج عنه أجواء سلبية تضر بالمصالح العليا للبلد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً".
ومع ذلك، تواجه الحكومة العراقية تحديات داخلية كبيرة تتمثل بوجود فصائل مسلحة تتحرك وفق قرارات ولي الفقيه في إيران، وطالما استخدمت هذه الفصائل الأراضي العراقية كقاعدة لإطلاق صواريخ ضد قوات التحالف الدولي الموجودة في العراق بالاتفاق مع الحكومة العراقية، وضد إسرائيل منذ تفجر الصراع عقب هجوم حماس على إسرائيل في السابق من أكتوبر الماضي.