كيف ستتعامل السلطات في تونس مع المطالب القطاعية قبل الانتخابات

الشخصيات التي تنوي تقديم ترشحها للانتخابات الرئاسية تزيد من سقف الوعود، حتى تحرج السلطة من جهة وأملا في كسب ود الناخبين من جهة أخرى.
الثلاثاء 2024/04/23
مطالب بتسوية الوضعيات قبل موعد الاستحقاق الانتخابي

تونس - تجد الحكومة التونسية نفسها أمام تزايد المطالب القطاعية الداعية إلى تحسين أوضاع العمال في عدد من القطاعات، وذلك قبل أشهر قليلة على الاستحقاق الانتخابي الرئاسي المزمع إجراؤه الخريف المقبل، وهو ما يطرح كيفية تعاملها مع هذه الوضعية حتى تصل إلى الموعد الانتخابي في أحسن الظروف.

وتقول أوساط سياسية إن النقابات المدافعة عن حقوق العمال في عدد من القطاعات باتت تستغل الظرفية الانتخابية من أجل تحقيق ما يمكن تحقيقه.

من جهتها تزيد الشخصيات التي تنوي تقديم ترشحها للانتخابات الرئاسية، وأهمها المعارضة، من سقف الوعود، حتى تحرج السلطة من جهة وأملا في كسب ود الناخبين من جهة أخرى، وترى أنه مادامت السلطة فتحت ملف آليات التشغيل الهشة (ملف عمال الحضائر)، عليها أن تنظر في مختلف الوضعيات ومن بينها المدرسون الذين يمتلكون شهادات عليا.

وأكدت وفاء دالنسي المتحدثة باسم التنسيقية الوطنية للمعلمين النواب، الاثنين، أنه “من المنتظر تنظيم يوم غضب الأربعاء 24 أبريل أمام مقر وزارة التربية للمطالبة بتسوية وضعياتهم والقضاء بصفة نهائية على التشغيل الهش”.

محمد العربي العياري: السلطة قد تذهب في عرض اتفاقيات مبدئية مع تلك القطاعات
محمد العربي العياري: السلطة قد تذهب في عرض اتفاقيات مبدئية مع تلك القطاعات

وأوضحت في تصريح لإذاعة محلية أن “يوم الغضب المبرمج يأتي بعدما ذهب في الاعتقاد، إثر تحرك يوم 18 يناير الماضي ولقاء ممثل عن رئاسة الجمهورية، أنه تمت تسوية الوضعية”، مؤكدة أنه “لا شيء تحقق إلى حدّ الآن”.

وتساءلت دالنسي عن “سبب عدم تنظيم جلسة بين الوزارة وجامعة التعليم الأساسي إلى حد الآن، في حين أن الوزيرة عقدت جلسة مع جامعة التعليم الثانوي”، قائلة “نحن وجهنا مراسلة للوزيرة واتصلت بنا الكتابة وانتظرنا ولا نرغب في تجاوز الجامعة العامة للتعليم الأساسي باعتبارها مفاوضنا الوحيد، لكن للأسف لم يتم الاتصال بنا وعدد المعلمين النواب يقدر بحوالي 3500 وهناك زملاء تم إقصاؤهم هذه السنة وبالتالي هم لا يحصلون على رواتب وعددهم حوالي 400 مدرس.. ومثلما تعلمون العقود لمدة 9 أشهر والمعلم يتقاضى 930 دينارا (294.77 دولار) من مجموع 1200 دينار (380 دولارا) ورغم الاقتطاعات لا وجود لتغطية صحية”.

وشددت على أن “المعلمين النواب يطالبون بتسوية وضعياتهم وعلى أن الحل يكمن في القطع النهائي مع سياسة التشغيل الهشة”.

ولم يستبعد مراقبون أن تستجيب السلطة لتلك المطالب الفئوية مع تأجيل التنفيذ إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وذلك من خلال عقد اتفاقيات مبدئية يتم فيها التفاوض على مراحل، نظرا لصعوبة الأوضاع المالية للبلاد.

وأفاد الباحث في العلوم السياسية محمد العربي العياري أن “الطرف النقابي يستغل السنة الانتخابية، وكل مترشح يحاول أن يلبّي المطالب القطاعية بحزمة من الوعود لكسب ود الناخبين، وهذا التفكير السياسي المنطقي والطبيعي”.

وأكد لـ”العرب” أن “السلطة ستضطر ربما لتحقيق هذه المطالب، وهي تريد أن تذهب إلى الانتخابات بالمعادلة الصفرية (صفر مشاكل)، لكن الرئيس قيس سعيد عوّدنا بالقول بأن ليس له برنامج، وربما سيقدم خطابا بأنه ليس مستعدا لتحقيق المطالب، أو ربما ستفتح السلطة باب الحوار في بعض القطاعات”.

المنذر ثابت: السلطة ستحاول إرضاء بعض القطاعات على مراحل
المنذر ثابت: السلطة ستحاول إرضاء بعض القطاعات على مراحل

ولفت العياري إلى أنه “من غير المستبعد أن تذهب السلطة في عرض اتفاقيات مبدئية مع تلك القطاعات وهي عملية لشراء الوقت في انتظار حدث مّا، وقد يغير الرئيس سعيد إذا ما تم انتخابه لولاية ثانية السياسات الحكومية وتعديل البرامج العمومية”.

وقررت النقابات الأساسية التابعة للجامعة العامة للنفط والمواد الكيمياوية بالاتحاد العام التونسي للشغل، الدخول في إضراب عن العمل يومي 25 و26 أبريل الجاري بكامل مقرات العمل في المؤسسات التابعة لشركات توزيع المحروقات، وذلك إثر فشل المفاوضات مع الغرفة النقابية لشركات توزيع المواد النفطية.

وأفاد موقع ”الشعب نيوز” التابع للاتحاد العام التونسي للشغل بأن “الجامعة العامة للنفط والمواد الكيمياوية كانت قد وجهت برقية الإضراب إلى وزراء الداخلية والصناعة والشؤون الاجتماعية والتجارة وولاة تونس وبن عروس وقابس وصفاقس وبنزرت ومدنين ورئيس الغرفة النقابية وشركات توزيع المواد النفطية والرؤساء المديرين العامين والشركات فيفو إينرجي، أولا إينرجي، وطوطال إينرجي، وستار أويل، وشركة بوتا قاز، والشركة التونسية للزيوت برادس وشركة غاز الجنوب والاتحادات الجهوية للشغل بتونس وبن عروس وقابس وصفاقس وبنزرت ومدنين”.

وتطالب الجامعة بتطبيق محاضر جلسات بتاريخ 09 فبراير 2011 و31 مارس 2011 الخاص بإنهاء العمل بمناولة اليد العاملة في جميع شركات توزيع النفط ومشتقاته وبجميع مواطن العمل التابعة للشركات المذكورة بكامل تراب الجمهورية طبقا للفصل 10 من الاتفاقية المشتركة والزيادة في منحة الإحالة على التقاعد والزيادة في منحة الإنتاج والإنتاجية.

وتمثل الصعوبات المالية عائقا أساسيا أمام السلطة من أجل معالجة مختلف الأزمات القطاعية، في المقابل قد تفتح السلطة باب الحوار مع تلك القطاعات في مسعى لحلحلة الصعوبات وتهيئة مناخ مناسب لإجراء الانتخابات.

وقال المحلل السياسي المنذر ثابت “قد نشاهد انفلاتا قطاعيا ونقابيا في المرحلة القادمة، والإشكال هو مالي بالأساس بالنسبة إلى التصرف في هذه المطالب، والسلطة ستحاول إرضاء بعض القطاعات المنتفضة ولو على مراحل، لأن هناك قطاعات تمثل ركيزة أساسية في العملية الانتخابية مثل التعليم والنقل والبريد”.

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “المسألة حيوية بالنسبة إلى السلطة والرئيس سعيد، وهو مطالب بتقديم برنامج لأن طبيعة الرهان تقتضي أن يكون قيس سعيد واضحا وصريحا مع تغيير البرنامج والتصورات والأفكار، مع تحول نوعي في الخطاب”.

وتوصلت الحكومة التونسية منذ أيام إلى تسوية وضعية عملة الحضائر وقامت بتوزيع عملة الدفعة الثانية الذين تعذّر عليهم الحصول على تعيين عبر المنصّة الرقمية، وذلك على المراكز الشاغرة المتبقية وفقا للتراتيب الجاري بها العمل.

وأوضحت رئاسة الحكومة في بلاغ، الأربعاء، أنّه يمكن لعملة الحضائر الدفعة الثانية الولوج إلى المنصّة الرقمية للاطلاع على مراكز تعيينهم، مشيرة إلى أنّه سيتم توجيه إرساليات قصيرة لإعلامهم بذلك، كما ستتولى الوزارات دعوتهم لاستكمال ملفاتهم الإدارية والتثبت فيها قبل دعوتهم لمباشرة أعمالهم.

4