"دوندور" قصة نرويجية للطفل تحولت من فيلم كرتوني إلى كتاب

قصة ملهمة لثلاثة وحوش تداعب خيال الأطفال أينما كانوا.
الخميس 2024/02/29
عمل مبتكر بين الكاتب والرسام

الكتابة للطفل تعتمد أساسا على الخيال الخلاّق، والخروج عن المتداول والعادي إلى ما هو غير مطروق، وهذا ما نجح فيه خاصة الكتاب الغربيون أمثال النرويجي إندري لوند إريكسن صاحب التجربة المميزة في عالم أدب الطفل مبدعا ومدرسا، وها نحن إزاء قصة مبتكرة يقدمها بشخصيات غير مألوفة، ويحولها من عمل سينمائي إلى نص أدبي.

ثلاثة وحوش صغيرة تعيش بعيدا عن الناس في مكان في الجبال اسمه  Dunderly، نظرا إلى أن الناس يخافون من الوحوش، فقد وجدت الوحوش مخبأ سريا حيث يمكنها العيش معا. على الرغم من أن الوحوش مختلفة تماما عن بعضها البعض، وفي بعض الأحيان تتجادل، لكن عليها أن تعيش معا على الرغم من اختلافاتها وتحاول معرفة كيفية التعامل مع هذه الاختلافات.

بالرغم من أن أبطال القصة التي أستعرضها هنا واسمها “دوندور” (Dunder) وهي أحد كتب سلسلة Dunderly هم الوحوش الثلاثة، بولدر، موديكا، ليكس، إلا أننا نجد في مشاكلها ما يشبه مشاكل الأطفال اليومية في أي مجتمع، فبولدر في القصة وحش غيور وأناني ومتملك، يريد أن يستحوذ على اللعب مع صديقته موديكا وحده، وما إن يظهر ليكس في الصورة ويبدأ في اللعب مع موديكا ويأخذ انتباهها، حتى تترك بولدر وحده، تأخذه الغيرة ليفكر في خطة شريرة يبعد بها ليكس عن موديكا، وبالفعل ينفذ بولدر خطته ليستدرج ليكس داخل الكهف ويغلق عليه الكهف بكرة ثلج كبيرة ويتركه وحده، وحين تأتي موديكا بمشروب ليكس المفضل الذي ذهبت لإحضاره له، لا تجد سوى بولدر، فيفوز هو بالمشروب وبصحبة موديكا، إلى أن تنتبه موديكا لغياب ليكس الطويل، فتصرخ باسمه، فيشعر بولدر بالسوء ويتساءل: ما هو حال ليكس الآن وحده في هذا الكهف.

ثلاثة وحوش

رغم أن أبطال القصة هم ثلاثة وحوش إلا أننا نجد في مشاكلها ما يشبه مشاكل الأطفال اليومية في أي مجتمع
◙ رغم أن أبطال القصة هم ثلاثة وحوش إلا أننا نجد في مشاكلها ما يشبه مشاكل الأطفال اليومية في أي مجتمع

وليتجنب لوم موديكا إذا كشفت حيلته، وماذا فعل مع ليكس، قرر أن يوهمها بأنه سيبحث معها، ليطلب منها أن تبحث بالاتجاه البعيد عن ليكس ويسرع هو نحو الكهف، يزيح الكرة، ينادي: ليكس، ولكن لا مجيب، يتقدم من الحفرة الكبيرة داخل الكهف خشية أن يكون ليكس قد وقع بها، ليقع هو بها. يكشف لنا الكاتب لماذا ليكس محبوب ومفضل لموديكا فقد أنقذ بولدر مرتين، الأولى حين أخرجه من الحفرة، مستخدما الكوفية

التي أعطتها له موديكا، والثانية حين كانت موديكا على وشك أن تكشف ما فعله بولدر، فيأتي ليكس ويخبرها بما اكتشفه بولدر في الكهف من ورد مجمد داخل أشكال رائعة من الثلج، وفي نفس الوقت غمز بعينه لبولدر أنه لن يخبر موديكا، ليمسك ليكس بكف بولدر الذي اكتشف في تلك اللحظة أن ليكس هو صديقه المقرب أيضا، ولتمسك موديكا بيد بولدر الثانية، ويمشي ثلاثتهم ويلعبون سويا من جديد.

كتب Dunderly هي في الواقع ثلاث سلاسل من الكتب عن وحوش، هناك كتب عن الوحش الصغير Moi للأطفال الصغار، وكتب مصورة للأطفال الأكبر سنا (4+)، وروايات مصورة للأطفال فوق 6 سنوات، تمت ترجمة أغلبها إلى اللغة الصينية، وترجم أحدها إلى الإنجليزية وهو هذا الكتاب.

تم إنشاء عالم Dunderly بالتعاون بين الكاتب Endre Lund Erikson  والرسام  Endre Skandfer، وهو أيضا مخرج فيلم الرسوم المتحركة القصير “دوندور“، حيث تم إنتاج الفيلم أولا، ثم عمل الكتاب، واللافت للنظر بشدة في رسوم الكتاب هو استخدم الرسام التقنية التي ميزت الفيلم والكتاب وهي: شخصيات CGI ثلاثية الأبعاد مدمجة مع خلفيات تمثل نماذج حقيقية، والتي تم تصويرها أولا، ثم تم تحريك الشخصيات ثلاثية الأبعاد في برنامج Blender، وتركيبها مع الخلفيات.

فصور الجبال والثلج والكهف وكرات الثلج كلها حقيقية، والفكرة في حد ذاتها جديدة، وأخرجت الكتاب بشكل أراه مبهرا. رسم الشخصيات للوحوش الثلاثة، بولدر: غيور، أناني، يحب موديكا، يخجل من خطئه. موديكا: محبوبة، تهتم بمن حولها، ميزت ليكس باللعب. ليكس: خفيف الظل، طيب القلب، ذكي، متسامح.

◙ اللافت في لغة الفيلم أنها بسيطة فهي تعتمد بشكل أساسي على الإشارات وبالتالي فإن لغة الفيلم مفهومة للأطفال بشكل عام

إكسسوارات الشخصيات، حيث ترتدي موديكا طوق شعر من الخرز، سلسلة، وردة في شعرها، كوفية تضعها حزاما على وسطها، أهدتها لليكس وكانت سببا في إنقاذ بولدر من الحفرة، أما بولدر فكان يرتدي حلقا في حاجبه، وهي مقبولة في الثقافة الغربية وغير مقبولة في ثقافتنا، أما ليكس فلم يكن يرتدي أي إكسسوارات، حتى أهدته موديكا الكوفية.

اللافت في لغة الفيلم أنها بسيطة، فهي تعتمد بشكل أساسي على الإشارات، وأصوات الضحك، الكحة، العطسة، أسماء الوحوش الثلاثة، أصوات لكلمات مفهومة مثل “Wow” أو    “Come Come” وبالتالي لغة الفيلم مفهومة للأطفال بشكل عام.

غلاف الكتاب الأمامي، فيه صورة الوحوش الثلاثة، يتوسطها بولدر، وهو يحاول أن يبعد ليكس عن موديكا وهم يقفون على الجليد الحقيقي ويظهر ظل الشخصيات وكأنهم بالفعل في المكان بشكل حقيقي، واسم السلسلة والمؤلف والرسام واسم الكتاب، أما الغلاف الخلفي، ففيه مشاهد تشبه شريط السينما لأهم أحداث القصة، أولا: موديكا وبولدر يلعبان وحدهما، ثم ليكس وموديكا وحدهما، ثم بولدر وحده يتربص بهما ويخطط لإبعاد ليكس، وأخيرا بولدر وهو خجل من ليكس بسبب ما فعله به.

كما توجد نبذة عن الكتاب وشخصياته، ونبذة عن الفيلم الذي تم إنتاجه كأول فيلم في سلسلة “Dunderly”، ونبذة للتقنية التي تم استخدمها Endre Skandfer في الفيلم والكتاب وهي دمج الرسوم المتحركة مع الصور الفوتوغرافية.

الكاتب والرسام

◙ أعمال موضوعات ذات صلة بالتجارب والتحديات التي يواجهها الشباب
◙ أعمال موضوعات ذات صلة بالتجارب والتحديات التي يواجهها الشباب

جدير بالذكر أن الكاتب النرويجي إندري لوند إريكسن المولود عام 1977 في بودو، بالنرويج، هو كاتب ومنتج ومخرج سينمائي وكاتب مسرحي، يعمل رئيسا لبرنامج الماجستير في الكتابة الإبداعية للشباب في المعهد النرويجي لكتاب الأطفال. وهو معروف بإسهاماته في الأدب، خاصة في مجال أدب الأطفال والشباب. ويشار إلى أن إريكسن نال استحسانا لقدرته على جذب القراء وإبهارهم بقصصه الخيالية وشخصياته المفعمة بالحيوية.

غالبا ما تستكشف أعماله موضوعات ذات صلة بالتجارب والتحديات التي يواجهها الشباب، وتقدم نظرة ثاقبة لوجهات نظرهم وعواطفهم. يتميز أسلوب إريكسن في الكتابة بمزيج من الفكاهة والتعاطف والفهم العميق لتعقيدات النمو. طوال حياته المهنية، حصل إريكسن على العديد من الجوائز والترشيحات لإنجازاته الأدبية، مما عزز مكانته كشخصية معتبرة في الأدب النرويجي. تُرجمت أعماله إلى لغات متعددة، مما أتاح لجمهور أوسع تقدير عمق وعالمية أدبه.

◙ موضوعات روايات إريكسن تتعدد بين مجالات المغامرة أو الصداقة أو اكتشاف الذات، والتي لاقت صدى كبيرا لدى القراء

تتعدد موضوعات روايات إريكسن بين مجالات المغامرة أو الصداقة أو اكتشاف الذات، والتي لاقت صدى كبيرا لدى القراء من مختلف الأعمار، مما أظهر تنوعه ككاتب. ويقول عن نفسه "إنني أحاول سرد القصص من وجهة نظر الأطفال، وأن أكون صادقا مع عالمهم. أي شيء قد يحدث في حياة الطفل يمكن سرده في قصة أطفال، إذا تم سرده بالطريقة الصحيحة، كثيرا ما أكتب عن القضايا الاجتماعية والمواضيع الجادة، لكن أمزج بين الفكاهة والتشويق. لقد كتبت لجميع الفئات العمرية من الأطفال والشباب".

أما الرسام النرويجي إندري سكاندفر فهو رسام نرويجي، ومدير فني، ورسام رسوم متحركة، ومخرج أفلام. لقد عمل على أفلام الرسوم المتحركة والمؤثرات البصرية للعديد من الأفلام والبرامج التلفزيونية، مثل The Little Rescue Boat Elias، وFantorangen، Skylappjenta، وCaptain Sabertooth.

كما تعاون أيضا مع رونالد كابيتشيك وبيارت أجدستين في سلسلة الكتب المصورة “كروجر وكروج”. يتأثر أسلوب رسمه وصورته بأسلوب الرسوم المتحركة الكلاسيكي الشهير مع الأشكال البلاستيكية والتركيبات الدرامية والظلال والألوان والمؤثرات البصرية الأخرى.والكتاب إصدار FABELFJORD، عام 2016، أما الفيلم فهو من إنتاجMerete Korsberg Dalsbo.

12